هل يدرك الغرب أن خلاف اليمنيين مع الحوثي أنهم يريدونه يحكمهم بالديمقراطية وهو يريد يحكمهم باسم الله

د. عادل الشجاع
الثلاثاء ، ١٤ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ١٢:١٤ صباحاً
مشاركة |

تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي مع تمرد عصابة الحوثي بشكل خاطئ سيكلف المنطقة والعالم إذا استمر ثمنا باهضا. يعرف الصغير قبل الكبير أن قدرات عصابة الحوثي المتمردة على الشرعية الدستورية في اليمن لا تستطيع البقاء كل هذه السنوات . لكن الأمريكيين والأوروبيين أساؤا قراءة الصراع في اليمن فأعطوا هامش للحوثية لكي تستمر كل هذه السنيين . التواطؤ مع الحوثي وتمكينه من تحقيق انتصارات هنا وهناك جعلته يسوق لها بين العوام على أنها نصر إلهي.

تدرك الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الاتحاد الأوروبي أن مجلس الأمن أصدر العديد من القرارات بحق الحوثي ، وأن المجتمع الدولي معني بتنفيذها ، ومع ذلك أصبحت هذه القرارات حبيسة أدراج الأمم المتحدة . وحينما نطالب بتطبيق القرارات الدولية ، ليس لأنها قرارات دولية فحسب ، بل لأنها تلبي المصلحة الوطنية اليمنية وتوقف الحرب وتعيد اليمن إلى الحياة.

هناك قراءة خاطئة وتقارير مظللة تمنع سقوط الحوثي وهزيمته خشية من حدوث الفوضى بعد سقوط صنعاء . هذه الخشية تكون صحيحة أو مبررة لو أن مليشيا الحوثي كانت هي النظام الحاكم فيخشى انهياره يؤدي إلى إحداث فراغ وانهيار للمؤسسات . لكن هذه عصابة بقاؤها يعرض الدولة ومؤسساتها للضرر الجسيم ، ويفتح المجال لمزيد من العنف.

على المجتمع الدولي أن يعي أن صراع اليمنيين مع الحوثي ليس على السلطة ، بل على طريقة إدارة السلطة . الحوثيون ينطلقون في حكمهم من فكرة الإمامة ويعتبرونها زعامة ورئاسة إلهية على جميع الناس. ووفق هذه الرؤية يستمد عبدالملك الحوثي مصدر سلطته من الله عز وجل مباشرة. ويعتبر نفسه استمرارا لخط النبوة والرسالة ،فمصدر سلطته إلهي ولا دور للشعب في تلك السلطة.

وفق هذه الرؤية يقسمون العالم إلى قسمين : ظالمين ومظلومين . وأن تحرير المظلومين من قبضة الظالمين هو واجب ديني . وهنا يصبح غيرهم هدفا شرعيا يجب قتله.

لذلك تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إلى رفع أيديهم عن حماية الحوثي لكي يكونوا على الجانب الصحيح . هناك جيل من المصلحين اليمنيين يريدون إنقاذ البلاد من الانهيار . هذا يوجب على الأمريكيين والأوروبيين أن يجازفوا باستبعاد الحوثي من أي عملية سياسية قبل أن يساهموا بتمكينه من الخطوة التالية التي ستكون على حساب أمن المنطقة.

يجب عليهم أن ينظروا إلى الأمور بوضوح ، لأن التعاطي مع الحوثيين بتراخ سيكون ثمنه تجاهل استعادة الدولة . إن خدمة المصالح الأمريكية والأوروبية تكون من خلال يمن يتمتع بالسيادة والاستقرار والإرادة الشعبية . وهذا يحتم على الأمريكيين والأوروبيين أن يساعدوا اليمن على حماية هذه الصفات من أي مصادرة.

عليهم أن يضعوا في حسابهم وخاصة البريطانيين أن أي دعم لأي جهة في اليمن يجب أن يكون لسبب واحد ، وهو فرصة نشوء يمن يتمتع بالسيادة والاستقرار والديمقراطية .فهذا هو الهدف الحقيقي . وهو هدف يتعارض مع من يعتبر نفسه حجة الله على خلقه وله حق التبعية المطلقة. لقد أثبتت هذه الجماعة قدرتها على تدمير كل ما له علاقة بالمنطق أو العقل.

ويبقى التحالف العربي هو المعني أكثر من غيره في تحقيق أهداف الحرب التي تشكل التحالف لأجلها وهي القضاء على التمرد الرافض للشرعية والإرادة الشعبية ويتوسل حكم الناس بالوصية السماوية . وأي تراخ مع هذه الخزعبلات فإنها ستجرف المنطقة كلها ، لأن إيران هي بمثابة الأم الراعي لكل الشيعة وخصوصا الإثنى عشرية في كل مكان والشيعة أينما توزعوا فإنهم مدينون بالولاء لإيران أكثر من ولائهم للارض التي يعيشون فيها.

تستطيع المملكة العربية السعودية أن تتعامل مع سلطة ديمقراطية مرجعيتها الشعب مهما كان تخوفها منها ، لكنها لن تستطيع أن تتعامل مع جماعة تزعم أن سلطتها إلهية وأن إمامها استمرار لخط النبوة والرسالة. الوقت في اليمن من دم. وأي تسويف تكون الكلفة كبيرة.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!