شراكة وهمية

فضل الكهالي
الاثنين ، ٠٧ يونيو ٢٠٢١ الساعة ١١:٢٩ مساءً
مشاركة |

 

من ضمن العبارات التي ذكرها المؤلف جاكسون براون في كتابة الرائع "إرشادات

 الحياة القصيرة" هذه المقولة العميقة "لا تشارك رجلا فشل ثلاث مرّات"!

لو أسقطت هذه العبارة على المشاهد السياسية في كثيرٍ من البلدان النامية، التي

 يسودها الإخفاق بمختلف أشكاله، لوجدت أن المعادلة مختلفة تماماً.. فمعظم

 الساسة فيها يعاملون مواطني شعوبهم وكأنهم روبوتات آلية، لها خط سير محدد لا

 يجب أن يحيدوا عنه. وكل ما عليهم القيام به هو تلقي الأوامر وتوزيعها في ما

 بينهم. فالشعب:

شريكهم في الالآم  لا الآمال؛

شريكهم في الأتراح لا الأفراح؛

شريكهم في الخسائر لا الأرباح؛

شريكهم في الالتزامات لا الحقوق؛

 

يراهنون بهم (المواطنين) ولا يراهنون عليهم؛

يضحّون بهم ولا يضحّون لأجلهم؛

يساومون بهم ولا يساومون عليهم؛

ويحجرون على عقولهم كما يتم الحجر على القُصّر وفاقدي الأهلية، بحجة الخوف

 عليهم، لا الخوف منهم.

 

لطالما قرأنا عن القوميات ونحن في شتات، وعن التقدّمية ونحن في مؤخّرة

 الصفوف، وزجرنا التكتلات الهادفة بحجة أنها تمزّق النسيج الاجتماعي، وجُبلنا في

 المدارس على تجرّع ما يحافظ على وحدة القبيلة، التي جلدت ظهور الشعوب

 وقضت على آمالهم في المدنية.

 

فانتقدنا الحداثة بحجة أنها تقضي على الموروث الشعبي وضجّت مسامعنا بأصوات

 تُعلن أن العلمانية والليبرالية كفر بواح، فأبحرنا بقيم مجتمعية هشّة عكس الرياح.

وبعد ان أهترأت مراكبنا وأدمتنا الجراح، أصبحنا ننادي بالانفتاح. انفتاح "مُغلق" لا

 توصيف له في أي قاموس ولا يمتّ بأية صلة للانفتاح.

 

والأدهى والأمرّ أن الأمر وصل بالبعض إلى حد اعتبار المطالبات بالتغيير خيانة

 

 عظمى، والجمود الفكري ولاءً وطنياً، وأن دوام الحال ليس من المحال..

 

هذا كله وأكثر يحدث في بلدان تتبجّح بـ"ديمقراطية" هي أبعد ما يكون عن

 الديمقراطية! ومن يتعمق في تحليل ما وصل إليه حال بعض البلدان التي تصف

 نفسها بـ"الديمقراطية" سيجد أن كثيراً من الممالك والسلطنات والإمارات

 

 والإمبراطوريات أفضل حالاً منه حتى في مجال الديمقراطية نفسها.

 

في نهاية المطاف، يتم تصنيف المفكرين والتنويريين كـ"أعداء للنجاح"، الذي لم

 يوجد بعد، وقد لا يوجد، وإن شاءت الأقدار أن يوجد فإن المواطن أكثر من يفخر

 به.. فأعطونا أوطانا نفخر بها نُعطِكم فخرا يفوق توقعاتكم!..

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!