رمضان.. شهر رهيب!

د. مروان الغفوري
الجمعة ، ٢٩ ابريل ٢٠٢٢ الساعة ٠٤:٣٢ صباحاً
مشاركة |

أنا رجل يؤمن بفكرة “الخالق”، يؤمن به ويبحث عنه، يجده ويفقد أثره، دواليك. الخالق فكرة أكبر من الدين، كما أن القرآن أوسع من الإسلام. أصوم رمضان ولم أفطر سوى مرة واحدة، كان ذلك في ثالثة إعدادي. آنذاك مارست العادة السرية على نحو محسوب غير أن أشياء اللعبة وقعت مني. بقي من هذا الرمضان ثلاثة أيام، شهر عصيب يوشك أن ينقضي.

تغرب الشمس على التاسعة مساء، وعلي خلال ساعتين (أنام على الحادية عشرة) أن أفطر، أشرب لترين من السوائل، وأنجز بعض المسائل المتعلقة بما ألزمت به نفسي. أن ترمي إلى معدتك بلترين من السوائل خلال ساعتين ثم تذهب إلى النوم هي عملية إجرامية بحق نفسك. أستيقظ على الواحدة، على الثانية، على الرابعة، على الخامسة إلى الحمام. بين الساعة والأخرى أحاول أن أنام، وليس ذلك بالأمر البسيط بالمرة.

ينتهي الليل وعيناي حجريتان، على السادسة صباحا أحضر نفسي ليوم عمل مرهق وطويل بلا ماء ولا قهوة. القهوة مسألة غاية في التعقيد: أتجنبها طيلة رمضان كي لا أزعزع الريتم الخاص بنومي وصحوي. أقضي نهارا كاملا في غاية اليقظة، طبيعة عملي تستدعي انتباها فائقا.

قلت قبل يومين لرجل نفذ لي عملا بطريقة سيئة: لو اشتغلت كما تشتغل سيموت عشرة أشخاص في اليوم. هذا الشهر، رمضان، استملت حوالي 12 مناوبة أون كول (جاهز للاستدعاء في حال استعصت مشكلة على الأطباء في المشفى، أو انطلق إلى معمل القسطرة إذا وصلت حالة مصابة بجلطة قلبية). استقبلت حوالي 55 اتصالا من المشفى في أوقات مختلفة، بعضها في عز النوم، أجريت ثمان عمليات قسطرة (فتح شرايين تاجية تداخليا) طارئة في ليالي رمضان لحالات قلبية حرجة، بعضها تحت الإنعاش. ثلاث مرات وصلني الاستدعاء ونحن نضع الإفطار على المائدة، وواحدة ونحن في مطعم مع أصدقائنا في اللحظة التي وضعت فيها طبقي على الطاولة.

رمضان شهر رهيب، هو أي شيء عدى أن يكون رومانسيا أو شهرا للونس. تمكنت خلال رمضان من متابعة حلقة واحدة فقط من جزيرة غمام، وحلقة ونصف من العاصوف. هاتان الحلقتان هما إجمالي ما حضرته من دراما خلال هذا الشهر.

أمس تمكنت، بالله والأولياء، من مشاهدة ثلثي ماتش الريال والسيتي، كنت متسامحا مع الطرفين ونمت ع حالي قبل النهاية. تقول ساره ياسين أني نمت أكثر من سبعة أيام بالجينز والتي شيرت، أي: على الكنبة. أحب طب القلب أكثر من أي شيء آخر، ولا شيء في هذه الدنيا يوازي عودتي الثالثة فجرا بعد أن أنقذت مريضا من موت وشيك جدا.

السلامة لكم جميعا. 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!