هل يتجاوز اليمن الجريح جائحة كورونا العالمية؟

د. وائل أحمد عبدالكريم
الاربعاء ، ٢٥ مارس ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:٢٩ صباحاً
مشاركة |

اليمن البلد الجريح الذي انهكته الحرب وغاب عنه السلام، حرب ممتدة لأكثر من خمسة أعوام على التوالي، البلد الذي دمرت فيه الحرب كل مفاصل الدولة وقطاعاتها الحيوية بما فيها القطاع الصحي، عاش معها المواطن اليمني طيلة فترات الحرب التي لم تضع أوزارها حتى الآن، أسوأ كارثة إنسانية بسبب تفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة التي اجتاحت البلاد، في ظل غياب الرعاية و المسؤولية الكاملة من قبل السلطات لحاكمة في مناطق الصراع.

اليوم ونحن على أبواب كارثة حقيقية قد تعصف باليمن الذي يقبع قاب قوسين أو ادني منها، الكارثة الأكثر ضراوة يمكن إضافتها إلى الحرب والأوبئة التي حصدت أرواح اليمنيين، الخطر المحدق الذي يهدد معه ملايين البشر، فيروس كورونا المستجد ( كوفيد- 19)، الفيروس الذي اجتاح العالم واخضع معه إمبراطوريات اقتصادية، ودول عظمي تقف عاجزة في التصدي والسيطرة على تفشي الوباء أمام انهيار شبه كامل لمنظومتها الصحية.

في ظل هذا السيناريو المرعب هل من المتوقع أن يصمد اليمن المثقل بأعباء الحرب والذي يعيش 80% من سكانه في مجاعة وفقر مدقع أمام هذا التحدي الذي قد يخلف وراه مئات الألف من القتلى على غرار ما خلفته الحرب، في ظل انعدام أبسط الإمكانيات الطبية.

فقد تحول اليمن منذ اندلاع الحرب القائمة إلى مستنقع للأمراض والأوبئة التي باتت تتهدد حياة اليمنيين، وسط تحذيرات دولية من تدهور الأوضاع الصحية في بلد أكثر من نصف مرافقة الصحية لا تعمل، وثلثا سكانه بحاجة لرعاية صحية وفقاً لأحدث البيانات.

وعلى سبيل التذكير يعلم الكثير منا أو قد يكون اطلع على الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، والخاصة بهول العدد التراكمي لحالات الإصابة بوباء الكوليرا الذي تفشي في اليمن خلال الثلاث سنوات الماضية والتي بلغ منذ أكتوبر 2016- وحتى أغسطس 2019م، (2 مليون و36 ألف و960حالة إصابة)، بما في ذلك (3 ألاف و716) حالة وفاة بمعدل وفيات بنسبة 0.18%.

يأتي ذلك في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية وعجز في الكوادر العاملة، وارتفاع معدلات سوء التغذية الأساسية بين النساء والأطفال، كما لم تقتصر الأزمات في اليمن على وباء الكوليرا بل تم التأكيد رسمياً في اليمن على تفشي وباء حمى الضنك، وكأن الشعب اليمني الجريح كان في حاجة إلى مزيد من قسوة الحياة لتضيف له أوجاعاً جديدة إلى كل معطيات القهر التي تحيط بالبلاد من كل جانب، فقد تم تسجيل (23 ألف) حالة إصابة بحمى الضنك، في ظل تخاذل السلطات الحاكمة في كلتا مناطق السيطرة من اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تفشي الأوبئة.

ومن هنا تتزايد مخاوف تفشي وباء كورونا المستجد بعد تصريحات منظمة الصحة العالمية " بأنه لم يتم الإبلاغ عن أي حالات مؤكده بفيروس كورونا المستجد(كوفيد – 19) في اليمن، وقد اوضح مكتب المنظمة في اليمن عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك" خلو اليمن إلى هذه اللحظة من تسجيل إصابات.

كما اوضحت المنظمة وفي خطوة متأخرة بعض الشي بأنها تقوم بالشراكة مع البنك الدولي، بتجهيز مركز حجر طبي في عدن لضمان الاستعداد والاستجابة في حال تأكيد حالات مصابة. في حين يعيش اليمنيون حالة من العوز والفقر والقهر والمجاعة، إلى جانب أمراض بالجملة لم تستطع الحكومتين القضاء عليها وهي أمراض أقل تأثيراً.

ومن هنا تأتي الدعوة إلى أن نوقف بالكامل ( ولو مؤقتاً) نزاعاتناً العسكرية وأحداث العنف والتمترس من أجل مواجهة هذا العدو القاتل الذي لا يعترف باي حدود أو فوارق فالجميع معرض للخطر في صنعاء وعدن في مآرب وفي الحديدة وحضرموت في كل أنحاء البلاد الجميع في خطر، يجب معه بأن تتخذ الحكومتين في صنعاء وعدن تدابير وقائية واحترازية وعلاجية، من خلال لجان مشتركة من الطرفين للحد من انتشار الوباء في حال ظهور إصابات، إلى جانب التعاون مع المنظمات الدولية المانحة ذات الصلة.

إنها مسؤولية أخلاقية عظيمة تتجاوز أسباب الشقاق والنزاعات بين مختلف الأطراف، للحفاظ على أرواح اليمنيين وعائلاتهم وعلى ما تبقي من هذا المجتمع المنهك من الحرب وفساد الساسة، مالم فيمكن أن نجزم بأن اليمنيين ميتون لا محالة.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!