هل تحتاج العلاقة بين أمريكا والحوثيين إلى إثبات؟

د. عادل الشجاع
الأحد ، ١٤ فبراير ٢٠٢١ الساعة ٠٩:٤٤ مساءً
مشاركة |

هناك أمور في حياة الإنسان تكون واضحة وضوح الشمس ، لكن العقل البشري يصاب بالعمى أمامها بسبب ما يرسمه لنفسه من صور ذهنية مغلوطة يبني عليها تصوراته وتحليلاته التي تقوده إلى استخلاص نتائج مغايرة للواقع ، فعلى سبيل المثال بنى الكثيرون تصوراتهم على أن الولايات المتحدة الأمريكية صديق للمملكة العربية السعودية وعدو لجماعة الحوثي ، بينما الواقع يقول إن أمريكا ترفض تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية بالرغم من شعار الموت لأمريكا ، ولم تقف إلى جانب  للمملكة وهي تتعرض للقصف اليومي لمدنها ومنشآتها  وتهدد بفتح ملفات تخص حقوق الإنسان بالرغم من الصداقة الظاهرية معها  .

أليس عدم إدراج الحوثي كمنظمة إرهابية ، يعد أمرا مجانبا للمنطق ، خاصة وأن جماعة الحوثي تدعو عليها "بالموت " علانية من خلال رايتها المرفوعة في الأماكن التي تسيطر عليها وتحديدا في العاصمة صنعاء ؟

من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ، ما كان لها أن تصمت على اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء وتفجير البيوت والمساجد والتوغل في مناطق عدة مالم تكن راضية عما يقومون به ، وقد بدا مضحكا تبرير القيادي في حركة الحوثي الذي قتلته الجماعة فيما بعد عبد الكريم الخيواني ، أن دعم الطيران الأمريكي لجماعته يعد دعما إلهيا لأولياء الله الصالحين ، وقد سخر الله لهم حتى أعداءهم من الأمريكيين وطائراتهم بدون طيار في قتالهم لتنظيم القاعدة .

الصور الذهنية المغلوطة تقول إن الحوثي يريد القضاء على أمريكا ، والواقع يقول إن أمريكا ساهمت من خلال المبعوث الأممي جمال بنعمر في فرض الحوثي على الرئيس هادي وعلى القوى السياسية في إشراك جماعة الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني في حين تم إقصاء فئات مهمة وتكتلات سياسية أخرى .

العمى العقلي يجعلنا نعتقد أن هناك عداء بين الحوثي وأمريكا ، بينما الواقع يعود بنا إلى مؤتمر الحوار الوطني ، حينما كان أعضاء جماعة الحوثي يشاركون في مؤتمر الحوار الوطني ، كان مقاتليهم يغزون القرى والمدن ويسقطونها واحدة بعد الأخرى ، ويفجرون البيوت والمساجد دون أن يكون لجمال بنعمر أو السفير الأمريكي ودول الاتحاد الأوروبي أي موقف أو ردة فعل .

العمى العقلي والتصور الذهني المسبق يقول إن أمريكا تناصب الحوثي العداء لأن الحوثي يريد الموت لأمريكا ، لكن الواقع يقول ، في أواخر نوفمبر 2014، منحت السفارة الأمريكية بصنعاء تأشيرة دخول إلى أمريكا للقيادي الحوثي علي العماد ومنعتها عن الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح الأستاذ عبد الوهاب الآنسي ، ليصبح علي العماد وهو عضو في مليشيا الحوثي في حضرة الشيطان الأكبر الشعار الذي يطلقه الحوثيون على أمريكا ، ويصبح أمين عام أكبر ثاني حزب في اليمن ممنوع من حضور فعالية رسمية في أمريكا .

المنطق يقول ، بعد دخول الحوثيين إلى صنعاء سيتوجهوا إلى السفارة الأمريكية وقتل السفير الأمريكي وطاقم السفارة تحقيقا لشعارهم " الموت لأمريكا " ، لكن الواقع يقول إن الحوثيين ذهبوا إلى مقر البرلمان واقتحموه واقتحموا كذلك مقر حزب التجمع اليمني للإصلاح ، أليس الصمت الأمريكي أمام كل الخروقات التي مارستها جماعة الحوثي خلال الست السنوات الماضية والجهر بالدفاع عنها اليوم يؤكد طبيعة العلاقة بين أمريكا والحوثي ؟

وليس أدل على علاقة التعاون بين الحوثي وأمريكا أكثر من بنود الاتفاق بينهما والتي نشرها الدكتور عبدالله النفيسي والتي ينص البند الأول منها على تمكين الحوثي من اليمن مقابل قيام الحوثي بضرب القاعدة في جزيرة العرب ، وينص البند الثاني على أن يقوم الطيران الأمريكي بدون طيار بإسناد جوي لدعم الحوثيين ، وينص البند الثالث على أن تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بدفع تكاليف الحرب ودفع رواتب المقاتلين الحوثيين ورعاية أسر القتلى منهم وعلاج الجرحى ، ونص البند الرابع على أن تظل بنود هذه الاتفاقية سرية ، حتى يظل الحوثي يضلل على اليمنيين ويحشدهم لقتل بعضهم البعض تحت حجة التصدي للهيمنة الأمريكية .

هذه العلاقة لا تحتاج إلى تأكيد أو نفي ، لأن ما يحدث على الأرض يرجح صحة هذه العلاقة وخاصة الاستماتة الأمريكية ومن ورائها الاتحاد الأوروبي في رفض تصنيف مليشيا مدانة من قبل المجتمع الدولي بقرارات واجبة التنفيذ ، لكن أمريكا والاتحاد الأوروبي يقفون ضد الإرادة الدولية ويشجعون الإرهاب ويبيحون قتل الديمقراطية في اليمن وقتل اليمنيين ، وتسعى أمريكا إلى ملاحقة أشباح من تنظيم القاعدة غير ظاهرين في حين تترك مليشيا تعلن عن إرهابها من خلال شعاراتها وسلوكها على الأرض .

لم يبق أمامنا سوى مغادرة التصورات الذهنية الخاطئة التي بنينا عليها صراعا وهميا بين مليشيا الحوثي والولايات المتحدة الأمريكية إلى منطق علاقة التعاون بين الطرفين ، لكي نتعامل مع الحوثي كقواد لأمريكا وإيران وإسرائيل لاحتلال اليمن ، وهذا يتوجب على من يقاتل إلى جانب الحوثي أن يوجه سلاحه إلى صدر الحوثي حتى لا يساعد على احتلال بلاده من قبل الصهيونية العالمية والانتصار على هذه العصابة سيكون سهلا ، لأنها تعتمد في بقائها على خزان المقاتلين من اليمنيين الذين اعتقدوا وهما أن هذه العصابة تواجه الهيمنة الأمريكية ، ومارب خير دليل على صناعة النصر وأنتم إلى جانب المليشيا ، فكيف إذا وضعتم سلاحكم إلى جانب إخوانكم في مارب؟

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!