أين الإنسانية في هذه الصورة يا مقاومة الساحل؟!

د. عادل الشجاع
الجمعة ، ٢٣ يوليو ٢٠٢١ الساعة ٠١:١٧ صباحاً
مشاركة |

في كل موسم من المواسم تبدأ حملات مساعدة المحتاجين بجمع أموال عينية سواء من أفراد أو جمعيات أو مؤسسات ، وهذا الشيء محمود ، ويأتي في إطار التكافل الاجتماعي الذي أمر به الإسلام وتحث عليه الإنسانية ، لكنه في اليمن اقتحم عالم الشهرة والتشهير ودخل من باب ضيق يتاجر بأحلام البسطاء وحاجاتهم وتحولت صور المحتاجين والفقراء إلى صور حصرية تصنع لبعض السياسيين أو بعض الجهات شهرة زائفة.

لقد صدمت وأنا أتابع مئات الصور تبثها من أسمت نفسها الخلية الإنسانية في المقاومة الوطنية في الساحل الغربي لأناس يتأبطون أكياس من اللحم بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، استدعت وسائل الإعلام لتوثيق هذه اللحظة مستغلة حاجة الناس إلى المساعدة ، ولا أحد ينكر أن كثيرين سبقوا الخلية الإنسانية إلى هذا النوع من المشاهد التي يرفضها اليمنيون ، لكن الجديد أن إذلال الناس تحت عدسات الكاميرات يطلق عليه إنسانية ، والجميع يعلم أن إعانة أي شخص من باب الإنسانية ، لا يتطلب حالة واسعة من التشهير به.

لقد أصبحت أعمال البر والإحسان ، أو التجارة بآلام الفقراء مربحة جدا في عالم الأعمال والسياسة ، ومن العار أن يصبح للخير معنى واحدا ، هو التشهير به ، فهل يعقل أن يصبح الفعل الإنساني عبارة عن صورة تروجها وسائل الإعلام ؟ إن تقديم لحم الأضاحي تحت أعين الناس  والكاميرات تفرغ المحتوى من اللفتة الإنسانية ، لأن التصوير يعد إنتهاكا لخصوصية المحتاجين ودوسا لكرامتهم .

أردت بهذا المقال أن أدعو الجهات التي تتاجر بحاجات الناس أن تتوقف عن ذلك وأدعو الكتاب والإعلاميين لتبني حملة تدعو إلى حماية كرامة الناس المحتاجين والوقوف أمام التشهير بهم ، فالمساعدات الخيرية يفترض أن تحترم كرامة الإنسان ، لا أن تهينه أو تزيده في المهانة .

يقول المولى عز وجل : قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ، وجمع الفقراء والمساكين وتصويرهم أعظم شناعة من المن والأذى ، فالمحتاج له أبناء وعائلة لابد من عدم إظهاره بهذا المظهر أمام الملأ ، فهل يحب أولئك الذين يسمون أنفسهم خلية إنسانية أن يكونوا في ذلك الموقف ، خاصة وهم يأخذون من الأموال التي يوزعونها على المحتاجين أضعاف مضاعفة.

إن مثل هذه الأعمال قبيحة وفيها من النفاق والتباهي والاستعراض ، فكيف لا ينبض لهؤلاء عرق وهم يمتهنون كرامة المحتاجين ويجرحون كبرياءهم ويكسرون قلوبهم ؟ العطاء والصدقة والبذل كلها لله ، وهو سبحانه من يجزي عليها ، فلماذا إذا يشهد على ذلك جميع من في الكرة الأرضية؟

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!