الجنوب بين المجلس الانتقالي والائتلاف الوطني

د. عادل الشجاع
الاثنين ، ٢٧ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ٠٦:٠٩ مساءً
مشاركة |

أضحى الجنوب بعد سنوات الفوضى في أمس الحاجة للتصالح وإصلاح ما أفسدته الصراعات التي تنوعت فيها الأسباب والأهداف وتوحد فيها الضحية وهو الجنوبي . هناك من يذهب إلى أن ما جرى في المحافظات الجنوبية يحتم على الجميع الذهاب نحو مصالحة شاملة والابتعاد عن المشاريع التدميرية . يبررون ذلك بأن التعنت وتغليب المصلحة الذاتية على حساب مصلحة الناس جميعا يعد انتحارا .

لا أحد ينكر أن الأولوية في الوقت الراهن هي إعادة بناء المؤسسات والمشروع النهضوي ، ضمن استحقاقات الانتقال من الفوضى إلى الدولة . وهذا الانتقال هو المشروع الأكثر فائدة للجنوب ولليمن بشكل عام . فبدلا من إذكاء النعرات المناطقية والجهوية ، الجنوبيون بأمس الحاجة إلى كتابة عقد اجتماعي ينقل الجنوب من حالة الفوضى إلى حالة الدولة ويساعد في الوقت نفسه على تحرير القرار في الشمال .

المجلس الانتقالي يحاول اختزال إرادة الجنوبيين في إطاره الضيق ووفق ولاء خارجي سبق وأن فشلت مثل هذه الممارسة في بلدان أخرى ، مما يجعل محاولة استنساخها في الجنوب مرفوضة ، لأن حرية الإرادة هي فطرة الله التي فطر الناس عليها وجعلهم يتصرفون وفقها . وكلما كانت الفرص الوطنية متاحة للجميع كلما كان الاستقرار هو الثمن الذي يقبضه الجميع .

لا أحد يشكك بأن اليمن يتلمس طريقه نحو بناء دولة الجميع ، يكون فيها المواطن حرا كامل الحقوق والمواطنة ، من دون الحاجة إلى الانتماء المناطقي أو الفئوي . الجميع وفق هذا التصور يبحثون عن نظام حكم لا يكرر منهج التهميش ويمنع التهميش والانفراد بالسلطة . ونتيجة لهذه الممارسة ظهر إلى الوجود " الائتلاف الوطني الجنوبي " ليؤكد أن الجنوب ليس لونا واحدا وأن الذين يتحدثون عن التهميش والإقصاء هم من يمارسون تهميش وإقصاء الجنوبيين .

والرسالة التي قدمها الائتلاف الوطني أن حل أزمة الجنوب لابد ان تكون تفاوضيا وليست عبر الاستقواء بالغريب الذي يعقد الأزمة ولا يقدم حلا . وبين الانتقالي والائتلاف الوطني يجلس شباب الجنوب مطالبين التكتلين أن يمنحوهم حياة كريمة ولا يدفعون بهم إلى التقاتل وسفك الدماء . وهناك من يبحث عن حكماء عاشوا أحداث يناير لكي يكون لهم كلمة ، فهم الأكثر دراية بأنه لا نصرة لأحد على الآخر بالقوة أو العنف .

يجب أن يؤسس التكتلان للوحدة وليس للتشرذم . ولابد أن يصوغا مشروعا وطنيا يلبي مطالب الناس التنموية ولا يتوقفا عند الصراع على الحصص ضمن مواقع القوة والتفرد بالسلطة . والكرة في ملعب الانتقالي الذي يحاول ابتلاع الجنوب بالقوة مستندا للعامل الخارجي . وهذا ما دفع الائتلاف الوطني للإعلان عن نفسه وتبديده لحالة الفراغ .مدركا أن الجنوب بحاجة إلى انفتاح فكري وسياسي استراتيجي وليس مصالحات عشائرية ومبادرات مناطقية ، بل مراجعة شاملة في الإطار الوطني العام .

سينتصر الطرف الذي يمثل القضية الوطنية ويستمد شرعيته من الشرعية الوطنية وليس من دول إقليمية . الانتصار بدول الإقليم يضحي بالأرض والقضية والوطن والإنسان . والإنسان في الجنوب مثله في الشمال لا يريد مشاريع منزوع منها الشق الوطني .

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!