الدكتور أحمد بن دغر و دروس في المدنية

أمين عبدالله الورفي
الجمعة ، ٢٧ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ٠٩:٠٢ مساءً
مشاركة |

بالامس قمنا مع احد الزملاء بالمشاركة بتقديم واجب العزاء والمواساة للشيخ / محمد بشير في وافاة المغفور له بأذن الله ( والدة ) رحمت الله تغشاة ، ولأن الاخ / محمد بشير يعتبر واحد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام واحد كوادرة الهامة فقد حرص كثير من رجالات الدولة في بلادنا على المشاركة في تقديم واجب العزاء ، حيث حضر العزاء عدد كبير من مسؤلي الدولة سياسيين مدنيين وعسكريين ومن كل الأطياف السياسية في البلاد. 

والحقيقة انني للمرة الاولى في حياتي اشارك في مثل هكذا مناسبات او تجمعات وبالتالي فقد كنت طوال الفترة التي قضيناها في خيمة العزاء أما في اندهاش أو في حالة من الفزع ، وخلال هذة الدقائق القليلة تولدت لديا افكار وقناعات مختلفة ،فهناك زاد احترامي لشخصيات كما زاد حبي لشخصيات اخرى ، هناك عرفت رجال على حقيقاتهم بدون كمرات تلميع او منتاج يقدم . فسقط رجال واستقام في عقلي وذهني أحرين. ولكن الأهم من كل ذلك اني عرفت هناك معنى المدنية. 

نعم ، لقد عرفت خلال تواجدي في خمية العزاء معنى المدنية ، عرفتها لأني اخذت دروس فيها من رجال كانوا قد جعلوها سلوكاً ومنهاج حياة ، تعلمت المدنية هناك لأني رايت من يطبقها أمام عيناي ، فخلال تواجدي هناك توافد على مكان العزاء العشرات من مسؤلي الدولة وكلاً منهم يحكي عن ماساة وطن عصفت به رياح الجهل والفقر والمشيخة. 

وبينما كنت اتئمل وجوه الحاظرين اذا بي اسمع ضجيج اصوات محركات سيارات مرتفعة تسير متلاحقة ،تتوقف السيارات فأذا بعشرات الرجال ينتشرون في كل مكان كلاً يحمل بندقة وجعبتة مليئة بالذخائر والقنابل ينتشرون في كل مكان ليخرج من وسطهم  الشيخ والمناظل الكبير ووزير الـ.......... فيمشي متوجهاً نحو الخيمة يحيط به العشرات من الرجال القبليين من كل مكان في منظر يجعل دقات قلبك تتسارع من الخوف لكنك ما تلبث أن تكتشف انه الشيخ والمناظل الكبير اتي ليقوم بواجب العزاء فينصرف الفيلق من خلفة ليبقة بجوارة فقط اربعة الى خمسة من الحراسات الخاصة به. 

لم اكن قد استوعبت المنظر بعد ، لأجد موكب من الشاسات ( اخر موديل ) محملة بالرجال المسلحين بكل انواع الاسلحة الخفيفة والتوسطة ولكن هذة المرة لم تتوقف المحركات الا وقد قد دخل جزء كبير من السيارة الشاس الاولى الى داخل الخيمة مما جعلني على الفور اقف محاولاُ الفرار  ولكن الامر لم يكن سوى موكب الشيخ / بن ..... ومعة فقط حوالي ( 30مسلحاً ) اتوا من اجل تقديم واجب العزاء ولكنهم احبوا مرافقة الشيخ حتى وصلوا الى راس الخيمة ليتركوا الشيخ بعد ذلك يقدم واجب العزاء ويرجع الجميع ليبقى بجوارة فقط عدد من الرجال للحماية الشخصية. 

وما هي الا لحظات ويصل موكب اخر لشيخ اخر او مسؤل اخر ومعة عدد كبير من المسلحين الذين لا يفارقونة الا وقد اوصلوه الى راس الخيمة والى مكان جلوسة وكأننا في عرض لاحد الافلام الهندية القديمة منتظرين لخروج البطل ( شاكا ) او ( السلاسل ) من وسط الجموع.في منظر من التكبر والتجبر والتعجرف لا يمكن ان يكون له حدود. 

هؤلاء هم المشايخ وزراء وغير وزراء ، تعالوا معي الان الى المتعجرفين من الوزراء فقد كانوا اكثر عقلانية من سابقيهم فكل منهم كان يصل بسيارتين الى ثلاث وبرفقتهم عدد من الحرسات العسكرية ( الكمندوز )والتي تشعرك أنك في فلم  ( عاصفة الصحراء ) وكلهم من اجل حماية الوزير الفلاني لابد ان يدخلوا حتى اخر نقطة في الخيمة وينتشروا في كل مكان. 

وسط كل هذه الفجائع والمصائب دخل معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور / أحمد بن دغر دخل متواضعا كما هو دائما ليقدم للجميع درسا هاماً في المدنية دخل الى الخيمة بعد ان ترجل من سيارتة الوحيدة التي اتت بدون اسلحة وبدون مسلحين وبدون قنابل وبدون قاذفات الصواريخ وبدون جعب وبدون بوازيك ( اربي جي ) دخل وبرفقتة شخص واحد ترى في وجهه البسمة والبشاشة لا حراسات عسكرية ولا عروض قبلية تسليحية اتي كما يجب ان ياتي اي شخص يحترم القانون ويحترم نفسة ويحترم الاخرين ليجد الترحيب الحار من الجميع والاحترام الغير مسبوق والذي لم ينله اي من الحاضرين غيرة  لأنهم عرفوا انهم امام رجل يفرض احترامه وحبة على الجميع ليس بقوة السلاح ولا بقوة المرافقين ولا بالكبر والغرور وحب الظهر وهو بذلك يقدم للجميع درساً هاماً في معنى المدنية.  

نعم ، لقد اعطيتنا جميعاُ درسا هاما في المدنية السلوك الحضاري لن يزول ابداُ من الذاكرة  لأن ما نعيشة اليوم هي دولة القبيلة والتي من المفترض انها قد زالت منذ قرون طويلة  لان تطور الحياة السياسية منذ بداية الانسان على الارض بداء بدولة الفرد ثم انتقل الى دولة الاسرة لتكون كل اسرة دولة في حد ذاتها ثم راى الانسان انه من الصعب ان يعيش حياة دولة الاسرة فجعل من القبيلة هي مركز الدولة ومع تنامي الفكر الانساني والسياسي أتحدت كل القبائل في كل اقليم لتشكل الدولة فتذوب كيانات القبائل والاسرة والفرد في نطاق واحد يسمى الدولة لتنتهي دولة القوة وتبدء مرحلة دولة المدنية اتلي يقوم الجميع فيها  بالتنازل عن جزء من حرياتهم الشخصية بمحض ارادتهم من اجل اقامة دولة مدنية يتمتع الجميع فيها بنفس الحقوق والواجبات وبالعدالة والمساواة. 

فهل سياتي اليوم الذي نعيش فية الدولة المدنية ام ان القبيلة ودولة القوة ستضل تغطي على اعيننا بجلبابها القبيح.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!