كل رمضان واليمن إلى اللحد اقرب

فضل الكهالي
الاثنين ، ١٢ ابريل ٢٠٢١ الساعة ٠٤:٠٦ مساءً
مشاركة |

 

 

لا يوجد فرق بين النائمين تحت الثرى والهائمين فوق الثرى، في بلد ما إن يتقدم إلى الأمام خطوة حتى يعود عشراً إلى الوراء.. في بلد ما زال عالقاً بين قيادات فقدت الاتصال بالشعب.. ومواطنين فقدوا الاتصال بالواقع.. وقوى داخلية وخارجية تسنّ لهم السكاكين وتنصب المشانق ولا تُفرّق بين أمين بينهم وسارق.

 

في اليمن الهامشُ أكثر اتساعاً من الأفق والمواطنة منقوصة لأنها غير مبنية على المشاركة بين صنّاع القرار وبقية فئات المجتمع، بل على التبعية المطلقة والتقيد الجبان. وأصبحت، اليوم، محشوة بطابع التعصّب، الذي لا تربطه علاقة بالفطره ونظرة الإنسان إلى الغد، بقدر ما تربطه بالماضي والانطواء تحت سلطة المذهب او الجماعة وتسلّط القائمين عليها.

 

إنّ في التجهيل الممنهَج الذي يتم ممارسته اليوم محاولة لإيصال فكرة عدم أحقية الشعب بالحياة!.. وقد استطاعوا جعل المواطن البسيط يقتنع بأن عدم أحقيته بالحياة "استحقاق" يجب أن يذود عنه وأن يبذل قصارى جهده للحفاظ عليه ويصارع من أجل تعزيز مكانته في الهامش، كما يُراد له أن يكون.

 

ورغم ذلك، لا أحد من القائمين على امور الشعب يعترف بخطئه أو تقصيره. لأن الاعتراف بالخطأ غير موجود في قواميسهم السياسية و الإدارية، المبنية على التسلط، الذي يُظهر المنتمين إلى المذهب أو الجماعة في هيئة "ملائكة" وتصور مطامعهم على أنها "مطامح" وتهكّمهم على أنه "حنكة إدارية" والغوغائية على أنها انعكاس لنماذج إدارية يرون انها عصية عن الفهم على غيرهم ممّن يعيشون على الهامش بحسب تصنيفهم المجتمعي الجديد.

 

اليوم، في الشمال أصبح المذهب يُستخدم لتشريع الاستبداد وحصر الوطنية وتحديد معاييرها في الولاء لأتباعه وشيعته دون غيرهم، ويصب في صالحهم التذبذب الحاصل في الجنوب، وفي هذا تعزيز اكثر لثقافة الفيد وتسويق للفساد وتشريع للاتاوات، التي ما أنزل الله بها من سلطان، في ظل تضاعف الأسعار بشكل جنوني. و الأنكى إسقاط هذا العبث على المنظومة التشريعية للبلد ككلّ وتصنيف المعارضين لذلك كعملاء ومرتزقة.

 

إن من ابرز مظاهر الفشل إغراقُ الشعب في هذا الكم المهول من خطابات الزيف الإعلامية المُستهلَكة والإسهاب في الحديث عن خطط مستقبلية وعوالم هلامية ستُخلق في بلد غارق في فساد وشللية ومناطقية وفئوية لا نظير لها ويعتري مواطنيه الخوف لمجرّد ذكر أبسط حقوقهم في وقت يفتقر فيه إلى أدنى مقومات العيش الكريم على الرغم من الجبايات المهولة التي تُفرض عليهم بين فينة وأخرى وبدون وجه حق.

 

حتى تواجد الموظفين الإجباري في المرافق الحكومية شكليّ صوري لأن الانتاجية صفر، فالدولة لا تقدم للمواطن اي خدمات، ولعل الغرض من عملية التواجد إيهامُ المجتمع الدولي بأنّ هناك مظاهر للدولة وخصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي، التي تستغل مطاردة الحكومة الشرعية في الجنوب لتدعيم ذلك الاخفاق، وهذا الأمر يصبّ في خدمة الساعين الى بسط نفوذهم على ما تبقى من مفاصل الدولة المختلفة ويتخذون ذلك وسيلةَ ضغط على الشّعب وأداة للمراوغة أمام العالم.

 

هُنا تبرز أهمية الأقاليم كمخرج للصراع الدائر في اليمن، الذي كان غارقاً في القَبلية، والذي أضحى اليوم غارقاً في مذهبية وطائفية ومناطقية لن تجعل منه دولة مدنية في القريب العاجل، ليس لافتقاره إلى مقومات الدولة المدنية، وإنما لرغبة البعض في التمسك بتكتلات مغلقة ترفض وجود غيرها في الساحة.. وهم فئة تحكُمها ثقافة الفيد وتستوطنها الرغبة في احتكار كل شيء، بما في ذلك صناعة القرار والمكانة الاجتماعية. وبناءً على ذلك تقوم بتوزيع صكوك الولاء بمقابل محدد، غالباً مايكون شكليا ومبنيا على النفاق والرّضوخ...

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!