استبعاد نظرية المؤامرة كلية لا تخلو من حماسة ليبرالية طفولية

محمود ياسين
الأحد ، ٢٢ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ١١:٢٣ مساءً
مشاركة |

بالنسبة لمدلل ثقافة طازجة مثلك ، فإن محمد حسنين هيكل مجرد غبي يؤمن بنظرية المؤامرة ، وفقا لغالبية قراءات هيكل ومنهجه في تفسير أحداث المنطقة .

استبعاد نظرية المؤامرة كلية لا تخلو من حماسة ليبرالية طفولية .

شكل من اختيار الضد لكل ما تناوله مجتمع ما يعاني أزمات سياسية وحروب ويفسر كل شيئ وفقا للمؤامرة .

المؤامرة ليست تفسيرا عقلانيا ملائما لكل حدث ، لكنها نظرية معترف بها أكاديميا في مناهج تفسير التاريخ ، تفسيره اقتصاديا واجتماعيا ووو وأيضا نظرية المؤامرة ، أجزم بعدم معرفتك لهذه المعلومة ، منهمك في إعداد الهامبرجر الفكري المدهش .

لا يتطلب الأمر مجهودا لتعرف أن سايكس بيكو مؤامرة ما ترتب عليها وضع ومصير منطقة ، سقطت ممالك وأقيمت دول بالمؤامرة وتم إدارة عملية تجميع اليهود من كل أصقاع العالم في فلسطين ومنحهم دولة بالمؤامرة .

كون الإسلاميين قد بالغوا في تفسير كل صغيرة وكبيرة على أنه غزوا فكريا ومؤامرة ضد الإسلام لا يمنحك هذا القدر الكافي من حماسة من فرغ للتو من قراءة كتاب رأس المال في عدن وعاد إلى قريته في ريف إب ليحدثهم عن عدل القرية وصاحب الأملاك الأكثر بوصفه وحشا ، ثم يطرق قليلا وهو في حالة أسف كون أهل قريته لم يقرئوا كارل ماركس . 

نصف العلم جهل ولاسيما وقد تسلح بنرجسية تراهن على كونه الأكثر قدرة على استدعاء مقولات تسخيف الوعي الجمعي ، هكذا بحماسة وثقة بالذات لا تكترث حتى للمنهج ولا لسياق الأحداث التاريخية والتحولات الهائلة والتي إن لم تكن نتاج مؤامرة الا أنها لا تخلو منها.

لقد تآمرت الخيزران وسممت ابنها الهادي ليحصل ابنها الرشيد على الخلافة ، تآمرت أوروبا لإسقاط دولة العثمانيين وتآمرت الولايات المتحدة والغرب لتكريس إسرائيل .

حسنا : في الصباح سألمع حذائي وأحتقر وعي الإسلاميين وأطلق على قريتي والقرية المجاورة وبلادي والبلاد المجاورة توصيف " متخلفين يؤمنون بالمؤامرة " ليبراليتي تمنحني هذا الحق وتظهرني حاذقا له علاقة بالعلم والحداثة دون اكتراث حتى لكتب التاريخ والدراسات لاستحضر منها شاهدا واحدا يدعم فكرتي المتعالية ، التعالي المرتجل يفصح عن خواء صميم ، وتلك الخاصية العتيدة للؤم ، اللؤم الأملس المتفاصح وهو يتكئ على ذخيرة من المقولات الجاهزة المستهلكة والسوقية في احتقار وعي المجتمعات المحلية بشكل مطلق وبهذا فحسب يطمئن أحدهم لليبراليته .

هذا هو الزومبي الثقافي وهو يتجول وقد أحال التفكير والتثاقف " تبادل المعرفة " لشكل من تأفف مدلل ساذج ونرجسي يميز نفسه عن مجتمعه فقط باحتقار كل ما يتبادر لذهن هذا المجتمع .

حسنا : انهارت الجمهوريات العسكرية المهددة ولو في الحدود الدنيا لإسرائيل هكذا بفعل عوامل التعرية ، تباعا تساقطت مثل احجار الدومينو ابتداء بالعراق ثم سوريا وليبيا وتحويل الجيش المصري لمؤسسة اقتصادية تنتج الطماطم وتدير عملية ربح واحتكار ، لا مؤامرة 

لا مؤامرة ضد نابليون ولا مؤامرة بلجيكية ترتب عليها ذبح الأفارقة بعضهم على مداخيل مناجم الماس والكوبلت .

