رئيس الوزراء يحوّل الوطن إلى عمولة

د. عادل الشجاع
الاثنين ، ٠٨ مارس ٢٠٢١ الساعة ٠٤:٥٩ صباحاً
مشاركة |

لم يكاد يجف حبر تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة حول التلاعب بالوديعة السعودية ، حتى نفاجأ بشجاعة رئيس الوزراء في اقتحام باب جديد من أبواب الفساد وتوجيهه بالأمر المباشر بشراء مائة ألف طن من مادة الديزل من شركة غير مؤهلة وبدون موافقة من المكتب الفني بالمجلس الاقتصادي وبفارق سعر عما كان معروضا في السوق وصل إلى 23 مليون دولار ، إضافة إلى إلزام شركة النفط بدفع الجمارك والضرائب نيابة عن هذه الشركة، بحجة الظروف الحرجة والطارئة.

ولست بحاجة إلى القول إن تجرؤ رئيس الوزراء على إرتكاب مثل هذه المخالفة يعود إلى غياب مجلس النواب الذي اختطف من قبل رئيسه وحوله إلى شنطة متحركة يقايظ به صفقات الفساد ويقاسم المافيات التي سرقت البلاد وتسلل معهم إلى الإدارة وصاروا جميعا يتحكمون بالرشوة والصفقات والسمسرات.

لم يكن أحدا يتوقع أن التلاعب بالوديعة السعودية التي كشف عنها تقرير الخبراء التابع للأمم المتحدة أنه سيمر مرور الكرام على مرأى ومسمع من البرلمان وتوقع الكثيرون أن ينتفض البرلمان ويشكل لجان تقصي لمساءلة المتلاعبين بمصير هذه الأموال وحماية الشرعية من خطر الزوال.

لكن من يعرف جشع المتخمين الذين لا يشبعون وخبث الذين عطلوا السلطة التشريعية يدرك بأنه من العبث أن ننتظر ممن تلوث بالفساد أن يحقق في صفقات الفساد أو يكون له رأي في صفقات الهدر والإفساد.

إن سرقة الوديعة يعود إلى نظام النهب الممنهج والذي تورطت بها بعض الأطراف في الحكومة مثلما أفاد به تقرير الخبراء بالدلائل والوثائق دون أن يحرك رئيس البرلمان أي ساكن وكأن سرقة اليمنيين مباح وجائز.

لاشك أن غياب المحاسبة وغياب البرلمان عن المساءلة قد سمحا للفساد أن يتجذر ويصبح جزءا من الحياة اليومية ، وشجع رئيس الوزراء على توجيه وزارة النفط بالأمر المباشر بتاريخ ٥ / ٣ / ٢٠٢١، بشراء شحنة الديزل غير المطابقة للمواصفات ، مجهولة الهوية المعروضة بسعر ٣٢٥ دولار للطن بسعر ٥٥٥ دولار للطن ودفع الجمارك والضريبة نيابة عن الشركة بضمير ميت وبجريمة لا تقل عن جريمة الحرب التي يشنها الحوثيون على اليمنيين.

صحيح أن رئيس الوزراء لم يبتكر الفساد ولكنه مكنه واستفاد منه وضاعفه وشارك فيه ، وهو متواطئ ، أو متورط بشكل مباشر أو غير مباشر في صفقة الفساد هذه ، ويتحمل رئيس البرلمان المسؤلية في جعل البلد أسيرة تواطؤ الفساد بين الحكومة وبعض الشركات الخاصة مجهولة الهوية.

متى سيفهم هؤلاء الفاسدين أن اليمن ملك أبنائه وكل حجر في بنيانه كلف اليمنيين عرق جبينهم وأن الهيكل الذي يختبئون تحته سيسقط على رؤوسهم ، وعلينا أن ندرك أن مكافحة الفساد لن تتم إلا إذا تحرر البرلمان من خاطفيه وتحول من مظلة لحماية الفساد إلى سلطة تقوض الفساد.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!