المعركة حسمت قبل أن تبدأ

مها القصراوي
السبت ، ٢١ اكتوبر ٢٠٢٣ الساعة ١٢:٠٣ صباحاً
مشاركة |

طوفان الأقصى معركة في أهميتها وما ستحققه على المستوى الاستراتيجي تعادل معركة القادسية ومعركة اليرموك في التاريخ العربي الإسلامي، إذ حسم المقاتل الفلسطيني المعركة قبل أن تبدأ حين ضرب العمود الفقري للكيان الصهيوني وقصم ظهره في عملية استباقية، جعلت قادته وجنوده في حالة رعب وخوف وجنون قبل الذهاب لساحة المعركة، حتى يقف سموتريتش هذا المأفون الصهيوني ويقول لقد فشلنا، وتخرج أصوات في الكيان الصهيوني تدعو إلى استخدام النووي ضد غزة الصمود والكرامة.

وإمعان النظر في هذه التطورات المتسارعة التي جعلت المقاومة الفلسطينية تسجل انتصارا ساحقا على الكيان الصهيوني خلال بضع ساعات تجعلنا نسأل، لماذا تداعى الغرب الاستعماري لزيارة الكيان الصهيوني حتى جاء رئيس أمريكا ووزير الدفاع ووزير الخارجية.

نبدأ القصة منذ أنشأ الغرب الاستعماري الكيان الصهيوني ليكون له دور وظيفي في منطقتنا وللتخلص من اليهود في اوروبا الذين كانوا مكروهين وغير مرغوب في وجودهم، بدأ الغرب بتأسيس الكيان وصرف مليارات الدولارات من أجل أن يكون ذراعه العسكري في المنطقة يرهب العرب الذين يمتلكون النفط والغاز والممرات المائية وغيرها من الثروات إلى جانب أن العرب شعوب ذات بعد حضاري في التاريخ الإنساني. والسؤال اذا كان الموظف غير قادر على أن يقوم بمهامه، فما أهمية وجوده.

اكتشفت الولايات المتحدة عجز هذا الكيان في حرب تموز٢٠٠٦ حين فشل جيش الكيان في تحقيق انتصار على المقاومة الاسلامية في لبنان وسقط مشروع الولايات المتحدة التي كانت تبشر بشرق أوسط جديد يتسيده الكيان الصهيوني، وفي تقرير فينوغراد الصهيوني اعترف الكيان أن المؤسسة العسكرية كانت ترفض الحرب لأنها ليست جاهزة، والمؤسسة السياسية هي التي فرضت الحرب امتثال للأوامر الأمريكية.

وما تأسيس حركة داعش الا لتكون ذراعا عسكريا للغرب الاستعماري يضرب في المنطقة بعد فشل الكيان الصهيوني في جميع حروبه التي شنها على المقاومة في فلسطين ولبنان.

وما لم تحققه الولايات المتحدة بالحرب لجأت إلى صفقة القرن، وأوهم نتنياهو أسياده أنه بالتطبيع مع بعض الدول العربية سوف يحقق الانتصار ويحكم المنطقة.

حسمت معركة طوفان الأقصى المعركة قبل أن تبدأ، وانتفضت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج ضد سياسة الغرب الاستعماري وسقط التطبيع.

ومن يمعن النظر في علاقة الكيان الصهيوني بالولايات المتحدة في الآونة الأخيرة يجد فتورا، حيث لم يستقبل بايدن نتنياهو في البيت الأبيض، وخرج بن غفير يسب الولايات المتحدة ويقول لها إنه ليس ولاية من ولاياتها حين حاولت التدخل في شأن التعديلات القضائية في الكيان الصهيوني. لقد أصبح الكيان عبئا اقتصاديا على من أوجده، وبالتالي سيترك ليواجه مصيره مع أهل الأرض الأصليين، ولكن لماذا هذا التداعي، هل حرب المقاومة الفلسطينية يحتاج إلى حاملة طائرات ومدد بالذخيرة وألفين جندي والجميع يعلم انشغال امريكا بحرب أوكرانيا، وحربها الأهم مع الصين، هذا الكيان الوظيفي الذي قصم ظهره ثلة من المقاومين الفلسطينيين وعطل فرقة غزة خلال ساعات، واستولى على جميع ما تمتلكه من ذخائر ومعلومات. في تصوري لم يكن هذا التداعي الغربي باتجاه الكيان إلا من أجل أن تستغل الولايات المتحدة انهيار القادة العسكريين والسياسيين في الكيان لوضع يدها على المخزون النووي الصهيوني الذي يمكن أن يهدد العالم، فقصم العمود الفقري قد يدفع هذا الكيان لاستخدام هذه الأسلحة النووية وتقود إلى تدمير المنطقة وقد يطال اوروبا، هذا الرعب الغربي هو الذي جعلها تسارع في التوجه للكيان كي تظهر له وللعالم أنها معه ولكن في واقع الحال هى تريد استغلال الفرصة في أن تضع يدها على المخزون النووي الصهيوني، ومن المعلوم أن الولايات المتحدة جن جنونها حين علمت أن الكيان الصهيوني امتلك سلاحا نوويا بمساعدة فرنسا بعد حرب ١٩٦٧.

وما هذا الجنون الصهيوني في قصف قطاع غزة الذي هو بحجم أمة، والتوغل على الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية إلا دلالة على هزيمة هذا الكيان قبل ان تبدأ المعركة، وهو الذي يدعي منذ عشرة أيام أنه سيقوم بهجوم بري على المقاومة الفلسطينية، ولكن الرعب الذي يعيشه والفشل الذريع الذي أصابه جعله عاجزا أمام انتصارات المقاومة الفلسطينية. لقد كتب فوكوياما نهاية التاريخ وهو إشارة إلى نهاية الإنسان، لكن الدم الفلسطيني يكتب بداية التاريخ

يموت الجسد ويذوب ويتحلل لكن الفكرة تظل خالدة تلتقطها الأجيال، وحق الفلسطيني في أرضه ووطنه فكرة خالدة مهما ارتكبوا المجازر وأراقوا الدماء،لأننا نؤمن أن الحياة الحرة الكريمة لا تأتي إلا بنصر أو استشهاد رحم الله شهداءنا وشفى جرحانا ونصر المقاومة.

د. مها القصراوي.. كاتبة فلسطينية.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!