يريدون استنزاف الشمال في مأرب للوصول إلى فصل الجنوب

د. عادل الشجاع
الجمعة ، ٢٣ ابريل ٢٠٢١ الساعة ٠٢:٥٨ صباحاً
مشاركة |

بعد مرور ست سنوات حرب والدخول في السنة السابعة يواجه المراقبين والمحللين السياسيين سؤال: مالذي ينتظر اليمنيين بعد هذه السنوات السبع؟ وأي مستقبل لجيل لم يعرف غير الموت والخراب والدمار والإنهاك والإرهاب الحوثي المحمي أمريكيا وإيرانيا والمقبول إسرائليا؟ الإجابة واضحة، فالدعم الأمريكي المعلن للحوثيين يكشف حقيقة التواطؤ الأمريكي الإيراني في حرب الاستنزاف التي تواجهها اليمن وتحديدا ما يجري اليوم في مأرب.

قد يتساءل القارئ الكريم كيف يمكن الجمع بين الأطراف المختلفة واتفاقها على ما يجري في اليمن وللإجابة على هذا السؤال، نقول ، قد تختلف المصالح، وبالتالي فإن تقييم المشهد الراهن في اليمن يأتي ضمن معادلة القوى الإقليمية والدولية، ومن مجريات الأحداث والوقائع على الأرض نجد أن هناك إجماعا غير معلن على أن يظل الخراب والدمار وأن تستمر الحرب وتحديدا في مارب بهدف إعادة اليمن إلى مرحلة غير مسبوقة حتى لو توقفت الحرب بعد ذلك.

أمريكا تذرف دموع التماسيح على اليمن وعينت مبعوثا خاصا لها تزعم أنها تريد وقف الحرب والذهاب نحو السلام ، والمنظمات الدولية تتنافس في تقديم الإحصائيات والأرقام حول نسبة الجوع وحاجة اليمنيين للطعام، لكن لا أحد يتحدث عن ضرورة تنفيذ القرارات الدولية، ولا أحد يلزم عصابة الحوثي الإرهابية بوقف هجماتها على مارب، لأنه مطلوب شغل الشمال بحرب قذرة لإفقاره واستنزافه بشريا وتعميق الأحقاد، حتى يتسنى لهذه القوى فصل الجنوب عن الشمال.

ما يجري في مارب يجب أن يحفز جميع اليمنيين للالتفاف حول جمهوريتهم ومستقبل أبنائهم، والخطاب هنا لليمنيين المرتبطين بتربة هذا الوطن الذين ترعرعوا فيه وليس أولئك الذين امتهنوا العمالة لإيران أوالإمارات أوالسعودية أو أي دولة أخرى، فلا ننتظروا حلا من أمريكا أو إيران أو بريطانيا أو روسيا أو الإمارات، فجميعهم يحققون مصالحهم على حساب مصلحة اليمن وسيادته ولن نخاطب الأمم المتحدة التي أغرقت نفسها في الإحصائيات عن عدد الجائعين والنازحين.

لا خلاف أن الخنجر الحوثي هو الأكثر استنزافا لليمنيين وهو الذي أعطى ذريعة للسعودية والإمارات لشن حرب أخرى تضاف إلى حرب الحوثي على اليمن واليمنيين وأن السلام في اليمن لن يتحقق إلا بهزيمة هذه العصابة الإرهابية، وهزيمتها سهلة جدا، فقط إذا كشف اليمنيون الغطاء عنها وأدركوا أن بقاءهم معها يساعد القوى الإقليمية والدولية على تدمير اليمن.

لست بحاجة إلى لفت نظر الأحزاب السياسية اليمنية وغيابها عن المشهد وعدم استحضار قياداتها لدروس الاختبارات في العراق وسوريا ولبنان يجعل اليمن فريسة سهلة وهدفا لقوى إقليمية ودولية كانت تنتظر الفرصة للانقضاض على اليمن وقد حققت عصابة الحوثي الإرهابية هذه الفرصة لهذه القوى ، فقد وجدت القوى الإقليمية والدولية أن حكم المليشيات وهشاشة الحياة ، هي بمجموعها الملعب المناسب لتمرير الكثير من أهدافها ، على غرار ما فعلوا بسوريا والعراق.

معركة مأرب هي معركة وجود وسينتصر فيها الشعب اليمني وسيسقط كل المؤامرات التي تحاك ضده ، وعلينا فقط إعادة قراءة الواقع وفق ثبات الجغرافيا وتغير السياسة ، كما قال نابليون : ’’السياسة ابنة التاريخ، والتاريخ ابن الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة لا تتغير، ولهذا لابد من الجلوس مع المملكة العربية السعودية التي تأتي علاقتنا بها من ثبات الجغرافيا وإقناعها بأن منع وحدة اليمن الجغرافيا واستنزاف الجيش الوطني وعدم تسليحه، يخدم المصالح الإسرائيلية والإيرانية اللتان تسعيان ومن ورائهما أمريكا وبريطانيا إلى فك وتركيب الجغرافيا العربية على تخوم المذهبية والطائفية والثروات، والسعودية أكثر المستهدفين من ذلك، وقد قال جواد ظريف ذلك لعادل الجبير إن الحرب في اليمن لن تكلف الخزينة الإيرانية ريالا واحدا ، بينما ستكلف المملكة أموالا وجنودا وطاقة.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!