طالبان.. والإخوان

محمد دبوان المياحي
الثلاثاء ، ١٧ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ١٢:٢١ صباحاً
مشاركة |

تتحدث طالبان بلغة معسولة، يقول قادتها: لن نمنع النساء من التعليم، لن نضايق أحدًا، لن نستأثر بالسلطة لوحدنا، نريد علاقات طيبة مع العالم.. هذه الفهلوة لا تطمئن أحدًا، إنها حديث متوحش خائف، حديث راهب يرغب بتثبيت سلطته والتمكن من رقاب الناس. لقد خبرنا جيدا هذا النوع من الخطاب، ولنا في صنعاء نموذج فاضح وعار كبير يشبهه. 

ما الذي تغير، هل قامت طالبان بمراجعات فكرية عميقة، هل أعادت صياغة مناهجها وغيرت منظورها للعالم، هل أصدرت كتبًا تكشف انقلاب جذري في الرؤية.. لم تفعل شئيًا من هذا، كل ما هنالك أنها تتلبس خطابًا متنافي مع جوهرها العميق، هذا القناع لا يطمئن أحدًا، فأي تحولات فجائية في الموقف تكشف زيف التحول وتؤشر لمستقبل مخيف. 

يتحدثون عن الشراكة واحترام الحريات، يريدون تصدير صورة مختلفة عنهم، ثم يظهر رموزها وهم يتلون القرآن، في قصر كابول. " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا" هل هذا مسجد للعبادة، أم قصر لتدبير شؤون الناس..؟ هل كانت كابول كافرة ثم أسلمت حين رأت جنرالات الحركة يتجولون في شوارعها، هل من دواعي الحكم أن يؤمن الناس بالقوة..؟ 

ألاحظ بهجة صامتة من قبل تيارات الإخوان، "الإسلام السياسي" لكأنهم يشعرون بالنصر، شعور حذر، لو لم يكشفوا عنه، إلا أنهم لا يفصحوا عن نقيضه، هذا الموقف الرمادي لا يليق بأي قوى حسمت أمرها إزاء الديمقراطية، حتى لو تعرضتم لكل صنوف التآمر وتم اقصاءكم من كل الميادين، لا يليق بكم أن تبتهجوا لأي حركة مسلحة تسطو على مصير الناس بالقوة. 

مهما بلغ بكم الغبن، مهما شعرتم بالغضب إزاء أمريكا والجيوش الغادرة بالمنطقة، لا يمكن أن تكون طالبان بديلًا، حركة مخيفة، ومستقبل مجهول..في مثل هذه المواقف تتجلى هويتكم، مع الديمقراطية، منتصرين أو مهزومين، ضد منطق القوة، حتى لو كان يداعب شئيًا في خيالاتكم. 

أتذكر جواب محمد عبدالسلام فليته، بعد اجتياح صنعاء بيومين، سألته مذيعة الجزيرة، لماذا اجتاحت قواتكم العاصمة، قال: أرفض أن أسميه اجتياح، اللجان الشعبية، دخلت لتأمين العاصمة، وها هي عاصمة الجمهورية اليمنية، تتحول لأكبر مدينة باعثة للخوف بالعالم. لا أمان في ظل حكم الكهانة، مهما كان لباسها، سنية، شيعية، خنفشارية، دنكشفونية.. جميعهم يحكمون بمزاج عنيف وخيال مريض وبدمرون حاضر ومستقبل الأجيال. 

طبيعة الناس الميل للمنتصر، لا تدعوا رهبة القوة تشوش موقفكم، هذا نصر أسود ولا يغري أحدا.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!