أي طريق سيختاره البرلمان لبناء يمن جديد: الحفاظ على الوحدة أم نسفها؟

د. عادل الشجاع
الأحد ، ٠٥ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ٠١:٠٦ صباحاً
مشاركة |

يبدو أن اتفاق الرياض بدأ يتآكل ، وإذا خرج إلى النور سيخرج مشوها ، لأن القائمين على تنفيذه لم يركزوا على الانقسام بقدر تركيزهم على إدارته عبر جولات متعددة من الحوار . إذا لم يحرص الوسيط على إنهاء الانقسام واحترام القانون والمرجعيات الدولية ، فإنه سيسلك طريق اتفاق السلم والشراكة وسيشجع أطرفا آخرى على الخروج على الشرعية وتقويضها .

والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا لم يقم مجلس النواب بدوره الدستوري حتى الآن ؟ لماذا تحول إلى وسيط بين الأطراف خروجا على مهمته الأساسية وهي المساءلة وردع الخارجين على القانون وعلى العقد الاجتماعي الذي ارتضاه الناس بينهم ؟ أليس من واجب البرلمان اتخاذ موقفا دستوريا يحمي السكينة العامة ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤليته في الحفاظ على وحدة اليمن وسيادتها ؟

سيكون من المفيد أن نسأل قبل أن نتهم بأننا أعداء النجاح : أي طريق سيختاره البرلمان لبناء يمن جديد : الحفاظ على الوحدة أم نسفها ؟ غير أن ما تمخض عنه البرلمان من تشكيل لجان لتقصي إنقلاب واضح المعالم ومعلن عنه من قبل أصحابه يرسم علامة استفهام كبيرة بشأن جدية المجلس في موضوع السيادة وبناء الدولة .

وقد يكون أكثر مرارة انقسام المصالح التي حولت البرلمان إلى مصالح فردية أكثر منها جماعية . فهناك من هو منشغل بالمرتب ويخشى انقطاعه وبالتالي يخشى ممارسة حقه القانوني لكي لا يقطعوا راتبه ولقمة عيش أولاده .وهناك من هو مهتم بتصفية الحسابات والثارات والحقد ، لا يكترث لدماء تراق ولا لمجتمع يتشظى ولا لجيل ينمو سقيما تتناهبه عاهات لا تحصى . وهناك من جبلوا على المجاملة وتبرير الأوضاع الخاطئة . وقد عاقبوا من لم يسقط في أي واحدة من هذه المثالب بإسقاط راتبه وهو حقه القانوني ، مثلما فعلوا مع البرلماني نبيل باشا وعدد قليل من زملائه .

هناك ثوابت يفترض أن الحكومة والبرلمان مجمعين عليها ، وإلا ما جدوى الحكومة والبرلمان إذا لم يكن لهم مواقف إيجابية ، وبماذا يفرقون عن حكومة وبرلمان صنعاء ؟ يبدو أن منتقدي الحكومة والبرلمان كانوا على حق حينما شككوا في نيات كثير من عناوين الحكومة والبرلمان . والسؤال : هل يتحمل البرلمان والحكومة المسؤلية في إفراغ اتفاق الرياض من محتواه ؟

ولكي نكون أكثر قربا من الحقيقة نقول : لم يعد ممكنا تجاهل المسافة الكبيرة التي اجتازتها المملكة العربية السعودية في طريق المصالحة وتنفيذ اتفاق الرياض ، لكن من غير الممكن في الوقت ذاته تجاهل تراخيها في التنفيذ ، وهذا التراخي يقود إلى شرعنة الانقلاب في عدن على غرار انقلاب صنعاء . ولم يعد لدى اليمن ما تخسره ، فأي خسارة تخصم من رصيد المملكة هيبة واستقرارا واستنزاف قدرات .

خلاصة القول إن الملتفين حول اتفاق الرياض أربعة : الأول ليس لديه القدرة على المصالحة مع النفس . والثاني يرى أن المصالحة خطر على ما يجنيه من مكاسب في غياب الأمن والاستقرار والقانون . والثالث ينتظر سقوط الشرعية عسى أن يحل محلها بصفقة كواليس أو ضربة حظ . والرابع يراهن على فشل المصالحة للوصول إلى تقسيم البلاد ليعلن إمارته الطائفية أو المناطقية ويفوز بغنائم حرب أهلية . وجميعهم يقتلون ويهجرون أصحاب المشروع الوطني ومؤيديه .  

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!