حكومة إنقاذ وطني، أم حكومة محاصة؟

د. عادل الشجاع
الثلاثاء ، ٢٧ اكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:٣٠ صباحاً
مشاركة |

يبدو أن الطبقة السياسية مصرة على مواصلة نهجها القديم فيما يتعلق بالحصص السياسية في الحكومة ، وهو ما يراه كثير من اليمنيين سببا فيما آلت إليه البلاد من أزمة ، إذ من الواضح أن التشكيلة الحالية لا تنم عن حكومة إنقاذ ومواجهة الانقلاب، بقدر ما هي حكومة غارقة في المحاصة.

والسؤال الذي يطرح نفسه : مالذي ينتظر اليمن بعد تشكيل الحكومة بهذه الكيفية؟ وهل ستمضي اليمن إلى انفراج أم إلى مزيد من الأزمة؟

رغم أن الكثير من المراقبين يبدون تشاؤما ، بشأن تشكيل الحكومة في ظل التدخلات الخارجية التي تحاول فرض مزيد من التعثر ، إلا أن البعض يطرحون بعض السيناريوهات التي تحمل بعض التفاؤل ، بعض النشطاء يحذرون من إصرار أطراف إقليمية على استخدام الحكومة لتفكيك الشرعية وتعطيل مؤسساتها ، بينما المتفائلون يرون أن التنسيق بين الإصلاح والمؤتمر بالإضافة إلى حصة الرئيس في الحقائب السيادية ستمكن الرئيس من الإمساك بعناصر القوة بيده وسيحبط أي نية لتفجير الحكومة من داخلها ، أو جعلها تصادم بعضها البعض.

هذا السيناريو يتوقف على التنسيق بين الإصلاح والمؤتمر واختيار عناصر قوية لا تساوم مستقبلا على الشرعية بمصالحها الخاصة ، من الواضح أن تشكيل الحكومة بهذه الطريقة هو إستدراج لعزل الرئيس تدريجيا وجعله يقف وحيدا في المستقبل ، ويعتبر هؤلاء أن الرئيس لديه العديد من الأسباب ليقاتل من أجل الحفاظ على شرعيته.

وفي سياق الحديث عن التوقعات بالتنسيق بين الإصلاح والمؤتمر ، يتحدث فريق المتفائلين ، عن احتمالات بتوافق الطرفين ، خلال الفترة المقبلة ، حتى لا يفسحان الطريق للقوى الإقليمية التي تتربص بهما وبمستقبل الشرعية التي تقف سدا منيعا أمام مصالحهم غير المشروعة في اليمن ، وأي استرخاء للإصلاح والمؤتمر سيجعلهما خارج الحسابات القادمة ، وسيفسح الطريق لنسخ تتطابق مع التوجه الإقليمي المعادي للشرعية.

من الواضح أن بعض التوجيهات الإقليمية لا تريد تشكيل حكومة في الوقت الحاضر ، لذلك فهي تقف وراء حلفائها المحسوبين عليها وتضع شروطا تعجيزية ، تريد من خلالها تأخير تشكيل الحكومة ، أو إضعاف عناصر القوة لدى الشرعية من خلال الدفع بالأحزاب إلى الذهاب منفردة ، مما يجعل كتلة الحلفاء هي الأكثرية التي تتحكم بمسار الحكومة.

ففي حالة تشكيل الحكومة دون تنسيق بين الإصلاح والمؤتمر ودون أن يكونا خلف الرئيس ، أو الاعتماد على عناصر لا تملك إلا نفسها ، فإن ذلك سيشجع حلفاء الإقليم على تفجير المواقف داخل الحكومة ، مما سيجعل الاستياء الدولي يتعاظم ضد الشرعية وسيصب في صالح مليشيا الحوثي ، وهذا ما تسعى إليه بعض دول الإقليم.

وتأسيسا على ذلك ، فالسؤال الملح هو : كيف يفكر المجلس الانتقالي بوجوده داخل هذه الحكومة ؟ هل أصبح على قناعة بأنه جزء من النسيج الاجتماعي والنظام السياسي في اليمن ، أم أنه سيدير ظهره لكل هذه الاعتبارات ، وسيتعمد إفشال الحكومة في خطواتها الأولى ؟ بتعبير آخر : هل سيطارد الانتقالي أبعد صلة قرابة مع الشرعية ؟ هذا يعتمد على قدرة الرئيس ومعه الإصلاح والمؤتمر في فهم لعبة الإقليم الرامية إلى محاصرة الشرعية ، خاصة وأن الرئيس والإصلاح والمؤتمر المحسوب على الشرعية جميعهم مستهدفين في التصفية.

ولست بحاجة إلى القول إنه سيكون من الخطأ على الإصلاح والمؤتمر أن يدفعا بعناصر أقل من حجم المخاطر المحدقة بهما ، وأي وجه ضعيف لن يكون إلا خصما من رصيدهما ورصيد الشرعية.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!