لماذا آيات شيطانية.. لماذا سلمان رشدي؟

حسين الوادعي
السبت ، ١٣ أغسطس ٢٠٢٢ الساعة ٠٢:٤٦ صباحاً
مشاركة |

قبل نشر آيات شيطانية عام 1988 كان سلمان رشدي روائيا معروفا وفائزا بأرفع جائزة أدبية "البوكر" التي تتجاوز فيمتها الأدبية نوبل للآداب،

جاءت فكرة الرواية من حادثة "الغرانيق العلى" المعروفة في التراث الإسلامي ، وقصتها باختصار ان الشيطان ألقى في ذهن محمد آيات تدعو لتقديس اللات والعزى ومناة وتجوز عبادتها مع الله، ثم نزل جبريل ، حسب الحكاية-الاسطورة، ليصحح الآيات!

فهم الذهن الروائي العلماني لرشدي الحادثة فهما إبداعيًا مختلفا. فالآيات نزلت لتلبية حاجة نفسية كانت تؤرق محمد وهي محاولته كسب قلوب القرشيين، ومن أجل كسبهم قدم لهم هذا التنازل الذي ندم عليه بعد ذلك بسبب تعارضه مع فكرة التوحيد.

فهل يمكن أن يكون جبريل نفسه من بلغ الآيات؟ وهل جبريل ذو طبيعة واحدة ملائكية أم طبيعتان. واذا كان التفسير الاجتماعي يقول ان الدين والوحي ظاهرة بشرية آلا يمكن ان يكون الثالوث شخصا واحدا (محمد وجبريل والشيطان الذي دس الآيات)، شخص واحد بتجليات مختلفة!

هذه السردية الكبرى يقدمها رشدي عبر ثلاث شخصيات: جبريل فارشتا (ممثل هندي ورمز لجبريل الملاك أيضا) صلاح الدين سامسا  (الهندي المتنكر لثقافته ورمز الشيطان) وماهوند (محمد في الكتابات المسيحية المناهضة للإسلام).

تسيطر على الرواية فكرة الانمساخ metamorphosis كما عند كافكا. انمساخ الملاك الى شيطان، والنبي الى نبي كاذب، والمهاجر الى شخص منسلخ ومزيف.

تدور الرواية في زمنين متباعدين: لندن في الثمانينات ، و مدينة "جاهلية" في عصر البعثة، وتتجاور الشخصيات التراثية مع الحديثة: ابو سمبل (ابو سفيان)، هند، عائشه، بلال، زينات وكيل (خديجه).. الخ.

رواية متعددة المستويات ومتعددة الأزمان، وتحفة فنية في نقد المقدس والسخرية منه ونزع القداسة عن المقدس التاريخي والديني.

ليست عن الإسلام ، لكنها عن شخص مسلم يحاول تصفية حساباته مع جذور شرقية إسلامية تكبحه، وتحديات غربية حديثة تفقده فرديته وشخصيته.

يرى صادق العظم ان  آيات شيطانية كان مقدرا له ان تكون رواية تأسيسية لموجة روائية معنية بنقد المقدس الاسلامي لكنها وئدت قبل ان تقدم اوراقها.

ربما تعيد حادثة الطعن الوحشية اليوم بعضا من الاهتمام لرواية مشاغبة ومتحدية وصادمة كنت اتمنى ان يقرأها كل مسلم كتمرين مؤلم وممتع على احترام حرية التعبير وترويض وحش حماية المقدس.

أما رشدي فهو احد رموز رواية "ما بعد الاستعمار" بنقده الحاد للغرب وتناقضاته، ونقده الذي لا  يكل للأصولية الدينية الإسلامية.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!