ربما استطاع الحوثي لبعض الوقت أن يلجم صنعاء بالخوف والتخويف وأن يستقوي بالسلاح ، لكنه في حقيقة الأمر يعيش هو وجماعته حالة من مشاعر الخوف من الآخرين . تشعر هذه الجماعة بتمدد دائرة الخطر واقترابها منها ، وهي بالفعل قريبة منها ، لذلك يستميتون في إظهار قوتهم المستمدة أصلا من سكون الناس وسكوتهم .
ولو سأل العالم نفسه سؤالا : بماذا يفرق الحوثي عن داعش لوجد الإجابة حاضرة ، بأنه يتطابق معها في طريقة القتل والتدمير واحتكار الحقيقة الدينية والأحادية ورفض التعدد . الحوثي يريد محو التنوع والتعدد والاجتهاد في اليمن الذي عمره آلاف السنين وتجسيد ثقافة الملالي التي استقاها من إيران . الحوثي يدرك أن الشعب اليمني يشبه الأرض وهو دخيل عليها ، لكنه يحاول تخويف الناس لكي يستمر فترة أطول .
هذه العصابة تفتقد لكل وسائل البقاء ، والقوة التي تمارسها هي نقطة ضعفها . طالما السلاح الذي بيدها يستخدم ضد الداخل وبعيدا من الحدود فهي آيلة للسقوط . لقد اعتقدت أن شماعة تهديد السلم الاجتماعي التي تستخدمها في حق المعارضين ستلجم الناس إلى مالا نهاية . هي فقط تراكم غضب الناس الذي سينفجر ذات يوم كبركان وسيجرفها إلى مستنقع التاريخ .
حينما تصبح المطالبة بالدولة تهمة وخيانة ، ويصل التشاطر إلى حد اتهام المطالبين بحقوقهم بالعمالة ، فاعلم أن هذه العصابة قد سقطت ، وأن ما يبقي عليها هم أولئك الذين بنوا من حقوق الناس سدا منيعا يمنعون به المطالبة بالقبض على القتلة والمخلين بالأمن الذين يرتكبون جرائمهم مع سبق الإصرار والترصد ويتفرغون بدلا من ذلك لملاحقة المطالبين بسيادة الدولة وتطبيق القرارات الدولية .
ماذا تتوقعون من عصابة حولت الإسلام إلى تعصب ، هل تتوقعون لها الاستمرار ؟ بالتأكيد لا . لذلك نقول إن الدفاع عن هذه العصابة هو دفاع عن منظومة الفساد والإهدار والدفاع عن هرطقات الإخلال بالقوانين . هناك من تغلب على خوفه ويحاول التعبير عن رأي الغالبية الصامتة المغلوبة على أمرها ، فلا تقفوا في وجوههم ، فمن لم يستطع الجهر بكراهيته التي صنعتها هذه العصابة فليلزم الصمت وذلك أضعف الإيمان .
لكي يهرب الحوثي من ضعفه ، حول شعار العدوان إلى فزاعة وأداة للقمع والاعتداء السافر . هو يستخدم القوة المفرطة ليس لأنه قوي بل لأنه خائف من فقدانها . زعم الحوثي أنه يدافع عن السيادة والكرامة فلماذا يقاتل بنا إذا ؟ السيادة والكرامة كانت محفوظة وهو أهدرها في حربه التي لم يخوله أحد فيها . يحاول دائما يختفي خلف شعارات لاعلاقة لليمن واليمنيين بها . ما علاقة اليمنيين بالموت لأمريكا ؟ اليمنيون يريدون الحياة لليمن ، فماذا كانت النتيجة ؟ أوصل الحوثي الموت إلى كل بيت .
يستطيع الحوثي بسلاحه أن يقتل الناس ، لكنه لا يستطيع قتل الحياة . سيستمر الشعب اليمني وسينتصر على هذا الظلام الذي أسدلته هذه العصابة . حولوا سلالتهم إلى أداة تخويف للآخرين ووسيلة سيطرة على الوظيفة العامة . فتشوا عن أسماء من يدير هذه الوظائف وحينها ستوقنوا بأن هذه العصابة إلى زوال .
يعتقدون أنهم قادرون على توحيد تفكير الناس بواسطة الملازم مع مرور الوقت ، لكنهم لا يدركون أنهم في القرن الواحد والعشرين وأن العصر الذي يعيشون فيه لم يعد صالحا بفعل صيرورة الحياة وبفعل سنن الله الكونية لمثلهم . مهما روعوا الناس ، سيظلون غير آمنين لأن المتعصب بحسب فرويد يشعر دوما بعدم الأمان ويشعر بالخوف من الآخرين .
كلما أوغلوا في العنف كلما قربت نهايتهم . ستنتصر اليمن على هذه العصابة السلالية التي تريد إخافة الناس للسيطرة عليهم . البقاء دوما للأنهار وليس للمستنقعات الراكدة . يبقى ليس من المروة على النخب أن ترى الشعب اليمني يروع ويخوف وهي صامتة ، فالاولى بهذه النخب أن تتوارى من المشهد خير لها .