أوكرانيا الجريحة.. وروسيا المتخبطة

حسين الوادعي
الثلاثاء ، ٠١ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٠١:١٨ صباحاً
مشاركة |

الأزمة في أوكرانيا عاطفية جدا بالنسبة للغرب. لا يعود هذا فقط إلى أن الأوكرانيين "يشبهوننا" كما ظهر  في الخطاب الإعلامي لتغطية اللاجئين الأوكران، لكنه يعود إلى وضع أوكرانيا كامتداد غربي داخل "الشرق".

وأنا أدين كل تفاصيل الفاشية الروسية ضد اوكرانيا، لست مخدوعا بالخطاب الحكومي الغربي حول "الدفاع عن الديمقراطية ".

فأوكرانيا ليست غربية تماما بل هي "شبه غربية" و"شبه متحضرة" حسب الخطاب الصادم لمذيع شبكة سي بي سي "Reltively civilized, relatively western الذي اعتذر عنه لاحقا.

الأوكراني غربي "درجة ثانية" وهي نفس المرتبة التي يحتلها سكان شرق أوروبا.

لا تخاف أوروبا من موجة لجوء أوكراني من البلد ذو التعداد السكاني الكبير (44 مليون نسمة)، فالخوف من اللاجئين "الشرق الأوسطيين" ليس خوفا من كثرتهم ولكن بسبب  ثقافتهم المختلفة التي تهدد هوية اوروبا حسب خطاب اليمين المتطرف.

أما بالنسبة للاوكران فهم مثلنا  "عيونهم خضر وشعرهم أشقر ويشاهدون نتفلكس" حسب نفس الخطاب العاطفي المتحيز.

في الصراع الجديد صار دور اوكرانيا كدولة "غربية نسبيا" وكغربيين "درجة ثانية" أن يتحولوا الى مستنقع لحرب استنزاف طويلة ضد روسيا.

في هذه الحرب استخدمت أوروبا وأمريكا كل العقوبات الرسمية المشروعة، لكنها أيضا تجاوزت إلى عقوبات مخالفة للقانون الدولي، كالترويج لارسال ميليشيات إلى اوكرانيا وهو تصرف يعتبر دعما للإرهاب الدولي، أو حظر مشاركة روسيا في المناسبات الرياضة وهو خلط مرفوض بين السياسة والرياضة ، إضافة الى توقيع عقوبات تؤثر على المواطن الروسي العادي الرافض للحرب أكثر مما توثر على النظام، وهو تعثر أخلاقي إنساني.

قضية اوكرانيا عاطفية جدا لأن الضحية شبه غربي "ويشبهنا"، وعليه لن تتوانى أوروبا عن استخدام كل الاساليب المتاحة، ليس لانقاذ اوكرانيا وانما لتحميل "نصف الغربي" عبء الدفاع عن أمن الغربي الكامل.

يبدو لي أخيرا ان هناك خاسرين اثنين في هذه الحرب: اوكرانيا الجريحة التي تقدم نموذجا مبهرا للمقاومة الوطنية، وروسيا المتخبطة والمخدرة بوهم الردع النووي.

يقدم بوتين أسوأ نموذج  للديكتاتور المعزول حتى عن أقرب رجال دولته، فهو يظهر في الصور بعيدا عنهم بما لا يقل عن  أربعة أمتار، ويظهرون متوترين ومهانين أمام نرجسيته المجنونة. لكن بوتين هو الشخصية المناسبة لقضية عاطفية تجمع الغرب حول شخصية البطل "الكومبارس" الذي يصارع الشرير ويموت من أجل البطل النجم.

أما اتعس اطراف الصراع فهم المهللون للحرب نكاية في الغرب. فهم نموذج للتشوهات الفكرية والأخلاقية والسياسة التي عصفت بالمجتمعات "العالمثالثية" وشوهتها.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!