ألمانيا تستخدم الخميرة والجيش الأميركي يلتحق بالروسي لتطوير لقاح كورونا.. فهل يفلت الفيروس؟

د. أسامة أبوالرُّب
الثلاثاء ، ١٦ يونيو ٢٠٢٠ الساعة ٠١:١٦ صباحاً
مشاركة |

انضم الجيش الأميركي إلى سباق إنتاج لقاح لفيروس كورونا المستجد "سارس كوف 2" المسبب لمرض كوفيد-19، بعد أن فعل ذلك الجيش الروسي. وفي ألمانيا يسعى باحثون لاستخدام الخميرة لهذا الغرض. ولكن هل تنجح اللقاحات مع تطور فيروس كورونا وتغييره لشكله؟

ويجري السباق على إنتاج لقاح لكورونا المستجد على قدم وساق في جميع أنحاء العالم، ويوجد حاليا 150 مشروعا حول العالم لإنتاج لقاح للفيروس الذي تجاوز عدد إصاباته في العالم 7.9 ملايين حالة حتى صباح اليوم الاثنين، وذلك وفقا لموقع جامعة جونز هوبكنز الأميركية.

كما أظهرت البيانات أن عدد المتعافين اقترب من 3.8 ملايين شخص، وتجاوز عدد الوفيات 433 ألفا.

ونبدأ من الولايات المتحدة، حيث أعلن معهد والتر ريد للأبحاث في الجيش (WRAIR)، وهو مختبر تابع للجيش، أن لقاحا لفيروس كورونا المستجد سيدخل الاختبار على البشر.

ويسمى هذا اللقاح "إس بي إف إن SpFN" وهو اختصار "سبايك فيرين نانو بارتكيلز Spike Ferritin Nanoparticle". ومن المقرر أن يبدأ الاختبار على البشر في أقرب وقت ممكن هذا الشهر، بعد أن تم تحديد النموذج الأولي للقاح ليكون آمنا للتجارب البشرية، وفقا لما كتب كريس أوسبورن في موقع ناشونال إنترست.

فئران

وتم اختبار اللقاح أولا على الفئران، حيث وجد أنه يؤدي إلى تحفيز إنتاج أجسام مضادة، وذلك وفقا لتيري ويلش مدير الاتصالات الاستراتيجية بمعهد والتر ريد للبحوث.

وننتقل إلى روسيا التي تخطط لبدء إنتاج لقاح لفيروس كورونا في سبتمبر/أيلول المقبل، بعد أن تتلقى الموافقة السريرية في أغسطس/آب.

وقالت تاتيانا جوليكوفا نائبة رئيس الوزراء في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الحكومية (تاس) السبت إن متطوعين يخضعون حاليا لاختبارات سريرية.

وأعلن مركز جماليا القومي لبحوث علم الأوبئة والأحياء الدقيقة Gamaleya National Research Centre of Epidemiology and Microbiology عن تطوير اللقاح في مايو/أيار الماضي.

ووفقا لمدير البحوث ألكسندر جينزبرج، ليس للقاح أي آثار جانبية، وقال إن علماء المعهد اختبروا اللقاح على الحيوانات ثم على أنفسهم.

ولم يتم نشر دراسة بعد عن اللقاح، ولم يتم التأكد من البيانات التي أدلى بها العلماء أو مسؤولو الحكومة بصورة مستقلة.

ويعمل الجيش الروسي حاليا على اختبار اللقاح على خمسين جنديا متطوعا في منشأة بحوث عسكرية بمنطقة موسكو. ومن المقرر أن يكتمل الاختبار بحلول نهاية يوليو/تموز المقبل.

الخميرة

وننتقل إلى ألمانيا حيث يعمل عالم الأحياء الدقيقة ميخائيل بيونتك على استخدام خلايا الخميرة، لتطوير لقاح لفيروس كورونا.

ومنذ كان طالبا، يجري بيونتك تجارب على خلايا الخميرة. واعتمادا على التكنولوجيا قامت شركته "آرتس بيوتكنولوجي ARTES Biotechnology" في لانغنفيلد بولاية شمال الراين وستفاليا بمد السوق بلقاح ضد التهاب الكبد الوبائي "ب".

ومنذ أبريل/ نيسان الماضي يعمل بيونتك مع موظفيه البالغ عددهم 25 فردا على التوصل إلى لقاح ضد فيروس كورونا.

والخميرة هنا مجرد عامل مساعد، من خلالها يمكن لشركة آرتس إنتاج بروتين، من المفترض أن ينتج الأجسام المضادة في الجسم ضد فيروس كورونا.

