عن الدور المريب للامارات في اليمن

منير العمري
الجمعة ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ٠٤:٠٥ مساءً
مشاركة |

عن الدور المريب للإمارات في اليمن

 

إحتفت الإمارات في التاسع من فبراير، 2020م بعودة جنودها من اليمن والتحول لما أسمته باستراتيجية الاقتراب غير المباشر، مع أنها ما زالت تحتفظ بوجود قوي في عدد من المناطق والجزر في المحافظات الجنوبية وعلى وجه الخصوص جزيرتي ميون وسقطرى.

ورغم كون الإمارات أحد أهم أعضاء التحالف العربي، أو تحالف دعم الشرعية، الذي تقوده السعودية ولاعب أساسي في عاصفة الحزم ولاحقاً استعادة الأمل، بات أغلب اليمنيين على قناعة بأنها تعمل وفقاً لأجندات خاصة بها يعيدة كل البعد عن أهداف التحالف المعلنة وعلى رأسها هدف استعادة الشرعية ودحر مليشيا الحوثي الإنقلابية ومن خلفها المشروع الإيراني في اليمن.

وقد عززت هذه القناعات ممارسات وأنشطة الإماراتيين على الأرض وبخاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية، وهي الممارسات التي رفعت منسوب عدم الثقة بين الحكومة الشرعية والإمارات وعرقلت خطط الحكومة الهادفة لتثبيت الأمن والاستقرار وتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة بشكل خاص والمحافظات الجنوبية بشكل عام.

سعت الإمارات على الدوام إلى إيجاد كيانات سياسية وعسكرية مرتبطة إرتباطاً عضوياً وكاملاً بها، فمثلا فرضت خالد بحاح كنائب للرئيس، وكانت خطتها التالية أن يحل بحاح محل الرئيس وفي أقرب فرصة مواتية، وهي الخطة التي تنبه لها الرئيس عبدربه منصور هادي وقام من فوره بعزل بحاح من كل مناصبه.

لقد عملت الإمارات ومنذ اللحظة الأولى لانضمامها إلى التحالف العربي وبعد تحرير بعض المحافظات الجنوبية التي كانت احتلتها مليشيا الحوثي مسنودة بقوات الرئيس السابق علي صالح، إلى فرض الكثير من قيادات ما عرف لاحقاً بالمجلس الإنتقالي كمحافظين ومسؤولين في الحكومة كعيدروس الزبيدي والذي عين محافظاً لمحافظة عدن وشلال شائع والذي عين مديراً لأمن المحافظة والشيخ السلفي المتشدد هاني بن بريك والذي عين وزيراً، وتم لاحقا عزلهم من مناصبهم وإحالتهم للتحقيق باستثناء شائع، بعد ثبوت عملهم على مشاريع تقوض جهود إعادة الإستقرار إلى المحافظات المحررة وتتعارض ومصلحة البلد وتعرض وحدته وأمنه وتماسكه الإجتماعي للخطر.

كما عمدت أيضاً، وبشكل واضح، إلى دعم كل التحركات الهادفة إلى تقويض وإضعاف الحكومة الشرعية من خلال دعم الحراك الإنفصالي عبر ما يسمى بالمجلس الوطني الإنتقالي الذي يقوده عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وغيرهم.

وقد تسببت هذه التحركات في تصاعد الخلافات بين الشرعية والإمارات وفي مرات كثيرة وصلت لمرحلة كسر العظم، كما حصل بالنسبة لطائرة الرئيس ومنعها من الهبوط في مطار عدن وكذلك الصراع المسلح بين قوات الشرعية المتمثلة في ألوية الحماية الرئاسية وقوات المجلس الانتقالي الموالية للإمارات في يناير 2018م ومشكلة سقطرى وغيرها. وكان تدخل السعودية حاسما في كثير من الملفات.

عسكرياً، أسست الإمارات الكثير من الأحزمة الأمنية وقوات النخب المختلفة في أغلب المحافظات الجنوبية والشرقية، وهي وحدات عسكرية وأمنية غير مرتبطة بالشرعية. وهذه القوات والوحدات العسكرية والأمنية لا تشكل في مجملها قوة موحدة تحت قيادة واحدة، بل هي عبارة عن كيانات وجماعات مختلفة والقاسم المشترك بينها جميعا هو ولاءها المطلق للإمارات وتلقيها الدعم المادي من ذات المصدر إضافة إلى عدائهم المطلق للشمال والشماليين وكل ما هو شمالي.

كان لافتا أن الإمارات لم تبن قوة موحدة وتحت قيادة واحدة، بل بنت مليشيات متعددة وسعت لتأسيس أخرى كقوات حراس الجمهورية تحت قيادة طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق، الذي قتله الحوثيون في الرابع من ديسمبر ٢٠١٧م.

