المجلس السياسي والكارثة الإقتصادية

فضل الكهالي
الأحد ، ١٨ ابريل ٢٠٢١ الساعة ٠٥:٢٥ مساءً
مشاركة |

 

 

السلطات الفاشلة تخلق أبطالا بلا بطولات ولاعبين جُددا يلعبون بلا قواعد. ويشرعنون لأنفسهم ما ليس من حقهم، ويحصّنون أنفسهم بشتى الطرق، وذلك ما فعله المجلس السياسي بصنعاء عندما قرر سحب العملات المطبوعة حديثاً من الأسواق. كان حصنهم الحصين وقتها عدة قوانين وتشريعات منافية للسلوكيات المالية ولأبجديات العمل الاقتصادي، وراح ضحيتها ملايين اليمنيين من "العوام" و "الموظفون" الذين اجبروا على التضحية بمدخراتهم بحجة ان الطبعات الجديدة طبعت دون غطاء نقدي من قبل البنك المركزي الذي كان قد نقل الى العاصمة عدن من اجل ممارسة صلاحياته العادية دون ضغوطات.

 

ماقام به المجلس السياسي يُعدّ خرقا للعمل المصرفي واحتيالا على البسطاء وخطوة ساهمت بتضاعف عملية غسيل وتبييض الأموال، بسبب الفجوة النقدية التي احدثتها بين جنوب الوطن وشماله. كما أن ضغطهم على المواطنين من أجل التضحية بالعملات النقدية المطبوعة حديثا يعدّ جُرما شنيعا، يُحاسب عليه القانون وكان من المفترض ان يتدخل المجتمع الدولي لحسم الأمر، بإعتبار ذلك يُعد اساءة لكل من تربطه سياسات إقتصادية ومالية بالجمهورية اليمنية.

 

فالعالم بأسره على دراية بأن عمل البنوك تكامليّ ويرتبط بصندوق النقد والبنك الدوليين بصورة مباشرة، ما يجعل احتكار نشاط البنوك او الهيمنة عليه أمراً بالغَ الصعوبة والتعقيد، وفي حال كان هناك إصرار على اختراق المنظومه المصرفيه، فعلى الجميع الوقوف ضده بحزم. وفي سبيل تحقيق ذلك فأن الواجب الإخلاقي يُحتّم:

-فرض التعامل بالنقود المطبوعة حديثا باعتباره أمرا بدهيا، لا سيما بعد دخولها إلى الأسواق مباشرة، إذ إن الأثر المالي قد وقع على الاقتصاد ككل.

-ايقاف التعامل بالنقد التالف، المهلك دفترياً في السابق بوصفه يضاعف الضرر الإقتصادي، و يمثل ضربة للقطاع المصرفي و لعمل الصرافين في جميع محافظات الجمهورية، وقد يشلّ الحركة المصرفية، ما سيمهّد الطريق للسيطرة عليه من قبل القلة القليلة مستقبلا، إلا في حال كان هذا هو هدف حكومة صنعاء وما يطلق عليه بالمجلس السياسي.

-التصدي بكافة الوسائل والسُبل الإقتصادية وغير الإقتصادية لكل من تسول له نفسه العبث بإقتصاد البلد، او تجاهل تعليمات البنك المركزي اليمني بإعتباره بنك البنوك والمسئول الأول عن السياسات النقدية للدولة ككل.

 

ثم أليس من حق المواطن البسيط، الذي تخاتله وسائل الإعلام و تقوم بتدجين الوعي آناء الليل واطراف النهار، لكي تجمل قبح سلوكياتها ان يتسائل: 

-أين ذهبت الأموال المطبوعة حديثاً التي استبدلتها سلطات صنعاء، وهي التي ظلت تدّعي عجزها عن دفع المرتبات، وعن الوفاء بالتزاماتها خلال السنوات الماضية، ولا زالت؟ 

-لماذا تداولت السلطات في صنعاء أوراقا نقدية مهلكة دفتريا خلال السنوات الماضية؟ واستمرت عملية تدوير تلك الأموال مرارا وتكرارا رغما عن الجميع، وهي تعلم ان إجراء كذلك يساهم في رفع مستوى التضخم، اكثر من طبع عملة نقديه جديدة؟!

-ألا تندرج عملية استبدال النقود المطبوعة حديثاً بأرصدة دفترية ضمن عمليات النصب و الاحتيال والجرائم الماليه المكتملة الأركان و الواضحة المعالم؟

-لماذا تم إتهام المتعاملين بالنقد المطبوع حديثاً في اماكن سيطرة المجلس السياسي بالتواطؤ والخيانة، بينما تم تنزيه الجهات التي قامت بمصادرة تلك النقود الى وجهات لا يعلمها أحد سوى مُصدري القرارات؟

-لماذا ارغمت سلطات صنعاء موظفي بعض مرافق الدولة على القبول بخدمه "موبايل موني" على الرغم من التقارير التي تشير الى فشل كاك بنك في سياساته المالية، ولعل اول مرفق قام بفرض الخدمة على موظفيه هو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في صنعاء، الذي رفع تقارير عدة عن فساد كاك بنك؟

 

على حكومة صنعاء و مايسمى بالمجلس السياسي ان يتحملا المسئولية الكاملة لأنهما ابرز المخالفين للقوانين واللوائح والنظم المالية والإقتصادية النافذة، خصوصاً بعد صدور توجيهاتهم بعدم قبول العملات النقدية الرسمية المطبوعة حديثاً بموجب قانون البنك المركزي اليمني، وهذا يُعد مخالفة صريحة للقواعد والأعراف المالية في ارجاء المعمورة، وبعد ارغام المواطنين والتجار في المناطق الخاضعة لسيطرتهم على التعامل بالنقود المهلكة دفترياً...

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!