كيف مات زكريا الشامي؟

د. مروان الغفوري
الثلاثاء ، ٢٣ مارس ٢٠٢١ الساعة ٠١:١٩ صباحاً
مشاركة |

الكهان كثيرون، والحقيقة في مكان آخر. شكر رواد تويتر سلاح الجو السعودي، وعلى فيس بوك جرت أحاديث عن تصفيات داخلية، وقال خلق قليلون إنه أصيب بالوباء. أبرز الفرضيات، وقد ارتقت لمستوى الحقيقة، أن ضربة جوية قضت على الرجل ضمن آخرين كابن حبتور وخالد العماد وغيرهم . على تويتر يشكر المغردون السعوديون طيارهم البطل الذي قضى على الرجل الخطر، وعلى آخرين أقل أو أكثر خطرا.

قبل شهر من الآن أصيب زكريا الشامي بفيروس كورونا، وبقي أسبوعا كاملا في منزله يرفض الذهاب إلى المستشفى. في الأيام تلك أصيبت زوجته وأمه، كما أصيب والده الجنرال القوي يحيى الشامي.

نقل أربعتهم إلى مستشفى السعودي الألماني في صنعاء، أما زكريا فقد استدعى نقله إلى العناية المركزة. على الفور وضع على أجهزة التنفس الاصطناعي ولكن حالته تطورت إلى فشل شامل في وظائف الرئة. على مدى أسبوعين تعقدت حالة الرجل إلى أن فارق الحياة في اليوميين الماضيين.

لا تزال والدته ووالده في المستشفى نفسه، في وحدة العزل، وثلاثتهم في وضع صحي مستقر إلى حد بعيد، باستثناء الأب الذي يتحسن على نحو أبطأ، ولكنه على أية حال في الجانب الهادئ من المرض. 

يرقد في العناية الفائقة في المستشفى نفسه رئيس وزراء الحوثيين الدكتور بن حبتور، وقد سمح الحوثيون بتسرب بعض المعلومات عن حبتور، وتكتموا بصورة فاشية على حياة السيد الشامي. أدخل بن حبتور إلى المستشفى قبل زكريا الشامي، ومنذ ثلاثة أسابيع يكافح الأطباء للسيطرة على فشل رئتيه دون فائدة. 

الوضع الصحي لابن حبتور مليء بالعظة والعبرة، فهو يرقد في وضع على الحافة بينما تدور الأعين الحوثية حول يحيى الشامي مانحة إياه النصيب الأكمل من الرعاية والتضامن. 

حالة ابن حبتور لا تسر أحدا حتى أعتى الخصوم وتبدو حياته كليا على المحك.  كورونا يجتاح المدن وقد أنهى حياة خالد العماد قبل وقت قريب،  وهو رجل أعمال يملك/يدير شركة تأمين دارت حول وفاته الأقاويل. التهمه المرض، ولم يمنحه من الزمن سوى أسبوع كامل. مما يثير في حياته القصيرة الطريقة التي فارق بها الحياة. رفض الذهاب إلى المشفى خوفا على سمعته، ربما،  إلى أن هب أقاربه محاولين إنعاشه في منزله، وكان الوقت قد تأخر كثيرا.

هذه ليست قصصا للتسلية بل جرسا أضربه الليلة أمامكم:

خذوا الوباء على محمل الجد.

أما عن مدى صحة ما نشرته فليس أمامي سوى أن أقول لكم:

هذا تحذير بمثال من الحقيقة. ليست المآسي الفردية للناس مما يصلح للتسلية، لولا أن بعضها يأخذ شكل النذير.

أرجو أن تتوقفوا عن الكهانة والهري الفارغ، فأحد الرجلين مات في العناية المركزة بسبب كورونا في المستشفى السعودي الألماني

والآخر ينتظر في المكان نفسه وتحت الظروف نفسها..

م.غ.

تعقيب من الكاتب على المقال:

قبل ساعتين كتبت كيف مات زكريا الشامي بكورونا، وهو جنرال ميليشوي قتل هو ووالده من اليمنيين ما لم يقتله الأتراك في 400 عاما.

وقلت إن رئيس الحكومة الحوثية في حالة طبية حرجة في العناية المركزة في المستشفى السعودي الألماني. 

إصابة مباشرة للسردية الحوثية التي تصر على القول إن كورونا أداة من أدوات العدوان.

ينظر لمن يرتدي الكمامات في صنعاء بقدر من الريبة،  فهو شخص مستعد لتلقي الحكايات القادمة من خارج الحدود بترحاب،  ويرفض الحكاية المحلية. كأن الكمامة نظير للعدوان، للتواطؤ والتوجس والرفض.

عام كامل والحوثيون يرفضون الاعتراف بالوباء، حتى الموجة الثالثة.

على عاتق كل سلطة أمر واقع تقع مسؤوليات، في مقدمتها دفع رواتب العاملين وتوفير الطبابة للسكان. أخذوا الناس رهائن، واستخدموهم في حروبهم بالإكراه بلا عائد، ولا طائل. كورونا سيثير الفزع، وقد يعيق  ترتيباتهم وحشودهم. فليدفن الوباء بالنكران.

تستطيع أن تطلب عونا من الخارج، أجهزة تنفس كما تطلب المدافع والصواريخ. تستطيع أن لا تغزو مأرب، مثلا. المسألة ستتعقد، سيقال لهم إذن عليكم أن توقفوا الحشود، أن لا تشنوا حروبا في زمن كورونا، إلى غير ذلك من أساسيات مواجهة أي وباء في كل التاريخ.

ثمة قصة متكررة في التاريخ: ثم أوقف الوباء الحرب. كانت حتى بربريات الأزمنة الغابرة أعلى أخلاقا وأكثر مسؤولية من جماعتنا الطاهرة.

تركت المسألة برمتها للحدس الفردي.  بالإمكان فرض الحد الأدنى من الإجراءات على الحياة العامة، خفض معدل انتقال العدوى ولو 20%.. منذ عشربن عاما يقاتل الحوثيون، شبعوا من جثث أهل بلدهم وقست قلوبهم. لم يعد الموت ذا شأن، فلم يعرف عبد الملك الحوثي في حياته سواه.

لا يهم إن مات الشامي أو حبتور، مخلوقات إرهابية قتلت شعبها بالطول والعرض. الوباء هناك، وقد بلغ أبعد الأماكن وأصعبها. هذا ما يهم في القصة. مات الإرهابيون داخل الحقائق التي أنكروها، حدث ويحدث. لا جديد في تلك النهايات الدرامية سوى الأسماء. فصول رثة من التاريخ، قلت قبل قليل إنها مليئة بالعظة، والحقيقةإنها نهايات مملة ومكرورة. 

هل سيفيدكم في شيء أن تعرفوا أن زكريا الشامي مات

بكورونا، وأن بن حبتور في وضع حرج؟ نعم، بالنسبة لسكان العاصمة وما حولها فهذان من كبار رجال دولتكم، ومن المفترض أنهما يتحركان في دوائر منيعة وأن منظومة طبية خاصة جاهزة لإنقاذهما في الوقت المناسب.

ولسواهم، خذوا حذركم، الحقيقة أوسع من كل الظنون، ومن كل ضروب الطمأنينة الخادعة. 

طبعا في ناس رأوا في حديثي تشفيا أو إشاعات. 

هذه الخانة من الناس عندها مشكلة معقدة في السوفتوير الخاص بها، وكل نقاش معها لن يجلب أي نتيحة.

م.غ.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!