كيف خطف الحوثيون ودول الرباعية السيادة اليمنية؟

د. عادل الشجاع
الاثنين ، ٢٤ مايو ٢٠٢١ الساعة ٠٨:٢٧ مساءً
مشاركة |

الدولة، أي دولة في العالم هي تنظيم سياسي واجتماعي واقتصادي وأمني، يحق له دون غيره أن يحتكر أدوات القوة ، وتعرف أي دولة في العالم بأنها كيان يتمتع بالسيادة الداخلية بوصفها كيانا يملك سلطة قصوى نهائية ومستقلة وقراراته ملزمة لكل المواطنين ، والمجموعات والمؤسسات، وتنبع السيادة الخارجية من السيادة الداخلية ومنظومة العلاقات الدولية.

إن أزمة السيادة في اليمن هي أزمة متراكمة ، بدأت مع تشكل الأحزاب اليمنية بمرجعية خارجية أثناء العمل السري وفي لحظة التصاعد الثوري العربي في الأربعينات من القرن العشرين ، وتجلت بشكل مخجل للغاية في التمرد المسلح الذي قادته عصابة الحوثي عام 2004 ، واستمر حتى 2010 واكتملت حلقاتها بإدخال هذه العصابة إلى العاصمة صنعاء ومن ثم التمدد إلى المحافظات الأخرى.

منذ أدخلت عصابة الحوثي الإرهابية إلى صنعاء جرحت السيادة اليمنية من الداخل وفتحت الطريق أمام التحالف العربي الذي جاء تحت شعار استعادة الشرعية وتحولت اليمن إلى ساحة للموت الجماعي للشعب اليمني ، فضلا عن ولادة مليشيا جديدة في المحافظات الجنوبية بحماية التحالف نفسه.

مع مرور الوقت تشكل ما سمي بالرباعية لمناقشة الأزمة اليمنية من كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة عدا اليمن ولم يحضر حتى وزير خارجية اليمن هذه الاجتماعات ومن هنا وضعت السيادة اليمنية الخارجية في بداية طريق الأزمات التي كانت سببا في إضعاف الشرعية وإضعاف سيادة الدولة.

ونتيجة لهذا الوضع وارتباط عصابة الحوثي الإرهابية بمحور إيران ذهبت القوى السياسية اليمنية إلى الارتباط بعضها بالمملكة العربية السعودية وبعضها بدولة الإمارات ، فانقسمت الشرعية إلى قسمين ، وأسهمت تلك الارتباطات في تصدع الشرعية وسيادة الدولة الوطنية بالمعنى السياسي والقانوني ، وتعددت سلطات القرار اليمني.

لم يكن الحوثيون وحدهم الذين بددوا السيادة الداخلية ، فقد شاركتهم مليشيا ما أسمي بالمجلس الانتقالي التي جعلت الشرعية محل نزاع أو ارتباك وتبديد السيادة الداخلية ، ونتيجة لأن الرباعية هي التي تقرر باسم اليمن فشلت الشرعية في الحفاظ على السيادة الخارجية وكذلك قدرتها على التحكم والسيطرة في بيئتها الداخلية.

ساهمت القوى السياسية بمختلف ألوانها في الشرعنة للتدخلات الخارجية ، ابتداء من شرعنة عصابة الحوثي الإرهابية للتدخل الإيراني وتحكمه بالملف اليمني ومقايضته بملفه النووي ، مرورا بالقوي السياسية التي ارتمت في أحضان السعودية ونزولا عند القوى التي ارتمت في أحضان الإمارات دون وضع أي معيار لمصالح اليمن مع مصالح هذه الدول.

وهكذا أمست السيادة اليمنية ضحية للصراع بين هذه الأطراف التي خلقت نوعا من التقسيم الفعلي وتفردها بممارسة السلطة وتحويلها من سلطة الدولة المركزية إلى سلطة وهمية وأصبحت العلاقات الخارجية إنعكاسا لمواقف هذه القوى الداخلية.

سأعرج مرة أخرى على الرباعية للحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كون بريطانيا تمسك بالملف اليمني وتديره من الخلف وتعبث به بطريقة تسيء للسيادة اليمنية وبالمثل الولايات المتحدة الأمريكية التي شاركت بريطانيا الوقوف بكل الإمكانات إلى جانب عصابة الحوثي الإرهابية ومنع الشرعية من تحقيق انتصار يضعف هذه العصابة ويلجؤها إلى السلام ، إضافة إلى غض الطرف عن الدور الإماراتي التخريبي في اليمن وكذلك التخلي عن دورهما في تطبيق القرارات الدولية كونهما عضوين في مجلس الأمن.

ما نخلص إليه أن الصف الجمهوري بات مطالبا بإجراء مصالحة عاجلة لكي يستطيع استعادة السيادة الداخلية والخارجية ، وعلى الشرعية أن تفتح باب الحوار مع المملكة العربية السعودية والإمارات من ناحية ودول الرباعية من ناحية أخرى ، فيما يتعلق بإعادة صياغة العلاقة وفق مصالح هذه الدول مع مصلحة اليمن وليس بعيدا عنها.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!