فرصة في مهب الريح

فتحي بن لزرق
الاربعاء ، ١٥ فبراير ٢٠٢٣ الساعة ٠٢:٣٥ صباحاً
مشاركة |

الاتفاق الذي تحدثنا عنه قبل أيام دخل حيز التنفيذ ولكن بصورة صامتة وهو إتفاق الهدنة الإنسانية الذي من المتوقع ان يتم الإعلان عنه رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة رغم انه واقعا بدأ تنفيذه عبر موانئ الحديدة ورأس عيسى التي استقبلت ولأول مرة سفن تجارية ونفطية لم تخضع لاي عمليات احتجاز او تفتيش.

خلال الفترة المقبلة سيتم الإعلان رسميا عن بدء وجهات جديدة لرحلات مطار صنعاء الى كافة الوجهات الدولية والعربية التي تسيّرها اليمنية الى دول العالم المختلفة .

وسيتزامن الاتفاق على فتح الطرقات الرئيسية في عموم المحافظات اليمنية مع بدء عملية صرف المرتبات للقطاعات المدنية والعسكرية في محافظات (الخٌبرة).

سيمضي الاتفاق في طريقه فالحرب أنتهت ولاعودة لاي معارك عسكرية فجميع الأطراف لاتريد الحرب .

"الجنوب" وعدن على رأس التحديد اكبر الخاسرين والمتضررين من هذه التسوية ، فميناء "عدن" الذي استحوذ على 95% من نسبة النشاط التجاري في اليمن خلال 8 سنوات ستتراجع حصته الى أقل من 15% من النشاط التجاري .

ويأتي ميناء الزيت الذي استحوذ في بعض الفترات على مانسبته 60% من النشاط النفطي سيتراجع الى اقل من 10% من النشاط النفطي وسيكون ميناء خاص بتزويد 4 محافظات بما تحتاج من وقود هي عدن ولحج وابين والضالع .

والثالث من المتضررين من هذه التسوية هو مطار "عدن" الذي سيجاهد يوميا لتسيير رحلة طيران واحدة وستذهب 4رحلات جوية بواقع الحجز الى مطار صنعاء وأمر كهذا سيتبعه تضرر كبير لقطاعات الفندقة والسياحة وكل نشاط متصل بالزائرين من خارج "عدن".

بمختصر مفيد الشماليين خلال الفترة القادمة والعالم سيسلموننا  الجنوب وعاصمته الأبدية عدن ولكننا سنكتشف لحظتها ان جميع الإيرادات لن تستطيع تشغيل محطة كهرباء واحدة وان حوض الملح الذي سيكفي "الجنوبيين" إيراداته كانت كذبة .

بعد "8" سنوات من الفرص المهدرة والتي قلنا لسنوات طويلة انها لن تتكرر ابداً سنعود الى ذات المشهد الذي عاشته "عدن" عقب العام 2011 ومن عاش في عدن مابين 2011 و2015 سيفهم كيف اديرت دفة الاقتصاد والدولة والسياسة .

بعد "8" سنوات من الشعارات وغياب أي مكاسب حقيقية على الأرض سيشكل المخرج المشهد مجددا وفي الغالب لن يكون في حاجة لأحد او فلنقل ان معطيات وظروف المشهد الواقع لن تدفعه لاحتياج تشكيلة الأطراف السابقة ولن يكون بمقدور احد تهديد "احد" .

ضاعت على الجنوب فرصة تاريخية في إيجاد دولة حقيقية في "عدن" او احداث تنمية حقيقية او تعزيز حضور مؤسسات الدولة او السيطرة على اليمن كلها من شرقها الى غربها وهي عوامل طرحت بقوة خلال السنوات الماضية لكن المزايدات الحمقاء والمشاريع الغير واقعية وحالة النهب والسلب والجبايات أنهت أي امال بالإصلاح او التغيير .

سيغادر "الشمال" عن بكرة أبيه"عدن" ولن يكون هناك ثمة شمالي واحد نسأله عن  بطاقته وسيدير العالم دفته صوب انهاء الحرب وإنجاز تسوية سياسية وماكان ممكنا من مكاسب سياسية واقتصادية ومالية وغيرها لن يكون ممكناً بعد اليوم .

أُهدرت فرصة تاريخية استغلتها قيادات بحجم وطن من كل الأطراف الجنوبية لبناء إمبراطورياتها الخاصة وتحولت الشوارع الى محلات صرافة لا اول لها ولا أخر وكل محل صرافة لمجموعة من القيادات والسياسيين .

بمختصر أفيد .. شدوا ظهوركم فالقادم صعب وصعب جداً..

فتحي بن لزرق

14 فبراير 2023

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!