ضبط شحنة دقيق مسوّس في ميناء المعلا: إجراءات روتينية أم زوبعة إعلامية !!

محمد خالد
الاثنين ، ٢٤ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ١٢:٤٥ مساءً
مشاركة |

 

 أثارت قضية شحنة دقيق ونشا الذرة المقدرة بـ 5 آلاف طن، والتي تم ضبطها على متن إحدى البواخر في ميناء المعلا، جدلاً واسعاً بين المواطنين والمراقبين. وقد تدخلت العديد من الجهات الرسمية مثل نيابة الصناعة والتجارة، هيئة المقاييس والمواصفات، إدارة الجمارك، وإدارة حماية المستهلك لفحص الشحنة وتحديد مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.

 

إجراءات التفتيش والمعاينة 

 

 وفقًا للتقارير الرسمية، تم فتح محضر ضبط رسمي بناءً على وجود علامات تسوس واضحة في أجزاء من الشحنة، بعد أن أكد خبراء متخصصون وجود مشكلات جوهرية في جودة المنتج. وأشرفت هذه العملية وكيل نيابة الصناعة والتجارة، وبتوجيهات مباشرة من النائب العام القاضي قاهر مصطفى، لتوضيح المسؤوليات القانونية والأخلاقية تجاه حماية حقوق المستهلك. ومع ذلك، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل كانت هناك حاجة فعلية لكل هذا "الضغط" والضجة الإعلامية حول القضية؟ أم أن الأمر أصبح مجرد سيناريو مبالغ فيه لعرض الأداء الرسمي بطريقة تبدو وكأنها قصة بطولية؟

 

هل هذه الإجراءات ضرورية أم هي مجرد إستعراض؟

 

من المهم الإعتراف بأن حماية المستهلك هي مسؤولية أساسية للجهات الحكومية، خاصة عندما يتعلق الأمر بصحة وسلامة المواطنين. ولكن، يجب أيضاً النظر في كيفية تنفيذ هذه الإجراءات ومدى كفاءتها. فالشحنة التي تم ضبطها ليست حالة معقدة أو غامضة تحتاج إلى لجان متعددة أو دراسات طويلة الأمد. الدقيق المسوس أو المتضرر من المياه البحرية يمكن تحديده بشكل سريع من خلال الفحص البصري أو باستخدام أدوات تقنية بسيطة. لماذا إذن تم تشكيل لجان كبيرة وتخصيص اجتماعات مطولة لمناقشة الموضوع؟ لماذا تم إدخال الشعب في التفاصيل اليومية لهذه القضية عبر وسائل الإعلام؟ يبدو أن هناك نوعًا من الاستعراض غير المبرر، حيث تحولت مهمة روتينية إلى حدث كبير يهدف إلى إظهار الجهود الحكومية بشكل مبالغ فيه.

 

التاجر والمسؤولية الأخلاقية

 

 بالتأكيد، لا يمكن تبرير تصرف التاجر الذي حاول إدخال شحنة دقيق مسوس إلى الأسواق المحلية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد. لكن، بدلاً من التركيز على العقوبات القانونية فقط، كان الأجدر بالجهات المعنية تعزيز الوعي لدى التجار حول أهمية الالتزام بالمعايير الصحية وعدم التلاعب بأرواح الناس. وفي حال لم يكن التاجر على دراية تامة بخطورة السوس في الغذاء (رغم أنه أمر معروف)، فإن الحل ليس فقط في العقوبة، بل في تقديم أمثلة عملية توضح كيف يؤثر مثل هذا النوع من السلع على الصحة العامة. ربما لو تم تصنيع بعض الخبز من نفس الشحنة المصابة وتقديمه له، لكانت الرسالة أكثر وضوحًا وتأثيرًا!

 

إرهاق الشعب في الصغائر والكبائر.

 

 من المؤسف أن المواطن العادي يجد نفسه مرغمًا على متابعة مثل هذه القضايا الصغيرة التي تعتبر جزءًا من واجبات الحكومة الأساسية. بدلاً من تركيز الجهود على قضايا أكبر وأكثر تأثيرًا مثل مكافحة الفساد الكبير أو تحسين البنية التحتية، يتم تشتيت الانتباه نحو مشاكل بسيطة تُحل عادةً دون الحاجة إلى ضجة إعلامية. المواطن الذي يعاني الويلات بسبب الحرب الاقتصادية والغلاء المعيشي، لا يحتاج إلى سماع المزيد من التفاصيل عن كيفية عمل اللجان أو كيف تم ضبط الشحنة. ما يحتاجه هو ضمان عدم دخول أي منتجات فاسدة إلى السوق، مع توفير بيئة اقتصادية آمنة ومستقرة.

 

 متى نرتاح؟

 

في النهاية، يجب أن يكون الهدف الأساسي لأي نظام حكومي هو تحقيق الكفاءة والشفافية في العمل، وليس إثارة الجدل أو إظهار الإنجازات بشكل مبالغ فيه. إذا كانت هذه القضية مجرد مثال واحد على كيفية التعامل مع المشاكل اليومية، فإننا نحتاج إلى إعادة النظر في أولوياتنا وطرق عملنا. ربما حان الوقت لأن نرى أقل قليلاً من "القصص البطولية" وأكثر قليلاً من العمل الصامت والفعال الذي يخدم مصالح الجميع. الله وحده يعلم متى سنصل إلى ذلك اليوم!

 

أبرز ما جاء في لقاء معالي الدكتور شائع محسن الزنداني مع قناة سكاي...

لا تعليق!