عن طارق.. وصنعاء.. وعن تعز

عبدالسلام القيسي
الاثنين ، ٠٦ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:٥٢ صباحاً
مشاركة |

ولدت في قريتي الكدرة ، انا من تعز ، مذ ولدت اسمع اسم صنعاء، كنت أحب جدتي التي ربتني حب النساك لأنبيائهم ، وكلما غابت ولم أنطق بعد يقال لي جدتك في صنعاء ، نعم ، صنعاء ، كلما كبرت شبرا كانت صنعاء تتشكل في أوردتي، عمي الذي أحبه يسكن صنعاء، أحلم بنزوله ، وعمتي تسكن صنعاء ، ولا زالت كلمات أولادها منذ طفولتي بلهجة صنعانية في هذا الرأس الذي مل من خريطة الهرب.

كانت أمي الغالية لتبارك لي كسوتي الجديدة تقول لي : هذه من صنعاء ،

كلما بديت نظيفا لها قالت لي : تك تك وهي تطرق أصابعها هلا بالصنعاني ..

حسنا ، جدي من سكان صنعاء، جدي الذي يمكن لكم معرفة النوع الانساني الطاهر من خلاله ، كل شيء ، وعلي عبدالله صالح ، رحماك ايها الشهيد، من صنعاء وهذه تكفي ، جارنا عبدالرحمن يعود كل مرة من صنعاء، كنت كلما طالبت أحد بالصعود الى صنعاء قيل سمارة سوف تقتلك ، ومن سمارة ؟ الطريق المؤدية الى صنعاء ..

لم تنطل الحيلة علي ، عمي الأكبر في صنعاء ، عادت اسرته من صنعاء ، أبي ايضا الذي مات قبل أن انطق اسمه بعد مات في صنعاء ، وعندما وعيت قيل مات أباك في صنعاء ، أول قميص لبسته في حياتي كان من صنعاء ، كل سكان صنعاء يعودون بوجوه طرية فأحببت انا الأغبر صنعاء ، جيوبهم ممتلئة ونحصل منهم على كل شيء من هناك،صنعاء ، الموظف في صنعاء،في صنعاء الطالب ، ولما كبر اخي الأكبر جبران درس الجامعة في صنعاء ، حافظ أخي كبر قليلا ودرس في العاصمة صنعاء ، وانا بعد تركي لتعز وجامعة تعز درست في صنعاء ..

صنعاء هي مبتدأ كل شيء ومنتهاه،

تعالوا لأحكي لكم ، كنت طالبا في صنعاء ، أغلبية زملائي من تعز، كنت أخرج من الجامعة مع زملائي من تعز، استقل الباص الى بيت عمي، أتغدى، ثم أخذ منه مصروفي وأذهب الى مقوات هائل وأركب باصا يسوقه تعزي، ثم أشتري قاتي من مقوت تعزي، أصطدم بتعزي في المقوات، أشرب العصير من محل تعزي، ومن قباطي آكل حلاوة ، ثم أفكر بالمقيل في شارع عشرين لدى أصحاب البلاد الكثيرون ، عمال، وطلاب،وموظفين ، وطالبي حاجات، ومرضى ، ثم الرابعة عصرا أعود الى بيت أخي حيث أسكن وأشتري كرت النت من دكانة الصبري ، ألج حافة الدبعي ، ومنزل الدبعي حيث يسكن أخي ، وأكمل تخزينتي في بيته ، ثم يتصل بي بن جدي لأكمل معه التخزينة فنحن جيران وأذهب عنده ، العشرات في ديوان جدي من تعز ، يتصل بي المعمري لنقضي الوقت سويا ، معمري من تعز ، فأعتذر ، وسهيل المساح يراسلني في الواتس أين أنت ، مساح تعزي ، وفي الثامنة مساء ، أفكر بأن أكمل الوقت عند سهيل، منزله في شارع القاهرة ، أذهب ، عاصم ، سهيل، وائل، صدام الوريدي ، حسين الشدادي، كل الذين هناك من تعز ، وحتى نفكر في المذاكرة نفتح ملزمة مجيب الشميري من تعز ، ندخل مجموعة الدفعة لنتحدث مع المندوب عن الاختبار هل غدا والمندوب من تعز ، هل فهمتم ؟

