هل عدن على مشارف يناير أخرى؟

د. عادل الشجاع
الثلاثاء ، ٢٨ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:١٠ صباحاً
مشاركة |

إن التطورات السياسية الأخيرة في عدن لا أعتقد أنها فاجأت المطلعين على خفايا الوضع اليمني والملابسات المتعلقة بإدارة الحرب والمعارك المستترة والمكشوفة . يحاول سكان عدن أن يتجاهلوا عمدا أو سهوا تبعية الجهات التي تمسك بمفاصل السلطة وكل ما يهمهم هو الحصول على أبسط حقوقهم من الخدمات : الكهرباء والماء والصحة والتعليم والمواصلات العامة ولقمة العيش الكريمة . 

في الوقت الذي كان ينتظر المواطن في عدن وصول حكومة الشرعية لكي تخفف عنه الكوارث الطبيعية والبشرية إذا بالانتقالي يقرر مع دولة الإمارات التخلص من الشرعية . بهذه الخطوة قرر الانتقالي ومن ورائه الإمارات أن تكون عدن ساحة صراع لتصفية الخلافات الإقليمية بأطراف يمنية .

المستفيد من هذه الخطوة هو المشروع الإيراني الذي أسهم التحالف في تحقيقه بقصد أو بدون قصد . إيران تشتغل على البعد الاستراتيجي طويل الأمد وواسع الجغرافيا . والمشروع الإيراني لن يتوقف عند اليمن بل سيمتد حتى يصل إلى دول الخليج .

والمؤسف حقا أنه على الرغم من التقدم الإيراني ، مازال التحالف العربي يساهم في تدمير اليمن ممهدا الطريق لتمكين إيران منها . التحالف العربي جاء لدعم الشرعية في اليمن واستعادة العاصمة صنعاء ، فلماذا سمح بنشوء مليشيات جديدة لتطرد الشرعية من كامل الأراضي المحررة ؟ 

واضح جدا أن التحالف العربي لدعم الشرعية لم يدعمها بل عمل على ضربها وتفكيكها وإضعافها أمام خصومها . قد يقول قائل إن الشرعية أضعفت نفسها وهي التي أوصلت نفسها إلى هذا المستوى من الضعف ، لكن الحقيقة أن التحالف أشرف على التركيبة الحالية للشرعية وأصر على بقائها ثم عمل على تقويضها وتحويل معركته مع الحوثيين إلى معركة مع الشرعية .

ولا أبالغ إذا قلت إن اليمنيين وصلوا إلى قناعة بأن التحالف أضعف من أن يستعيد الشرعية من الحوثيين الذين يعتبروا أكبر المستفيد من الحرب . كيف سمح التحالف بقيام مليشيا تنقلب على الشرعية ؟ وحتى لا يدافع خصوم الشرعية على الإمارات أنا أتكلم على الشرعية المؤسسية التي بها نستعيد الدولة . 

دولة الإمارات وهي طرف في التحالف ليس لديها إشكالية في دعم الانتقالي علنا ضد الشرعية . يبقى دور السعودية غير واضح مما يجري . وضعت المملكة والإمارات كل تفكيرهما في إنتزاع مصالحهما في اليمن في ظل غياب الدولة ، بينما التحالف المناوئ للسعودية والإمارات المتمثل بإيران وقطر وعمان ومعهم الحوثي وحزب الله لديهم إستراتيجية تصاعدية في المواجهة . وبالتالي ستخسر السعودية والإمارات أي مصلحة يمكن الحصول عليها في غياب الدولة .

ألم يكن تحالف المملكة والإمارات يقوم على هدف استعادة الشرعية ؟ فلماذا إذا رسم البلدان ملامح المرحلة الكارثية التي بلغها اليمن اليوم ؟ لقد قام التحالف مشكورا بتدمير اليمن وعطل الحياة السياسية ليركز عناصر القوة بيد الحوثي . اتفقت المملكة مع الإمارات على تقاسم المغانم غير أنه من الناحية الاستراتجية البعيدة المدى سلمتا الحوثي مقدرات اليمن بالكامل . 

قد تتلهى الإمارات اليوم بتصفية حساباتها مع الشرعية ومع من تعتبرهم خصوم وتصر على إلغائهم لكن حقائق الديمغرافيا ستجعل الإمارات تدفع ثمنا عاليا ، هي في غنى عن ذلك . قد تتلذذ الإمارات اليوم بالانتقام من خصومها عن طريق تفكيك الشرعية لابتزازها ، لكن ما سيترتب على ذلك سيدفع التحالف سيكون ثمنه تمدد إيران التي لن تسمح بمرور السحابة فوق الخليج أو هطول الأمطار على أرضها .

مازال في الوقت متسع لتجلس المملكة مع الإمارات ومراجعة أهداف التحالف ودعم مؤسسات الشرعية لكي تحافظ على السلم الاجتماعي في عدن ومن ثم في بقية المناطق الأخرى .

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!