لكل زمنٍ وتحدٍ علمانيته

حسين الوادعي
الثلاثاء ، ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٥٩ صباحاً
مشاركة |

في أوروبا ظهرت نسختان علمانيتان: العلمانية الصلبة والعلمانية اللينة.

الفرق بينهما هو تشدد العلمانية الصلبة في الحد من ظهور الدين والرموز الدينية في المجال العام وخاصة اماكن التعليم والعمل.

لكنهما قائمتان على نفس الأسس : الفصل بين الديني والسياسي، حرية الضمير، قيام الدولة على الحقوق الطبيعية والعقد الإجتماعي لا على الشريعة والدين.

ظهرت العلمانية اللينة في الدول الاوروبية ذات المذهب البروستانتي، بينما ظهرت العلمانية الصلبة في الدول الكاثوليكية بسبب تشدد الكاثوليكية في ممارسة السلطه السياسية والتحكم في الحياة العامة.

على قدر التحدي يأتي تشدد العلمانية أو لينها، مع ملاحظة أن العلمانيتين تضمنان حرية العقيدة للجميع بلا تمييز.

في العالم الإسلامي كانت تركيا الاتاتوركية هي أول علمانية في العالم الإسلامي. وقد جاءت علمانية صلبة لأن الإسلام اقرب للكاثوليكية في رغبته بالتحكم في المجال العام، مع ملاحظة اننا هنا امام مقارنة مجحفة، لأن الكاثوليكية تعترف بنوع من التمييز بين الديني والسياسي، عكس الإسلام الذي لا يرضى بأقل من الدمج الكامل بين المجالين.

جاءت أيضآ علمانية تونس-بورقيبه على نمط العلمانية الصلبة لأنها تواجه تحدي "الدين الشامل" الذي لا يرضى بغير التحكم الكامل في المجال العام.

كانت العلمانية في أوروبا قد بدأت تميل، حتى في فرنسا، نحو العلمانية اللينة. لكن التحدي الإسلامي جعلها تتحول تدريجيا نحو العلمانية الصلبة، ويبدو أنها علمانية أكثر صلابة من السابقة.

على قدر التشدد الديني يأتي قدر التشدد في الصيغة العلمانية المناسبة. لهذا لا زلت مقتنعا أن العلمانية الصلبة هي العلمانية المناسبة للعالم الإسلامي رغم قناعتي أيضا بصعوبة تحقيق هذا الهدف.

لم تعد المواجهة اليوم في أوروبا بين الكنيسة والدولة، بل بين العلمانية والإسلام السياسي.. وستتشكل العلمانية الأوروبية حسب مجريات الصراع بين الطرفين.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!