هزيمة الحوثي هي الطريق إلى السلام في اليمن

د. عادل الشجاع
السبت ، ١٢ يونيو ٢٠٢١ الساعة ١٢:٤٥ صباحاً
مشاركة |

قال لي أحد الأصدقاء مستهجنا تضخيم تحركات الوفود الدولية والأممية بحثا عن السلام مع الحوثي: إن الأمور لا تحتاج لكل هذه التحركات والتكاليف ، يكفي الاتصال بمحمد البخيتي لترتيب شئون العودة ، وما بعد العودة لن تنالوا إمتيازات أكثر من التصوير في السائلة ، يا أسوأ نخبة تخاصمت وتركت البلاد لعصابة لا تمتلك القدرة على البقاء أسبوعا واحدا إذا أسقطت هذه النخب الخصومة فيما بينها.

أضاف صديقي أن النخب الوطنية تظهر في لحظات التشتت والضياع وعدم اليقين ، لكن ذلك لم يحدث في اليمن ، بسبب الجهل والعجز وحب الزعامة وغياب المشروع الوطني لدى هذه النخبة ، التي ظهر لديها ظاهرة الترزق والتكسب ، والصراع على الفتات ، والتبعية للخارج وسحق الآخرين في سبيل تحقيق تبعية مهينة للمشاعر الوطنية.

أظهرت الحرب أسوأ ما في نفوس شخصيات كنا نعدها رصيدا للوطن ، فإذا بها تعتني بأرصدتها في البنوك ونسيت واجبها الوطني ومسؤوليتها تجاه الآخرين ، لهذا نحن أمام نخبة سياسية هي الأتفه في تاريخ اليمن ، وربما تاريخ البشرية جمعاء ، فلم يحدث في التاريخ أن أصبحت النخب السياسية والفكرية تتغنى بتبعيتها للخارج وتنتظر الحلول من الخارج كما تفعل النخب اليمنية الحالية.

تكمن أزمة هذه النخب وتحديدا السياسية منها في أن قطاعا كبيرا ومهيمنا فيها أنه يمارس سلوك الدولة ولكن من دون دولة ، وينسق مع المليشيات شمالا وجنوبا وغربا ويدير الوعي السياسي وفق شروط المناطقية والطائفية ، حماية للمصالح الخاصة.

وقد اكتفت هذه النخب في العمل من الخارج وعملت بكل السبل إلى تعطيل العمل من الداخل ، مما أدى إلى إهمال الكفاءات والخبرات والطاقات ، وركزت عملها في الخارج ، موزعة عملها على الدعم السري للحوثي شمالا والانتقالي جنوبا ، وتفكيك الشرعية وتقويض دورها . نحن أمام حالة يمكن تسميتها موت السياسة ، حيث تحول العمل السياسي إلى ساحة للانتهازيين وماسحي الأجواخ الذين يستغلون اللحظات التاريخية لتحقيق مكاسب خاصة على حساب الوطن والمواطن.

وكما يقولون ، تحولت هذه النخب من خبراء في فن الممكن إلى كهنة في معبد التمكين ، وهنا بالتحديد أصيبت النخبة بحالة من عمى الألوان ، حيث كل الأشياء لون واحد ، وكل المصالح والخيارات والأهداف مصلحة واحدة وخيار واحد وهدف واحد هو المصلحة الشخصية.

إننا أمام نخب تقوم على المناطقية والعصبوية ولم تبق للوطن والوطنية شيئا ، فنتج عن ذلك إنقسام مؤسسي داخل الشرعية وسمح بظهور المليشيات المسلحة التي غيبت الدور الحقيقي لمؤسسات الدولة وتضخم المنتفعون من الفساد السياسي.

إن ما حدث وما يحدث في اليمن يذكرنا والعالم من حولنا بأن هناك خللا جوهريا يشوب الذاكرة الوطنية والعلاقات السياسية ، مما جعل الشرعية المكونة من هذه النخب غير قادرة على اكتشاف أن السلام مع الحوثي لا يمكن أن يكون خارج هزيمة الحوثي ، وأن ذلك لا يمكن أن يتم مالم نرتب أعداءنا ونجمع على أن الحوثي هو العدو رقم واحد ولكل منا أن يرتب بعد ذلك أعداءه بالطريقة التي تناسبه ، أما أن يكون الحوثي هو رقم اثنين عند بعض المؤتمريين وبعض الإصلاحيين ، فذلك هو الحبل السري الذي يبقي الحوثي على قيد الحياة.

أن يكون الإصلاحي العدو رقم واحد لدى البعض ، أو المؤتمري هو العدو رقم واحد ، لدى البعض الآخر ، فهذا لا يليق بكرامة اليمن المستقل ، نحتاج إلى نخب تقود المعركة ضد الحوثي إذا أردت النجاة من الفخاخ المنصوبة لليمن على الطرقات ، وبدون هزيمة الحوثي فلن تنعم اليمن بأي سلام ، مادامت إيران وراء هذه العصابة الإرهابية ، ولنا بالعراق ولبنان خير مثال على ذلك.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!