المعركة فوق استراتيجية النتائج وتداعي الفشل الأمريكي المذل

حسناء نصر
الجمعة ، ٢٠ اكتوبر ٢٠٢٣ الساعة ١١:٥٧ مساءً
مشاركة |

منذ ان ارتكب الكيان الاسرائيلي محرقة مشفى المعمداني في غزة ، ثارت الشعوب العربية والاسلامية تنديدا بهذه الجريمة التي ارتكبها الكيان وحاول التنصل منها لاحقا ليتهم المقاومة بها ليأتي فضحه من بين اهله وناسه اي من الصحف الامريكية نفسها التي تناولت مجريات هذه الجريمة ونوعية السلاح المستخدم فيها لتشير اصابع الاتهام لقادة الكيان  لينتقل أثر هذه الجريمة ليشمل العالم بكله ليجوب العلم الفلسطيني معظم عواصم دول العالم مرفوعا مرفرفا في سماء تلك الدول ومنها التي عملت وتعمل  حتى الآن على  استبداله بعلم الكيان الاسرائيلي لتتبدد مسيرة الاستعمار خلال العقود السبع بساعات قليلة فكل المساعي التي بذلتها هذه الدول لتهويد فلسطين مستعينة بكل ما لديها من خبرات في التزييف للحقائق وتزوير الخرائط وحذف فلسطين عن المنصات العالمية واستبداله بإسرائيل فشل عندما بات الحكم في هذه القضية للشعوب الحرة في هذا العالم .

مع استمرار اسرائيل بتنفيذ حكم الابادة الجماعية على أهلنا في غزة واستمرارها في استهداف المستشفيات ودور العبادة وعدم مثول الكيان للمطالبات بوقف هذه الاعتداءات مستندة في خيارها هذا على دعم أمريكا والغرب وغض طرف هؤلاء القتلة عن جرائم الكيان بل ومشاركته في جرائمه بحق الناس العزل ومده بالأسلحة والذخائر لتبقى آلة القتل الاسرائيلية مستمرة في سحق رؤوس أبناء فلسطين دون أن يرى قادة هؤلاء موقفا صارما من معظم الحكومات العربية والاسلامية الذين يرون هذه الجرائم وكأنهم غير معنيون بما يجري من عمليات التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني .

عمد قادة الكيان ومنذ تأسيسه على اتباع القتل والعنف غاية وليس وسيلة وهذه النظرية كانت حاضرة منذ البدايات الأولى لهذا الكيان وموجودة في فلسفة بن غوريون إذ يقول : بالدم والنار سقطت يهودا وبالدم والنار ستقوم ثانية ،  ليصبح فكر بنغوريون موروث ثقافي فكري عقائدي ينتهجه هذا الكيان ومستوطنيه وها هو اليوم يعبر عن هذا الفكر الإجرامي بقتل النساء والأطفال بهدف تهجير أبناء الأرض لدول الجوار وتكون جائزة هذا الكيان غزة التي تعد حاجة استراتيجية بموقعها لاستكمال حلم ثيودور هرتزل بإقامة قناة البحرين على البحر المتوسط والبحر الميت وهذا المشروع لن يرى النور الا باحتلال غزة والسيطرة على شواطئها وبذا تحل هذه القناة محل قناة السويس المصرية وتضمن للصهاينة مشروع استراتيجي حيوي يضمن لهم البقاء .

ظن الكيان الصهيوني من خلال آلته العسكرية والدعم الأمريكي الغربي وتوسعه بعلاقاته مع بعض الحكام العرب أنه يستطيع تمرير هذا المشروع  الذي لن يمر الا من خلال افراغ غزة والضفة الغربية من اهلها مستخدمين أبشع انواع الإجرام فالقنابل الأمريكية مازالت تسقط على رؤوس الابرياء في غزة  وتقتل العشرات والمئات الا ان هذا المشروع سيفشل كما فشل من قبل بسبب :

ثبات الشعب الفلسطيني بأرضه وعدم انصياعه لكل المؤامرات التي تستهدفه في الغرف المظلمة ، بجانب قوة المقاومة الفلسطينية وثباتها في الميدان ومحاربة المحتل الصهيوني في مستوطناته ، هذه العناصر تمثل راسما اساسيا لتحولات مهمة في مسار الصراع مع هذه المنظومة الغربية الاجرامية .

توسع دائرة الاستهداف لمحور المقاومة في لبنان واشغال هذا الكيان في الحدود الشمالية وتوسع عملياته والحاق اصابات مباشرة في صفوف هذا العدو ومركباته .

المتغير الأهم خلال الحاصل هو انضمام قوى من محور المقاومة التي تعدت الإسرائيلي في قوة ردها لتذهب لاستهداف رأس الأفعى الأمريكي وهذا ما رأيناه من رد آت من حزب الله العراق الذي قام باستهداف القواعد الأمريكية في كردستان العراق قاعدة عين الأسد واصابتها اصابات مباشرة والحاق أضرار فيها ليمتد هذا الاستهداف ليشمل القواعد الأمريكية في سورية بالمسيرات والصواريخ، بل إن المشهد يشتي بتوسيع الدائرة لنقف عند انضمام أنصار الله في اليمن  لتوسيع دائرة الاستهداف لهذا الكيان وما تناقلته وسائل الاعلام نقلا عن البنتاغون  عن اطلاق عدة مسيرات وصواريخ من السواحل اليمنية وكانت وجهة هذه الصواريخ والمسيرات الجبهة الجنوبية للكيان وتم اعتراضها من قبل البوارج الامريكية المتواجدة في البحر الأحمر ما يشكل تطورا  كبيرا في مستجدات عملية طوفان الأقصى فمحور المقاومة كان قد هدد بأنه سيتدخل إن لم يوقف الكيان آلة القتل بحق أبناء غزة، لتسقط بهذا التحول في المشهد كل رسائل الردع والتهديدات الامريكية وتفشل واشنطن في عدم توسيع دائرة الناس .

دائرة النار تتسع  ولا يمكن لأحد تطويقها في نقطة معينة وعلى المستعمر الامريكي أن يفكر جيدا وان يأخذ تهديدات المحور على محمل الجد فمصالحه وتاريخ تواجده في منطقتنا العائد لسبعينيات القرن الماضي  ومصالحه مهددة بالاستهداف فهل يغامر الأمريكي بمصالحه ليحمي اسرائيل ويتحمل التكلفة الكبيرة لاتخاذه هذا الخيار ؟

وفي الختام بات واضحا أن الكيان الاسرائيلي أوهن من بيت العنكبوت وعاش هذه العقود معتمدا على الدعم الامريكي الغربي والدعاية والترويج لقوة مزعومة وهذا ما كانت فضحته حرب تموز ٢٠٠٦ والآن عملية طوفان الأقصى فمن شدة ضعفه يحتاج لامريكا والغرب بكله لمساعدته في تحقيق أي مكسب على قطاع محاصر لسنوات اسمه غزة ، الأيام القادمة ستحمل المزيد من الاستهداف للقواعد الأمريكية وللتواجد الامريكي على كافة المستويات  عسكرية  ودبلوماسية واقتصادية . وما استهداف موقع فكتوريا العسكري في بغداد الا رسالة واضحة من المقاومة تنهي تواجدهم في ديارنا وتجبر الامريكي على ايقاف المذبحة التي يرتكبها قادة الكيان مدعومة بالغرب الامريكي بحق فلسطين..

فهل ستحمل قادم الايام نصرا مزدوجا على الكيان والأمريكان ؟

باحثة في العلاقات الدولية – دمشق

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!