أين نعثر على اليمن وسط هذا الركام المتهالك؟

د. عادل الشجاع
السبت ، ١٣ أغسطس ٢٠٢٢ الساعة ٠٢:٤٣ صباحاً
مشاركة |

أين نعثر على اليمن وسط هذه الدعوات للإبقاء على الدور التدميري للسعودية والإمارات؟

منذ أن زعمت السعودية أنها تقود تحالفا لمواجهة إيران ومليشياتها في اليمن وإعادة الشرعية إلى صنعاء ، وهي تسعى مع الإمارات إلى إخراس أي يمني حر ، بل سعتا إلى أن يكون اليمني محاطا بعالم أخرس ، هذه هي المعادلة التي تفرض على اليمنيين ، وعندما يجيب رئيس المجلس الرئاسي عن أسئلة اليمنيين حول الاقتتال في شبوة ، فإن إجابته تتضمن أهمية الدور المحوري والرائد لتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ، وحينما يكذّب بن دغر اشتراكه في جبهة إنقاذ اليمن يحرص على تأييده للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وحرصه على الاستعانة بالتحالف العربي ، ومثلهما يشيد بيان الإصلاح بجهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية ، وهنا يتأكد لنا بأن هذا التحالف لم يكتف بتدمير الدولة اليمنية ، بل سعى أيضا إلى منع الضحية من أن يعترض على هذا التدمير.

تتصرف السعودية والإمارات على افتراض أساسي أنه لا وجود لليمني الوطني وهو ليس افتراضا ، بل نتيجة مسار سياسي وعسكري ، ففكرة أن يرفع اليمني صوته متمسكا برؤيته لدولته ، فهو خائن للتحالف وإذا ارتفع صوته ، فيجب أن تلتصق به صفة الإصلاحي وهنا يجب التخلص منه ، لأن فكرة اليمني الوطني من وجهة نظر السعودية والإمارات لا تصح إلا على العملاء ، أما الصوت الوطني الحقيقي فيجب خنقه.

والسؤال : أين نعثر على اليمن وسط هذا الركام المتهالك؟ ، فاليمن حيث هي وشعبها مقسم إلى أقسام متعددة ، بعضه في الشمال وبعضه في الجنوب وآخرين مشتتين ما بين الشمال والجنوب ، فالتدخل السعودي الإماراتي حاول أن يدفن جزءا من اليمن تحت سيطرة الحوثي ، وإلى جانب اليمن القابعة تحت الحوثي ، هناك اليمن التي استكملت السعودية والإمارات السيطرة عليها وحولتها إلى معازل وسط جزر من المستعمرات التي تلتهم أرضها ، كما تضم معسكر اعتقال في الهواء الطلق اسمه سقطرى.

بين اليمن القابع تحت سيطرة الحوثي واليمن المسيطر عليه من قبل السعودية والإمارات ولدت سلطة أسميت شرعية قيل أنها ستؤسس دولة ، لكن معادلة تأسيس الدولة اتخذت شكلا هجينا ، فالدولة تلاشت والمليشيات تكاثرت وازدادت قوة واستبدادا ، فالمليشيات أو سلطات الأمر الواقع صارت بديلا من الدولة ، ونقيضا للشرعية وبرعاية سعودية إماراتية .

الاسم الضائع في معادلة الصراع على السلطة هو الشعب اليمني ، فقد صار يعامل كالعبيد ، بينما تصدى لمهمات القيادة جهات سلطوية متحالفة مع السعودية والإمارات ، ولعل ذروة الانحطاط تكمن في هذا الصمت المخزي من قبل المؤسسات التشريعية اليمنية ومن قبل السلطات الأخرى وقيادات الأحزاب تجاه هذا التدمير المنهجي للدولة ومؤسساتها وتفكيك الجغرافيا ومعها المجتمع.

اليمنيون موجودون داخل اليمن وخارجها ، لكن صوتهم بات مخنوقا ، ليس لأن مطالبهم بدولتهم ليس عادلا ، بل لأن القوى المسيطرة عليهم تعمل على خنق هذا الصوت ، بالقمع تارة وبالرشوة تارة أخرى ، ولهذا تم تدمر اليمن على يد السعودية والإمارات ومع ذلك نجد من يدعو إلى التمسك بهذا التدمير ، لايوجد ضير من مراجعة السياسات المتبعة في اليمن من قبل السعودية والإمارات بما يخدم مصالح الجميع ، لكن للأسف سادت لدى القائمين على مؤسسات الشرعية لغة الهزيمة وامتطاها الانتهازيون وتمسكوا بسلطة لا سلطة لها.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!