حرية عدن!

فتحي بن لزرق
الجمعة ، ٢٩ ابريل ٢٠٢٢ الساعة ٠٤:٥١ صباحاً
مشاركة |

هذه الصورة ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، شاهدت أغلب من فيها في ثلاثة مشاهد.

وكان الأول بجولة كالتكس في الـ 30 من مارس 2015 حينما وقفت الى جانب عدد منهم فيما سيارات فارهة تشق طريقها صوب ميناء كالتكس على متنها رعايا أجانب وعائلات مسئولين يمنيين في طريقهم الى الميناء للحاق بسفينة هندية وصلت لإجلاء الأجانب وأسر المسئولين .

والثانية بعد سنوات  وامهات واخوات عدد منهم تزورني في مكتبي ملوحات بماتبقى من صور لهم في رحلة البحث عن شباب ابتلعتهم سجون الحاكمين والظالمين الجدد.

والثالثة وكانت قبل أيام وانا احث الخطى سيرا بالقرب من ساحة الشهداء بالمنصورة خلال ساعات المساء .

ثلاثة ورابعهم عجزهم، بثياب ممزقة وشعر أجعد يتخذون ركناً في الساحة ويمضغون القات وعلى المحايا نظرات شاردة ويائسة وسؤال كبير يفترش الأرض ويلتحف السماء عن ماهية الوطن الذي يبتلع فيه "المرتزقة" تضحيات أبطاله؟.

سألني أحدهم ما الذي ستكتبه عن هذه الصورة ؟

قلت له :"ستظل هذه الصورة الأكثر عظمة بين الاف من الصور.

هل قرأت ذات يوم ان قُبلة ما تختصر قصة عشق وان دمعة تختصر حكاية حزن سنوات وهذه الصورة تختصر حكاية الحرب في عدن .

هذه الصورة حكاية الرجال الذين ثبتوا في مواجهة من هرب وحكاية من ضحى في مواجهة من تنكّر ومن حمل بندقيته في مواجهة من قال هذه الحرب لاتعنينا.

كثيرة هي المشاهد التي علقت بذاكرتي خلال السنوات الماضية ، وبين كل عام ومع كل جولة بكل شارع تعاود هذه الصورة الانتفاض في تلابيب الذاكرة معلنة إحتجاجا يأبى النسيان رغم فداحة الواقع المعاش.

إحتجاج يقول لمن حاولوا تغييب الابطال .. لن تفلحوا.

ولمن حاولوا تزييف التاريخ .. لن تفلحوا.

ولمن تكسّبوا على تضحيات الاخرين لن تفلحوا أيضا.

في هذه الصورة ثلاثة أطياف من الناس والأول ابتلعته السجون عقب حرب 2015 بتهم شتى.

والثاني المُهجّر خارج مدينته لألف تهمة وتهمة والثالث الذي التزم بيته فاقداً الحيلة والوسيلة ..

أحفظوا الصورة وعلقوها بكل منزل لكي لايُكتب التاريخ بشكل مغاير ولكي لايقرأ اطفالكم ذات يوم ان الهاربين والناهبين ومجاميع اللصوص صنعوا أشعة فجر يوم لم يشهدوا شمسه.

رحم الله الشهداء وعافى الجرحى..

فتحي بن لزرق

27 رمضان 2022

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!