جورج ولويس وعلي!

حسين الوادعي
الجمعة ، ٠٣ سبتمبر ٢٠٢١ الساعة ١١:٢٣ مساءً
مشاركة |

البعض تصيبهم لعنة الاسم.

تلاحقهم حتى انها تحجب عن الناس قراءة نتاجهم الفكري لأن العيون تظل مشدودة إلى الاسم أو اللقب الذي يشير إلى انتماء مذهبي أو عرقي.

تحدث جورج طرابيشي عن أزمة اسمه "غير العربي" الذي جعل مساهماته في نقد القومية العربية ونقد الإسلام تتعثر وتختفي امام ضباب مدلولات الاسم.

لم يكن للانتماء المسيحي أدنى تأثير في افكاره، فهو علماني وملحد، وكتاباته تأثرت بالماركسية في البداية ثم بالفرويدية ثم بالعقلانية الليبرالية في نهاية حياته. لكن كيف يمكن ل"جورج" أن ينقد العقائد العربية الكبرى دون ان تلتفت العيون لاسمه قبل قراءتها لافكاره؟!

لكن الأزمة كانت اعمق مع لويس عوض. لقد ظهر ناقدا صلبا للقومية العربية في عز صعودها، ومناديا بالارتباط بالغرب الراسمالي في العصر الذهبي للدعوة الاشتراكية، ثم مفككا للأساطير الدينية عن الاصل الميتافيزيقي اللغة العربية في ذروة صعود الحركات الاسلامية.

كان لويس عوض علمانيا لادينيا لا دور لخلفيته الدينية في افكاره، لكن التاريخ لا يرحم مثقفي "الاقليات" المتمردين.

 والصورة أكثر تعقيدا فيما يتعلق بادونيس.

تخلى ادونيس عن اسمه الشيعي (علي) لصالح اسم وثني، لكنه ظل متهما بتاثير خلفيته "العلوية".

 ظهر ادونيس منذ البداية نموذجا للمثقف العربي الذي يتكلم لغة واحدة صريحة وغير مراوغة. فهو يعلن الحاده بصراحة، ويطالب بوضوح بالقطيعة مع التراث، وينتقد الربيع العربي في عز قوته.

ان كل من قرأ كتبه الاساسية لن يجد أدنى تأثير لأي انتماء مذهبي في كتاباته. وهو في الحقيقة لم يؤيد الثورة الايرانية حسب الاعتقاد الشائع، بل تشكك فيها منذ الأيام الأولى، في حين ان مثقفين غربيين مثل ميشيل فوكو، ومثقفين "سنيين" وماركسيين وقوميين مثل احمد بهاء الدين وحسن حنفي وهيكل وفهمي هويدي وانور عبد الملك ورضوان السيد ووجيه كوثراني والياس خوري (من بينهم مسيحيين ايضا) استمروا في تبجيلها سنوات طويلة.

وكان نقده للربيع العربي منطلقا من فكرة اثبتت الاحداث انها صحيحة وهي ان الطابع "الاسلامي" للربيع سيحوله الى جحيم لا يطاق.

لكن لعنة الاسم لا تنفصل عن لعنة الايديولوجيا. فالمثقفون الثلاثة المدانون هراطقة كبار، غير منتمين لأي قبيلة حزبية. لهذا يعاقب الخارج على القبيلة بلعنة الالغاء.

تزداد الظاهرة حدة اليوم في عصر الطوائف القاتلة. ليس بالضرورة ان تكون بنفس قامة ادونيس وطرابيشي وعوض. قد تتحول رغما عنك إلى عدو لطرف ما لأن لديك لقبا او اسما محملا بدلالات معينة. قد لا تعني هذه الدلالات شيئا لصاحب الاسم، لكنها تعني كل شيء لمن يراقبونه وينظرون له في مراياهم المقعرة.  

سيتم قولبتك مرة واحدة وللأبد..سيقرؤون اسمك ولقبك فقط .. وسيكون هذا بالنسبة لهم.. كل شيء!

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!