نشره -نتنياهو- بهيئة مقال في “وول ستريت جورنال” بعنوان “شروطنا الثلاثة للسلام”.
بدأه بالقول، وفيما يشبه تلخيصا للموقف في ثلاث نقاط:
"لابد من تدمير حماس، ولابد من نزع سلاح غزة، ولابد من استئصال التطرّف في المجتمع الفلسطيني. هذه هي الشروط الأساسية الثلاثة لتحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين في غزة".
ثم بدأ التفصيل:
"لتحقيق هذا الهدف (الأول)، لا بد من تفكيك قدرات حماس العسكرية، ويجب إنهاء حكمها السياسي على غزة. تعهّد قادتها بتكرار مذبحة 7 أكتوبر "مرارا وتكرارا". لهذا السبب فإن تدميرها هو الرد المناسب الوحيد لمنع تكرار مثل هذه الفظائع المروعة".
هنا يبدأ بتبرير المجزرة الوحشية التي ارتكبها ويواصلها جيشه، عبر القول إن "حماس تستخدم المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، وتضع بنيتها التحتية الإرهابية داخل وتحت المنازل والمستشفيات والمساجد والمدارس وغيرها من المواقع المدنية".
يقول بكل صلافة:
إن إلقاء اللوم بشكل غير عادل على إسرائيل عن هذه الخسائر البشرية لن يؤدّي إلا إلى تشجيع حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم على استخدام الدروع البشرية. ولكي نجعل هذه الإستراتيجية القاسية والمستهترة غير فعّالة، يتعين على المجتمع الدولي أن يلقي اللوم بشكل مباشر على حماس عن هذه الخسائر البشرية. ويجب عليها أن تدرك أن إسرائيل تخوض المعركة الأكبر في حرب الحضارة ضد البربرية".
عن الهدف الثاني قال:
"يجب أن تكون غزة منزوعة السلاح. ويجب على إسرائيل أن تضمن عدم استخدام المنطقة مرة أخرى كقاعدة لمهاجمتها. ومن بين أمور أخرى، سوف يتطلب هذا إنشاء منطقة أمنية مؤقتة في محيط غزة وآلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع".
ثم يرد على مطلب واشنطن باستبدال "حماس" بسلطة عباس بالقول:
"إن توقّع قيام السلطة الفلسطينية بنزع السلاح في غزة هو مجرّد حلم بعيد المنال. وهي تقوم حاليا بتمويل وتمجيد الإرهاب في يهودا والسامرة وتعليم الأطفال الفلسطينيين السعي إلى تدمير إسرائيل".
عن الهدف الثالث قال:
" لا بد من استئصال التطرّف في غزة. ويتعيّن على المدارس أن تعلّم الأطفال كيف يعتزون بالحياة بدل الموت، ويجب على الأئمة أن يتوقفوا عن الدعوة إلى قتل اليهود. ويحتاج المجتمع المدني الفلسطيني إلى التحوّل حتى يتمكن من دعم مكافحة الإرهاب بدل تمويله".
ثم يضرب أمثلة لتأكيد موقفه بالقول:
"تمّت عملية استئصال التطرف بنجاح في ألمانيا واليابان بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. واليوم، أصبح كلا البلدان حليفين عظيمين للولايات المتحدة ويعملان على تعزيز السلام والاستقرار والازدهار في أوروبا وآسيا. وفي الآونة الأخيرة، منذ هجمات 11 سبتمبر، قاد الزعماء العرب ذوو الرؤية المستقبلية في الخليج الجهود الرامية إلى القضاء على التطرّف في مجتمعاتهم. ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل "اتفاقيات أبراهام" التاريخية، وتتمتع اليوم باتفاقيات سلام مع ست دول عربية. ولن يكون مثل هذا التحوّل الثقافي ممكنا في غزة إلا بين الفلسطينيين الذين لا يسعون إلى تدمير إسرائيل. وبمجرّد تدمير حماس، تصبح غزة منزوعة السلاح ويبدأ المجتمع الفلسطيني عملية اجتثاث التطرّف، ويصبح من الممكن إعادة بناء غزة، وتصبح احتمالات السلام الأوسع في الشرق الأوسط حقيقة واقعة". (انتهى المقال).
يبدو أن نتنياهو قد أكثر من "الشمبانيا الفاخرة" التي يحبّها (ويتلقاها كهدايا كما يتّهمه خصومه) قبل كتابة هذه السطور، فجاءت مدجّجة بالأحلام والأوهام، كأنما ستمنحه الحرب الراهنة فرصة فرض استسلام شامل على الشعب الفلسطيني، ثم على الأمّة بعد ذلك.
والحال أن العكس تماما هو ما حدث وسيحدث، بصرف النظر عن تفاصيل الحرب، ذلك أن "طوفان الأقصى" سيكون محطة نحو نهاية المشروع الصهيوني، كما ذهب كثيرون، من بينهم يهود (أشهرهم المؤرّخ المعروف إيلان بابيه).
الأرجح أن نتنياهو يدرك ذلك أيضا، لكنه في سياق لهاثه خلف (البقاء السياسي) يعتقد أن بيع هذه الأوهام سيساعده في ذلك، بينما يرمّم من خلاله معنويات مجتمعه المهزوم، لكنه ينسى أن ذات المجتمع ما زال يطارده مطالبا باستعادة أسراه كهدف يتناقض مع الهدف الآخر (تدمير حماس).
سيذهب إلى الجحيم ومتطرّفوه (بإذن الله)، ويبقى شعبنا، وصولا إلى الانتصار الذي يكنس هذا الدنس برمّته من أرضنا المقدّسة.
هذا هو وعد الله، كما أنه منطق التاريخ أيضا.
رابط المقال: