رسالتي الى النوبلية توكل

د. لمياء الكندي
السبت ، ١٤ مايو ٢٠٢٢ الساعة ٠٣:٤٧ صباحاً
مشاركة |

عزيزتي توكل قرأت ما كتبتِ مؤخراً تحت عنوان " نصيحة وثلاث فتاوي"، لا أُخفيك الإعجاب التام والتأييد الكامل لما تم طرحه وهي خلاصة أفكار وكلام صدرت فيه مواقف وبيانات من الأزهر الشريف ومجامع فقهية وعلماء كبار كالقرضاوي والغزالي والترابي وغيرهم.

لقد فتحت فتواكِ النوبلية الباب واسعاً للنقد والتحريض والتشهير عليكِ وهو دأب كل من يشتغل في الفكر والتنوير ويحمل قضايا المجتمع بالوعي الحداثي المتحرر من عقد الماضي، فكل باحث اليوم وقارىء ومفكر وكاتب وأديب هو مشروع مجتهد تنويري أصاب أو اخطأ في مواجهة المؤيدين والمنتقدين.

عزيزتي توكل ربما كنَّا زميلتين وناشطتين ثوريتين سلميتين في  الثورة الشبابية، والفرق بيننا أن صوتي الثائر حينها لم يتجاوز صداه مدينتي الصغيرة.

لكني لم أفقد ثقتي بقضيتي الوطنية التي جعلتني اليوم أقف بامكاناتي المتواضعة ومقوماتي الفكرية البسيطة لما هو أهم من إحياء ذكرى ثورة فبراير أو الخوض في جدلية عقيمة عن المسؤول الذي أحالنا إلى ما نحن عليه اليوم، فقد تقاطع الحاضر بالماضي والمستقبل بعد عودة عدونا التاريخي الإمامة وسعيها لالتهام اليمن. 

دفعني هذا المهدد والخطر الوجودي والمعركة المصيرية مع الإمامة إلى أن أحدد وجهتي وجهودي صوب عدونا التاريخي ومن خلفه إيران وماعدا ذلك تفاصيل صغيرة ستزول بزواله. 

لا أخفيك عزيزتي سعادتي عندما أكتب مقالاً عن واقع وحال البلاد وأجد له صدى محدوداً أو واسعاً، كأني غرست شجرة جديدة في درب نضالنا الوطني ضد كهنة وكاهنات  السلالة الحوثية، فتزداد ثقتي بالتمسك بقيم الحرية والعدالة لنقاء قضيتنا وعدالتها.

كما أؤمن أن كل صوت وجهد وموقف وحراك مقاوم للكهنوت السلالي والإيراني بمثابة مشاريع حياة وطرق نجاة ليمننا ومستقبلنا، وثمرة عطاء في طريق استعادة الدولة وتثبيت قيم العدالة والمواطنة المتساوية وشرعية النظام والقانون، وهي جوهر مبادىء وأهداف فبراير التي كنا ولا زلنا نناضل من أجلها.

 وكم أتمنى ان يظل صوتك لأجل الحرية واستعادة الدولة والدفاع عن الجمهورية هو الصوت الغالب والمشروع الواضح لمناهضة العنصرية ومحاربة السلالية والأطماع الإيرانية من موقعك النوبلي المؤثر.

كم أتمنى أن تتحرر توكل كرمان من نمطية البرتوكولات الثقافية وبرستيج العلاقات النسوية العالمية والسفريات والخطابات التنظيرية حول قضايا بعيدة كل البعد عن الدور المأمول لها والمكانة التي تمثلها.

كم أتمنى أن تنتقل الى مستوى النضال الخالد لملكات وإكليلات اليمن اللاتي يقاومن من مواقعهن البسيطة الصلف الكهنوتي والإرهاب السلالي العنصري كأمهات وزوجات أبطال وشهداء ومختطفين ونازحين.

كم أتمنى أن تعيد توكل النوبلية التي صنعتها أحداث الثورة الشعبية، أن تعيد فرز علاقاتها وانتقاء بطانتها وترتيب أولوياتها بما يتوافق مع معركتنا الشاملة دون انتقائية نضالية تشتت الجهد والممكانات في أمور هامشية وثانوية على حساب الغاية الأهم وهي رفع الظلم والمعاناة عن شعبنا الكريم باستعادة الدولة وإحلال السلام .

لعلكِ تعرفين عزيزتي أن الخطأ الكبير التي تقع فيه الغالبية العظمى من الشخصيات العامة والرمزية: 

يكمن في ضياع الأولويات وفقد الإتزان في ترتيب الواجبات والمسؤوليات تجاه المجتمع بناء على المزاج الشخصي والتأثيرات المحيطة تحت ضجيج وصخب النجومية والشهرة، فتصبح بعيدة كل البعد عن واجب الوقت تجاه الوطن بالإنشغال بهوامش وتفاصيل بدوافع الرغبة بعيدا عن مقتضى المسؤلية. 

ولايشفع الاجتهاد في الهوامش بدافع الرغبة وترك ما تقضيه المسؤلية للشخصية العامة، بل تفقدها مكانتها ودورها وتجعلها عرضة للنقد بل والتخوين والفشل بمعيار المسؤلية وجلالة القضية، مهما حاول المحيطون بها تلميعها والتسويق لها فكل مشروع غير مشروع التحرر الوطني واستعادة الدولة ودعم هذا الخيار هو ضرب من المناورات والركلات الخاطئة التي لا تحقق نصراً ولا تصنع تاريخاً ومجداً.

عزيزتي توكل يمارس الكهنوت السلالي من الإجرام والإرهاب الفكري والسياسي والعسكري والإنحراف الاخلاقي بحق اليمن واليمنيين ما لا تمارسه أي عصابة إرهابية نازية في العالم، ولك في تقارير مجلس الأمن والخبراء وغيرها من التقارير حول المتاجرة بالبشر واستغلال النساء وتجنيد الأطفال وتجريف الهوية وممارسة العنصرية والإرهاب وفرض قناعاته وأفكاره الطائفية بالقوة ومصادرة الحقوق والحريات والاعتقال التعسفي والتعذيب حتى الموت وزراعة الالغام والتحريض الطائفي، وتعامل سلالي استعلائي على عموم الشعب. 

جميعها قضايا وملفات تنتظر منك أن  تقومي بدورك في تبنيها لتعبري من خلالها إلى فضاء العالمية والخلود في وجدان الشعب كمانديلا أو غاندي .

يجدر بك من موقعك كامرأة نوبلية أن تكوني سفيرة لأمهات الشهداء والأسرى والمختطفين، أن تكوني لسان حال المعتقلات في سجون الكهنوت السلالي.

 يتعين عليكِ الدفاع ببسالة عن الطفولة التي يغتالها الكهنوت كل يوم وساعة فلا تعليم ولا تغذية ولا مأوى،بل وقود حروب وضحايا غسيل دماغ بأفكاره العنصرية ومناهجه الطائفية.

يمكنك من موقعك كامرأة نوبلية أن تفتحي ملفات العنصرية والسلالية التي تمارس في اليمن، وتبيضها في المحافل والمؤسسات الدولية رضية المتوكل وعدد من ناشطات الكهنوت ممن لم يحصلن على جائزتك النوبلية، بل بدوافعهن السلالية،نصرة للجلاد وإمعاناً في مصادرة حق الضحية.

 عزيزتي توكل بصفتك المرأة اليمنية الأولى الحاصلة على جائزة نوبل للسلام امنحي هذه الجائزة حقها، لأنها ليست ملكاً خاصاً بك، هي ملك الثورة وملك الشعب الذي خرجتي ثائرةً يوماً لأجله مطالبة بحقه في الحرية والكرامة.

جائزة نوبل التي حصلت عليها وأنت في خيمة الثورة أو قضية الجعاشن انصبيها في جنيف واهتفي لكل النوبليين والنوبليات وناشطين حقوق الإنسان من الشرق والغرب وشكلي قوة ضغط ناعمة تدعم السلام الشامل والعادل في اليمن.

عزيزتي لا مكان للرتوش والرستيج النخبوي وممارسة دور سيدة الأعمال بدلا من سيدة القضية والحقوق والسلام، لا قيمة لكل ذلك أمام القضايا الكبيرة التي يعاني منها الوطن.

 لا تجعلي من نشاطك المؤسسي لعدة قضايا وبرامج تتبناها مؤسسة توكل كرمان وإن كانت مفيدة، لكنها ليست بديلاً لدورك الحقوقي والإنساني والموقف الوطني ضد السلالة وتجريم إرهابها وعنصريتها ونازيتها. 

انتِ لم تخرجي للعالمية من رحم جمعية خيرية ولا من منظمة إنسانية أو مبادرة شبابية، لقد برزت من بركان ثورة شبابية شعبية، قدمت مئات الشهداء والاف الجرحى والمختطفين، وأفضت إلى مشروع سياسي رخو تلاشى وتم الإنقلاب عليه وعلى الدولة والجمهورية والنسيج الاجتماعي من قبل الكهنوت السلالي الحليف والعدو في الوقت نفسه حينها.

 ونتيجة للواقع المغاير لما قامت من أجله الثورة فقد دفعنا جميعا ثمن باهض من كل شيء حتى من مشاعرنا. 

كل ذلك يا عزيزتي يحملك المسؤلية الكاملة، إذ لن يغفر لك ملايين من رددوا هتافاتك الثورية وتخليتي عنهم إلا بإثبات نجاح نضالي حقوقي عالمي يحقق الفعل الثوري باستعادة الدولة وطي صفحة الكهنوت السلالي البغيض .

لن نغفر لقادة ورموز فبراير تباعدهم عن الأدوار الصريحة والواضحة في مناهضة الكهنوت السلالي وتجريم عنصريته والحشد لمحاكمة قادته،وتجريم خرافته، والضغط عليهم للتسليم والاستسلام بأدوات السلم أو وسائل الحرب ودعم الحرب .

ارفعي ملفات الاعتداء على الشعب اليمني حتى من الحكومة الشرعية والتحالف لكل المحافل والمحاكم بعد مجرمي الكهنوت السلالي والإرهابيين المساندين لهم من لبنان والعراق والحرس الثوري بإيران.

عزيزتي لا أتفق مع من يبني على علاقاتك برموز وناشطات الكهنوت السلالي اتهاما لك للتماهي معهم فانت سليلة بيت جمهوري لكن نصحيتي و فتواي الأخيرة على غرار فتواكي للمسلمة الامريكية اعيدي فرز اصدقائك وفريق عملك واحذري من التاثير السلالي المحيط بك، لأن الشهرة والنجومية سلاح ذو حدين إما خلود في صفحاته أو تعزير وتشنيع على عتباته والتاريخ لا يرحم أحد. 

ودمتي بخير.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!