كل تعز في صنعاء

انا وأخي ، وابن عمي، وصاحب الصيدلية ، والبقال ، وسائق الباص ، وركاب الباص ، وكل أحد هم من تعز، عشنا أحلى ايام في صنعاء ، الاستراحة التي كنت أقضيها كلهم من تعز ، أتذكر محمد عبدالملك ، حبيب السيد، حمدي البكاري ، والمرحوم محمد العبسي ، وكل صحفيي صنعاء من تعز، كنا نخزن في استراحة الغرزة بعد الاحتجاجات التي بركن منزل علي عبدالله صالح، في الكميم ، يشتمونه من أجهزتهم، نتجادل، نختلف، نتفق، فأنت في صنعاء، في احايين كثيرة أزور عمتي أخت أبي بسعوان ، بن عمي يسكن هناك في شارع الأربعين، وأخيه بالشارع المقابل،وكل عائلتي في صنعاء ، أعمامي، ابناء عمي من الدرجة الأولى ، الثانية ، الثالثة في صنعاء ، والرابعة والخامسة والسادسة، والسابعة ، الى مالانهاية في صنعاء ..

انها صنعاء التي لم تقل لماذا أنتم هنا؟

صنعاء التي لا تغلق بابها بوجه أحد ، صنعاء المشكلة من كل اليمن، بل من تعز بالأخص ، ذبت في صنعاء،نسيت تعز فتعز كلها في صنعاء وكلما غادرت صنعاء شعرت بالغربة فتعز في صنعاء،المخلاف في صنعاء ، الكدرة في صنعاء ، كل تعز في صنعاء ، نعم ..

ثم يأتي مجرد سفيه يقول ماذا جلب أهل صنعاء الى المخاء كمحاربين ، أو الى التربة عائلات المحاربين كنازحين وينسى أن صنعاء من قبل والى الآن ومن بعد فيها مليون تعزي لم يسألهم أحد من أين أتيتم ؟ وماذا تصنعون في صنعاء ؟ صنعاء ربتهم جميعهم في السلم وفي الحرب، صنعاء التي تلم شعث الوطن كله ، كل الوطن، ومن ثم في أول منعطف مرت به البلاد تنادي أبواق اصلاح تعز من مدينة مكتظة بالموت ما مجيء صنعاء الى المخاء ، وتنذر النساء والأطفال في التربة لو لم يغادروا ستتخذ اجراءات قاسية ضدهم ، صدمتني تعز،بل ليست تلك تعز ، ما هذا النكران ، وما هذه العنصرية ، لم تكن في مجتمع ما،أبدا

تعالوا الى المخاء ، حيث صنعاء تتشكل بأبهى حلة من الأمن والأمان، تعالوا

عندما تقولون التغيير الديموغرافي في المخاء أقول في سري : يا ليت يكون صحيح وننقل صنعاء الى هنا...

هؤلاء الطوارق هنا لاستعادة صنعاء ، والأدق لاستعادة تعز ، ليست تعز التي تنضح بالعنصرية ، بل تعز التي في صنعاء ، لإنقاذ تعز التي هناك ، تعز الحقيقية في صنعاء ،

أنت في عين كل تعزي شريف،

سر يا طارق ، أنت عميد كل تعز التي نعرف اما تعز التي لا نعرف فليست الا نسخة مزيفة لتعز ، ليست طبق الأصل حتى ، الأصل مطمورة ، وجذوتها في كل ريف ومدينة ، وستتعالى من تحت الرماد وكما العنقاء بعد كل حريق سوف تولد من جديد ، تعز التي تحبك ، لا زالت ذاوية تبكي صالح حتى اللحظة ، وتشد أزرك يا روح صالح ، تعز التي تمتد من هنا الى الجاح الى الجبلية والدريهمي ، وتقاتل الى جانبك ، واليلبوه ، ملالة خلف ملالة ، من أجلك وصونا لك وحبا ، فأنت الملاذ لتعز وهم كارثة تعز ، فقل هنا ما تشاء ، حارب ، وقاتل ، وتمسك ، وفاوض، قل لك الاشياء كلها ، إفتح بابك لك الرجال جميعهم ، أنت تعزي من صنعاء ، صنعائي من تعز ، أنت كل مقاتل في عصور النور ، وكل منقذ في عصور الظلام ، أنت كل أمل في زمن اليأس،

كل ضوء في زمن الدلهمة ،

لذريق عاد يا فتى وأنت طارق

هنا يتسلق القوطي قرطبة

ولكل أندلس طوارق .

#عبدالسلام_القيسي

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!