لا مؤامرة في رسم ضابط استخبارات انجليزي حدود وكينونة خليج عربي بأسره .

لا مؤامرة في ما حدث لنا نحن اليمنيين ولا مؤامرة في إعادة طالبان دون أن يطلق جيش أفغانستان قذيفة . 

نحن نعاني ومجتمعاتنا مؤخرا ضحية لعبة قوى دولية ، ولن نقول إن إجتماعا ماسونيا سريا سرق منا حقنا في الاستقرار  لا لكنها لعبة قوى دولية تستخدم أخطائنا وتستخدم العقول النصفية مثل عقلك لتقنعنا أننا نستحق هذا العناء بوصفنا مجرمين لا ضحايا .

يذكرك بالفرح بإنجليزيته الطازجة وهو يحمل كتاب " كيف تتعلم الإنجليزية في خمسة أيام " .

لا تقرأ تفسيرا جاهزا الأحداث ولا لأي من المؤرخين المولعين بنظرية المؤامرة ، اقرأ فقط قصة الحضارة ديورانت ، ربما يخالجك بعض الإدراك للهراء الذي تحسد نفسك عليه وتعده ضربا من العبقرية . 

يدين جرائم التاريخ الإسلامي وعنف المجتمعات العربية وفي ذهنه الغرب المثال الأخلاقي ، دون أن يخطر له لوهلة كيف حارب المسلمون الصليبيين بأسلوبهم كمسلمين مدافعين يفكرون بالغنيمة والسبي لكنهم لا يحرقون  الآلاف أحياء كما فعل الصليبيون، أتدري أن غربك المبهر تأسس على واحدة من أكثر التطبيقات العلمية خسة ووحشية ؟ غرب أوروبا وهو يبيد السكان الأصليين في الأمريكيتين وفقا لتبادلية نظرية النشوء والإرتقاء " داروين " حيث ينبغي إزاحة الإنسان الأدنى من طريق وعمرانية الإنسان الأعلى ؟ 

مو تقرأ ؟ 

هيروشيما وناغزاكي، دولة وبعد كل الموسيقى والندوات والانتخابات تقرر إبادة سكان مدينتين ،  الحديث الإنساني البديهي بوصفهما أكثر الأعمال الإجرامية وحشية عبر التاريخ هي موضة قديمة بالنسبة لمفكر هامبرغر، لقد تحدث عنها المتخلفون كثيرا وبالتالي سقطت الجريمة في وعي متفيصح لايبدو أنه قرأ كتابا واحدا في التاريخ حتى النهاية ، واستبعد الجريمة من نظامه الأخلاقي كونه مهترئ أملس بلا خلق . 

الكذبات المصنوعة بعناية ، الكذبات الملساء المتقنة ، والتي يمكن لرائحتها أن تنكشف مع اول حوار يعتمد الأحداث والشواهد التاريخية بمنطق ، ولأن الرائحة امست على درجة من الثقة لا يمكن منحها شرف نقاش واع فهي بلا وعي يذكر ، اللهم تلك القائمة من مصطلحات ليبرالية لا يملك حتى مهارة توظيفها ، فقط قم بإزدراء مجتمعك ووظف أخطائهم وتفسيراتهم البريئة أحيانا وضروب مبالغاتهم ناهيك عن مأزق الحياة في التراث ومعه ، قم بتوظيف ذلك كله على انك الناجي الوحيد .

موضة اعتبار القضايا الجوهرية واليقينيات كلها مجرد أكاذيب وضلالات عقلية ، موضة استبعاد الحدث وكيف تآمرت كل القوى عبر التاريخ بمافي ذلك الدولة العثمانية التي تآمرت مع خونة المجر للحصول والاستيلاء على المجر .

بالنسبة للمتحذلق ، قراءة جادة وتصفح أحداث واتباع منهج استقرائي والكتابة بمنطق متماسك هي ضرب من إهدار الوقت ، يكفي أن يستخدم الأخطاء الشائعة والنزعات الخاطئة أيضا لا لإرشاد وتوعية مجتمعه ، ولكن لتمجيد ذات مهترئة تنبعث منها رائحة تفاح أمريكي عطن فسد في حاوية بأحد السفن الباحثة عن مرفأ .

