هل ما تشهده اليمن اليوم هو عقد الطلاق الأخير لولادة الحكومة؟

د. عادل الشجاع
الأحد ، ١٩ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٤٣ صباحاً
مشاركة |

من الواضح أن نار الانقسام حول اتفاق الرياض وقودها المصالح وحطبها الشعب . باتت خريطة اتفاق الرياض بدون ملامح ، ووثيقة الاتفاق تراوح في مكانها . ومع استمرار نار الانقسام يبقى الشعب اليمني حطب هذه النار . بعض المحللين يقولون : إن هذا الاتفاق سيبقى مفتوحا إلى شعار آخر ، في ظل عدم انجاز أي جزء منه على أرض الواقع وتباعد الرؤى وتشبث كل طرف بموقفه .

يتشبث الرئيس بالاتفاق الأمني أولا ، وهو موقف يحسب له ويجنبه الوقوع في خطأ إتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين الذي حصل الحوثيون بموجبه على اعتراف وحصة سياسية ، بينما ظلوا محتفظين بقوتهم على الأرض ومنع أي عمل سياسي . ويتمسك الانتقالي بالحل السياسي أولا للحصول على اعتراف وحصة سياسية وهو في الوقت نفسه ماض في قرار الحكم الذاتي رافعا شعار الانفصال ولا يعترف بالشرعية .

أقول بوضوح إن الانتقالي هو المعطل الرئيسي لهذا الاتفاق ، فهو يبحث فقط عن مصالحه بعيدا عن مصالح الناس والوطن . ومن يشاهد الواقع بعيون ثاقبة في هذا الوقت يتضح له أن الانتقالي يجذر الانقسام والخاسر الوحيد هو الشعب اليمني ، فالمواطن يعاني من الحرب والفقر ومزيد من جراح يصعب علاجها .

ولكي نكون منصفين ليس الانتقالي بمفرده من يعمل على إفشال الاتفاق ، بل هناك مجموعة من المنتفعين من الذين تحكمت بهم عقليات انتهازية ونأوا بأنفسهم بعيدا عن الأهداف الوطنية يعملون أيضا على تقويض الشرعية ، بل ويطالبون الرئيس بتقديم تنازلات للانتقالي . البعض من هؤلاء يختبئ وراء الانتقالي والبعض الآخر باع اليمن بقشرة بصل ولا هم له سوى الكرسي . وبهذه المهزلة المأساة يواصل البلد انزلاقه نحو الخراب .

كل المناخات التي أوحت في الأيام الماضية بوجود حلحلة معينة في الأزمة اليمنية ، ليست في محلها ، والمراهنة على بعض مؤشرات تقاسم الحقائب الوزارية ، للحديث عن ملامح حقيقية وشيكة لا ترتكز إلى أسس حقيقية . فلا الشرعية باتت ضعيفة إلى الحد الذي يدفعها إلى تصفية نفسها بخطأ آخر أشبه بخطأ إتفاق السلم والشراكة ، ولا الانتقالي مقتنع بأنه خسر هوامش المناورة نهائيا ، لأنه يراهن في بقائه على أبو ظبي وليس على صوابية موقفه .

لقد تحول اتفاق الرياض إلى ما يشبه الحوار من طرف واحد . طول الوقت كان كافيا لإظهار المأزق الذي وقعت فيه الأطراف التي تطلب من الشرعية أن تتنازل عن شرعيتها لصالح الانقلاب . لهذا يمكننا القول إن الاتفاق أصبح بلا أفق . الأطراف التي تضغط على الشرعية لا تعتبر نفسها مسؤولة عن إنقاذ اليمن من الغرق بقدر مسؤوليتها عن إنقاذ مصالحها ولا يهمها بعد ذلك السلم الأهلي أو مواجهة الفتنة .

بالتأكيد الانتقالي أصبح غير قادر على اتخاذ القرار الوطني ، لأنه رهن قراره للإمارات . وبهذا رهن مصالحه ومصالح اليمنيين في مهب رياح حروب التحالفات القائمة في المنطقة . جعل الانتقالي من نفسه خط دفاع أول عن أبو ظبي ، مثلما جعل الحوثي من نفسه خط دفاع أول عن طهران . ولست أدري ما الذي يجبر الانتقالي على المضي قدما بعد قدم ، ويوما بعد آخر في الرهان على أبو ظبي دون الرهان على الشرعية اليمنية والمشاركة من خلالها إلى جانب القوى اليمنية الأخرى .

سيظل الأفق مسدودا مادام علم الانفصال يرفرف على حساب علم الجمهورية اليمنية . لكن هذا يظل مرهونا بما سيتخذه الرئيس في لحظة ما من قرارات تحدد وضع الانتقالي ومن ورائه أبو ظبي . حتى هذه اللحظة ، سيظل حملة المباخر الذين يعرفهم اليمنيون جميعا يبحثون عن تحقيق مصالحهم على حساب مصلحة الشعب اليمني . إن ما تشهده الكواليس من نفاق وتزلف وتحريض على الشرعية يعد عقد الطلاق الأخير لولادة الحكومة . سيكتب التاريخ بحبر من السخرية أن الذين جاؤا لتحريرنا من الحوثي في صنعاء ، يساوموننا على عدن وأبين وسقطرى وحظرموت والمهرة .

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!