ويسعى بيونتك إلى اختبار اللقاح على الحيوانات هذا الصيف، ويمكن أن تبدأ الدراسات السريرية البشرية الأولى نهاية العام.

ففي الطابق السفلي من الشركة هناك رائحة حلوة، هنا "حساء الزراعة" كما يسميه بيونتك، فقاعات في قوارير من الصلب والزجاج.

ويتم نشر سلالات الخميرة المعدلة وراثيا من 15 لترا من هذا الحساء. وفي أربعة إلى خمسة أيام، يجتمع كيلوغرام ونصف من الخميرة معا. ويقول بيونتك "يمكننا بعد ذلك استخدامه لإنتاج 1.5 غرام من البروتينات المناسبة".  وتبدو الكمية قليلة في البداية، ولكن وفقا لبيونتك، يمكن أن تكون كافية لإنتاج 100 ألف جرعة من اللقاح.

ويتم إنتاج لقاح التهاب الكبد "ب" بالفعل في الهند والولايات المتحدة وفيتنام وإندونيسيا وتايلند. ونظرا لأن الإنتاج بسيط نسبيا، فإن صاحب المشروع متأكد من أنه يمكنه المساعدة في ضمان التوريد لجميع أنحاء العالم.

هل تنجح اللقاحات مع تطور الفيروس؟

هذا هو السؤال مطروح، خاصة بعد أن كشف باحثون أميركيون، السبت، أن فيروس كورونا المستجد تطور بشكل يجعله أشد قدرة على مهاجمة الخلايا البشرية، وهو ما رأى عالم فيروسات أنه وراء ارتفاع عدد الحالات بالولايات المتحدة وأميركا الجنوبية.

ورصد علماء من معهد سكريبس للأبحاث حدوث طفرة لبروتين النتوءات الشوكية الموجود على سطح الفيروس، والتي تساعده على دخول الخلايا، بحسب موقع الحرة الأميركي، ووكالة الأناضول.

ووجد العلماء طفرة "دي 614 جي D614G" تمنح الفيروس مزيدا من هذه النتوءات، وتجعلها أكثر استقرارا، وهو ما يسهل بدوره التصاقه بالخلايا واختراقها.

وكشف هيريون تشوي، عالم الفيروسات الذي شارك في الإشراف على الدراسة، أن البحث توصل إلى أن الفيروسات التي حدثت لها هذه الطفرة كانت معدية أكثر بكثير من تلك التي لم تحدث لها الطفرة.

وقالت شبكة "سي إن إن" إن نتائج الدراسة الأخيرة لا تزال بحاجة إلى مراجعة، ومزيد من الأبحاث حول تأثير هذه الطفرة على مسار الجائحة التي يشهدها العالم.

لكن وليام هاسيلتين، عالم الفيروسات ورجل الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية، الذي تسلم نسخة من النتائج، قال -بحسب الشبكة- إنها تفسر سبب الانتشار السريع للفيروس في الأميركتين، وأضاف أن الفيروس يتغير، واستطاع التكيف مع البشر.

إذا صنعنا لقاحا سيحاول الالتفاف عليه

رأى العالم أن النتائج تظهر أننا يجب أن نكون في حالة تأهب للتغير المستمر في حالة الفيروس لأنه قادر على الاستجابة لكل ما نقوم به للسيطرة عليه. وإذا صنعنا دواء سيقاومه، أو لقاحا سيحاول الالتفاف عليه، ولو بقينا في المنزل، سيعرف كيف يبقى فترة أطول.

يذكر أن علماء قاموا بدراسة التسلسل الجيني للفيروس لتتبع مسار طفراته منذ ظهوره أول مرة، وحذروا من سرعة انتشاره حول العالم.

وما يعطي هذه الدراسة أهمية أنها تأتي بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن الطفرات التي تم رصدها حتى الآن لن تؤثر على فعالية اللقاحات قيد التطوير.

وقالت المنظمة في وقت سابق إن الطفرات لم تسهل انتقال العدوى، أو تجعل الفيروس أكثر قدرة على التسبب في أمراض خطيرة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، حذرت بيتي كوربر الباحثة في مختبر لوس ألاموس بولاية نيومكسيكو الأميركية من طفرة D614G، وقالت إنها مصدر قلق لأنها أصبحت أكثر السلالات انتشارا بالبلاد وفي أوروبا.

*مقال للدكتور أسامة أبو الرُّب نشر على الجزيرة نت

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!