لماذا لا يحصل اليمنيون على تعويضات من البريطانيين كاليهود ؟

د. عادل الشجاع
الجمعة ، ١٣ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ١١:٥٤ مساءً
مشاركة |

تلقت إسرائيل تعويضات وهي لم تكن دولة موجودة في الواقع ، فلماذا لا يتلقى اليمن تعويضات من بريطانيا التي احتلتها وهي دولة موجودة منذ آلاف السنين ، فقد احتلت بريطانيا اليمن وأخضعت شعبها لحكمها وحولته إلى سخرة لصالحها واستغلت ثرواته ومارست الإذلال بحقه.

إنها تلك المملكة الاستعمارية التي لم تكن تغيب عنها الشمس من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب من العالم التي سرقت ونهبت واستغلت الشعب اليمني ، هي ذاتها التي تمسك بالملف اليمني في الأمم المتحدة وهي التي تشجع مليشيات الحوثي والانتقالي سرا وتؤوي المجرمين والمخربين ولم تتغير أجندتها الاستعمارية ولم تفكر بالاعتذار عن كل ما اقترفته من نهب استعماري يقدر بمئات المليارات واستعبادها للشعب اليمني ، وعدم اعتذارها يعني استمرار عقلية الاستعمار ، يؤكد ذلك عودة الجنود البريطانيين إلى محافظة المهرة وانضمامهم إلى القوات الاستعمارية الأمريكية والسعودية هناك.

لقد كان احتلال بريطانيا للمحافظات الجنوبية والذي استمر 128 عاما بمثابة الحلقة المركزية ليس في تأسيس الانفصال فحسب ، بل في رسم معالم الصراع في اليمن ، فقد تعرض شعبنا إلى التشريد ومازال يتعرض للويلات والمآسي ، وبدلا من تصحيح أخطائها ووقوفها إلى جانب المشروع الديمقراطي الذي اختاره الشعب اليمني ، نجدها تقف إلى جانب الهويات العنصرية والمناطقية.

وهنا علينا أن نستثمر ما يمنحه القانون الدولي من سلطة استرداد الحقوق التي سلبت منا وندعو إلى تشكيل فريق قانوني لرفع قضايا أمام المحاكم الدولية ، بشأن المظالم التاريخية التي لحقت بالشعب اليمني جراء الاحتلال البريطاني ، وهذه الدعوة معني بها بدرجة أساسية اليمنيون المتواجدون في دول الاتحاد الأوروبي وفي الغرب عموما ، بالإضافة إلى من هم في الداخل. 

وبالرغم من أن بريطانيا صوتت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 ، وهو القرار الذي أكد انقلاب الحوثيين على الشرعية اليمنية ، إلا أنها وقفت ومنعت تحرير الحديدة واسترجاعها من يد عصابة الحوثي الإرهابية ، هذا الموقف يوضح بشكل لا لبس فيه أن الحكومة البريطانية لا ترغب في ممارسة الضغط ، لا على الحوثيين ولا على المجلس الانتقالي ، الذي انقلب على الشرعية وعطل مؤسساتها.

إن بريطانيا مطالبة بالاعتذار للشعب اليمني ومطالبة بأن تتحمل مسؤليتها عن تبعات استعمارها لليمن وما لحق الشعب اليمني من أضرار ، وكذلك عبثها بالملف اليمني حاليا في أروقة الأمم المتحدة ، فاحتلالها لجنوب اليمن جسد الانفصال بالقوة ، وشكل انتهاكا جذريا لسلامة ووحدة الأرض اليمنية ، فضلا عما ترتب عليه من نهب لثروات الشعب اليمني واستغلال موانئه البحرية والبرية والجوية.

إن الحرب الأهلية التي تدور اليوم في اليمن هي ثمن ذلك الاحتلال وتلك الخطيئة الكبرى التي ارتكبتها بريطانيا ومساعدتها للحكم الإمامي الكهنوتي في الشمال ، لكي يتسنى لها الاستمرار في الجنوب ، وبالتعاون مع الإمامة أعاقت قيام الثورة اليمنية سنوات طويلة ومنعت الشعب اليمني من التواصل مع محيطه العربي ، ولذلك هي مطالبة اليوم بتعويض اليمنيين عما لحقهم من أضرار جراء ذلك الاحتلال والتخادم مع الحكم الإمامي الكهنوتي.

ونحن في القرن الواحد والعشرين كنا نظن أن بريطانيا ستعتذر للشعب اليمني عن الجريمة التاريخية التي ارتكبتها واعتقدنا أنها ستقف إلى جانب ديمقراطية الشعب اليمني وستدعو العالم ، كونها تمسك بالملف اليمني إلى مساندة اليمنيين في المضي نحو الانتخابات والاحتكام للإرادة الشعبية ، لكنها للأسف تقف بكل صلافة إلى جانب المليشيات العنصرية والانفصالية ، وبهذا تثبت تنكرها للمسؤلية التاريخية والجريمة التي ارتكبتها في حق اليمنيين.

أخيرا يمكنني أن أهمس في أذن التحالف العربي وأقول للعقلاء فيه ، إذا كان هناك عقلاء ، إن الحلفاء دفعوا ثمن إذلالهم لألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ، فبعد أن كبلوا ألمانيا عسكريا واقتصاديا ، دفعوا بالألمان للانتقام من الذل الذي لحق بهم وببلدهم وأشعلوا الحرب العالمية الثانية ، فلا تمارسوا عقدة الضعف لديكم على الشعب اليمني ، لأنكم بذلك تدفعونه للانتقام لذاته وستجعلون بلدانكم في مرمى الانتقام ، عليكم أن تعودوا إلى الأهداف التي رسمها لكم القرار 2216 ، والتي التزمتم بها أمام اليمنيين وأمام المجتمع الدولي.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!