الليبرالية وادعاء معرفة كيف يمضي التاريخ دون خطط إطلاقا ، وامتلاك الجرأة الخليقة بالجهالة المختالة لتوصيف كل من يقرأ التاريخ جيدا وقد يكتب تحليلا تكتنفه بعض الأخطاء ، اعتباره مجرد إسلامي آخر يؤمن بنظرية " يهود الدونمة " حتى مابين القوسين وقد قرفنا من ترديدها كمفتاح لتفسير جانب من " كيف زرع الصهاينة أنفسهم في قلب المنطقة العربية " بقدر تبسيطيتها وبساطتها وسذاجة تكرارها فهي حقيقة .

لا شيئ يبعث على التقزز مثل كذبة ملساء على قدر من الجرأة .

أراك جيدا وأكاد أسمع صرير قائمة مصطلحاتك التي انتزعتها بعنف وبتعجل لجوج من دورية معرفية تعنى ب" اختصارات فكرية " .

هكذا وبتهافت مستنسخ من محمد رمضان ونمبر ون الفكر و" ثقة في الفهلوة نجاح " .

الغريب أن كل المجرمين الضحايا حاضرون بتخلفهم خلف قضبان قاضي الأمور الفكرية المستعجلة ، إلا الغرب الا الأمريكي ، سأكون وفيا هنا لنظرية المؤامرة وأسألك :  كيف ترى أخطاء قومك ولا تكاد تلحظ تعبهم أو تلمح خطايا الغرب الأناني والمتوحش ببراعة وإبهار ؟  

ربما مامن عدالة ولا عقوبة يستحقها الذكي المبهر ، حتى ولو اقتاد نصف مليون أسود كعبيد ويكفي لاحقا أنه حررهم ، وأمسى بذلك منارة حرية 

أما هيروشيما وناجزاكي ومائة وأربعين ألف قتيل فجأة ، فيمكنك وفقا لليبرالي الأملس ، التفكير في الإنشطار النووي وانبهر به پدلا من التفكير في الضحايا .

كم انك مدع وزائف

حتى في محاولتك تحقير اسم أو رمز تراثي يحسبك المثقفون عليه من خلال اللقب على سبيل الابتزاز ، تستجيب وتحاول التخلص مما ليس تهمة أصلا بكتابة هجاء مفرط ومتكلف تبرئ به نفسك من جريمة لم تقترفها أصلا ،

كان عليك إبداء رأيك في تجربته كإنسان فحسب دون تقديس ولا هجاء " ابن مرحلته "  وبوصفك قارئا في مرحلة تاريخية دون تقمص النابذ للتهمة عن طريق الهجاء ،لتقول وبتهافت :  أترون ؟ لست منهم ،

 كم انك بائس . 

طليعة مملكة الكيتش الموضة ، وهو بمزاج من يقتني سبيستل فقط لجاذبية الإسم ولأن سبأ فون موضة قديمة .

لست بصدد مساجلة في سياق تنافسي ، لا تروقني فكرة أن يقولون عني مفكرا ، أنا روائي فحسب وأحترم العقل والموهبة ، وإنه لمن المهم للغاية الاتفاق هنا على أن المعرفة تسمو بالروح ولا يسع أي موهوب أو مولع بالفكر أن يجنح للمباهاة ناهيك عن التسلح بالازدراء والتعالي ، ولقد كتبت يوما أنني أحسد كاتبا شابا اسمه ياسر على أسلوبه في ذلك النص وأتمنى أن أصل لذلك المستوى ، لأن ذلك ماحدث وتلك موهبته وحقه ، ولعل هذه هي فضيلة مروان الغفوري الأهم في كونه يتمتع بالنزاهة الفنية لاحترام الموهبة .

تقريعك هنا كان ضروريا كونك دأبت مؤخرا على تزييف الحقائق ببراعة متمرس في المساجلات وليس بنزاهة ومسؤولية مثقف تجاه بلده ومجتمعه لحظة الحاجة لمن يومئ له نحو مخرج آمن وليس بإذكاء مبعث شروده وذهوله بالمزيد من جلد الذات لحظة عناء وضياع .

الفائدة الوحيدة من منهجك في هجاء نظرية المؤامرة  هو انك لن تفكر أن هذا المقال في سياق مؤامرة للتقليل من شأنك .

نحن بحاجة لكل فكرة وعقل يمني يحاول ويبحث عن طريق آمن .

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!