وهذه القوات اتجهت إلى تدعيم قوات العمالقة التي تقاتل في الساحل الغربي وتسعى للسيطرة على ميناء الحديدة الإستراتيجي، كما أن الهدف الأساسي لتكوين هذه القوة هو تسلم المناطق المحررة في الساحل من قوات العمالقة التي يعلن قادتها ولاؤهم لولي الأمر، الرئيس هادي.

يعتقد الخبراء والمتابعين لهذا الشأن بأن ما يحرك الإمارات في اليمن هي مطامع جيوسياسية واقتصادية بحتة وهذه المطامع لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأهداف التحالف العربي المعلنة، وإنما مرتبطة بأهمية الموقع الجغرافي لليمن وتموضع البلد الإستراتيجي على المحيط الهندي وبحر العرب ومدخل البحر الأحمر، وبخاصة مضيق باب المندب، وهو شريان مهم للحركة الإقتصادية والتجارية العالمية.

وهذه المطامع بدت واضحة وجلية من خلال أنشطتها العسكرية وتركيزها الدائم على التواجد في الجزر والسواحل والموانيء الهامة في اليمن.

وقد سبق للإمارات أن بنت قاعدة عسكرية لها في جزيرة بريم (ميون) الإستراتيجية عند مدخل البحر الأحمر، كما أنها تسيطر حالياً على موانئ عدن والمكلا ونشطون والمخا، بالإضافة إلى عدد من الموانئ أو المرافىء الصغيرة على البحر الأحمر وخليج عدن وقد قامت بتعطيلها جميعاً لصالح ميناء جبل علي في دبي.

وتعطيل هذه الموانئ حرم الشرعية الكثير من الموارد وسمح للعالم بابتزاز الحكومة الشرعية والضغط لوقف تحرير ميناء الحديدة الذي تمر عبره حالياً كل الحركة التجارية والشحنات الإنسانية، بمبرر أن الحرب في مدينة الحديدة سيؤدي إلى تعطيل الميناء وهو ما سيقود لاحقاً إلى مجاعة بين السكان في اليمن.

نفس الأمر مرتبط بالمطارات ومنها مطار عدن ومطار الريان بالإضافة إلى مطار جزيرة سقطرى، والتي كانت تشغل الإمارات رحلات مباشرة إليه دون علم أو موافقة الحكومة اليمنية.

ليس هذا وحسب، بل سعت الإمارات إلى التواجد على حدود الجارة عمان من خلال محافظة المهرة، لكن المهمة كانت أصعب هناك من غيرها من المحافظات الجنوبية بحكم ارتباط المحافظة وسكانها وصلاتها الإجتماعية والثقافية بسكان السلطنة.

يروج الإماراتيون، والتي كانت بلدهم غير موجودة على الإطلاق قبل العام 1971م وكانت تعرف سابقاً بساحل القراصنة أو ساحل عمان، بأن جزيرة سقطرى اليمنية تتبع الإمارات وهناك حركة دؤوبة لتأسيس نخبة سقطرية على غرار مثيلاتها من النخب والقوات التي أسستها الإمارات في المحافظات الجنوبية، كما تقوم حالياً بمنح الجنسية الإماراتية لأبناء جزيرة سقطرى في محاولة لتغيير الوضع الديمغرافي على الجزيزة.

تعرف الإمارات بأن وجود دولة قوية في اليمن وتشغيل موانئ البلد، وبالأخص ميناء عدن، سيجلب عظيم الضرر لموانئ دبي وعلى وجه الخصوص ميناء جبل علي، الميناء الأكبر والأنشط في الشرق الأوسط حالياً.

ولطالما تحينت الإمارات الفرص للإنتقام بعدما قامت حكومة الوفاق بعيد ثورة الحادي عشر من فبراير عام 2011م بالإستغناء عن خدمات شركة موانئ دبي العالمية (DP World) والتي كانت تدير ميناء عدن للحاويات بعد اتفاقية مشبوهة وقعتها الشركة مع نظام صالح. وهذه طبعاً من المرات النادرة التي تحصل شركة على حق تشغيل ميناء منافس لأحد أكبر موائنها في منطقة معينة.

والأمر الآخر هو أن ذات الشراكة – شركة موانئ دبي – تم طردها من مينائي دواليه في جيبوتي وميناء بربرة في الصومال بعد تأميم حكومتي البلدين لهما، ولذا فهي تتشبث بقوة بموانيء اليمن في عدن والمكلا وغيرها وتعمل ما وسعها الجهد على تعطيلهما.

من خلال معرفة ذلك يتضح جلياً حقيقة الدور الإماراتي في اليمن ومراميها من المشاركة في تحالف دعم الشرعية، وهو دور يتعارض تماما مع الأهداف المعلنة للتحالف العربي وتسعى من خلاله إلى تحقيق مصالحها الخاصة على حساب اليمن ومصالح اليمنيين

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!