خالد عبد العزيز آخر من تبقى من ذاكرة الثورة اليمنية

د. عادل الشجاع
الثلاثاء ، ٢٧ يوليو ٢٠٢١ الساعة ٠٩:٤٧ مساءً
مشاركة |

هو أحد زعماء الجبهة القومية وعضو اللجنة التنفيذية( المكتب السياسي )  وأحد السبعة الذين فاوضوا الانجليز على الاستقلال الوطني في جنيف  ، وهم : قحطان محمد الشعبي ، فيصل عبد اللطيف الشعبي ، خالد عبد العزيز ، سيف الضالعي ، عبد الفتاح إسماعيل ، محمد أحمد البيشي ، محمود سبعه ، حينما نربط كل اسم  بمكان ولادته ، سنجد الأسماء السبعة تمتد بامتداد جغرافية الجنوب وحدتهم القضية والإيمان بمبدأ التحرر الوطني وليس المحاصة التي يستظل تحتها اليوم أصحاب المشاريع الصغيرة ، ولم تكن الجبهة القومية التي قادت النضال ضد المستعمر بمعزل عن الشمال ، بل تأسست داخل القصر الجمهوري بصنعاء على يد قحطان الشعبي أول رئيس لليمن الجنوبي بعد الاستقلال.

كان الثوار سواء في الجنوب أو الشمال يناضلون من أجل الهوية الجامعة المعبرة عن الشعب بوصفه كلا غير قابل للتجزئة ، بينما ورثة هؤلاء الثوار يناضلون ضد الهوية الوطنية وإذا تحدثوا عنها ، فإنهم يريدونها إنعكاسا لتصور فئوي مناطقي ، والفرق بين ثوار الأمس واليوم ، أن ثوار الأمس كانوا أصحاب مشاريع كبيرة وكانوا عامل توحيد ، بينما ثوار اليوم أصحاب مشاريع صغيرة وأصبحوا عامل تمزيق.

كان مؤسسوا الجبهة القومية وخالد عبد العزيز واحد من هؤلاء المؤسسين يرون أهمية وجود تنظيم قيادي يمني ، يجمع الشعب اليمني ويقوده في معركة تحرير الوطن ، معتمدا على نفسه ، سواء في التمويل أو المد الوطني ، تنظيم يكون ارتباطه بالشعب اليمني ، أساسه التكافل الاجتماعي ، والوحدة الوطنية ، ولهذا حرصت هذه القيادة على أن تنطلق الجبهة من المصلحة اليمنية ، والخصوصية اليمنية دون تجاهل البعد العربي ، ولذلك قرروا أن يأخذوا الاستقلال بأيديهم.

كانت الحركة الوطنية اليمنية بمختلف مشاربها قد حددت قائمة الأعداء ، فوضعت الاستعمار البريطاني والإمامة على قاعدة واحدة وانطلقت في مواجهة الاستعمار ومواجهة الكهنوت الإمامي ، فاستطاعوا أن يشكلوا هويتهم في خضم صراع مرير خاضه الشعب اليمني لإثبات وجوده في هذه المعركة القاسية وغير المتكافئة وانتصروا لأنهم رفضوا الهويات الطائفية والمناطقية التابعة والمشوهة.

والشعب اليمني أحوج ما يكون اليوم للحفاظ على هويته الوطنية لأنها أضحت مستهدفة من قبل جماعة تعادي ثورة أكتوبر وأخرى تعادي ثورة سبتمبر ، وكلاهما تريد محو الهوية الجامعة واستبدالها بهوية معادية للجمهورية والوحدة وتعزيز الانقسام لكي تضعف القدرة الكلية للشعب اليمني ومحاولة تقوية الشعور بالمصالح الفردية.

ولست بحاجة إلى القول إن الحركة الوطنية في أزمة ، فالدولة اليمنية السيادية المستقلة التي ناضلت القوى الوطنية في جنوب الوطن وشماله من أجل تأسيسها منذ أكثر من 59 عاما هي في مرحلة السقوط ، وأصبحت تحت سيطرة مليشيا تدعم الاستعمار وأخرى تدعم الإمامة ، والصف الجمهوري يقتتل تحت مسمى مؤتمر وإصلاح والشرعية السياسية اليمنية تتأكل والصف الجمهوري وقع وبدعم إقليمي ، على تقسيم فعلي لليمن والإصرار على تفريق الشعب اليمني والإسهام في تدمير مؤسساته المدنية والعسكرية.

بالتأكيد يعاني خالد عبد العزيز المرارة وهو يرى القاع الذي انحدرت إليه الوحدة اليمنية التي ناضل هو ورفاقه من أجلها واليوم هناك من يقرر نيابة عن أولئك الرجال الذين صدقوا وعدهم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، لكن الذين جاؤا بعدهم بدلوا تبديلا ، وحولوا الحركة الوطنية من كونها حركة تحرر من الاستعمار إلى حركة حروب أهلية داخلية متصلة وأصبحوا حراسا لكل أنواع التدخلات الخارجية بعد أن كانت الحركة الوطنية قد نجحت في الماضي من طرد المستعمر والقضاء على الكهنوت الإمامي.

ولا يسعنا أن نقول للمناضل خالد عبد العزيز إلا كما قال أحمد ناصر الحماطي : ريتك بقيت يا خوي ريت.. شوف كيف الثورة صارت مسخرة 

الثورة صارت للغجر ذي يعرفوا كيف النفاق 

السجن ذي هو للعميل ، مليان يعمر بالرفاق 

ذي واصلوا سير النضال قاموا رموهم بالفراق 

شدوا الوثاق خلوا الحكاية مسخرة 

قالوا يسار ، قالوا يمين ، قالوا رفاق متطرفين 

واحنا نعيش مابين بين ، ضاعت سنين وترى الحكاية مسخرة.

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!