أحقر اليمنيين من يساعد إيران أو السعودية أو الإمارات على احتلال وطنه

د. عادل الشجاع
الجمعة ، ٢٨ مايو ٢٠٢١ الساعة ١٠:٤٧ مساءً
مشاركة |

سئل هتلر: من أحقر الناس مر في حياتك؟ قال: الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم، ولا أعتقد أن هناك حقارة تضاهي حقارة القبول باحتلال الوطن، لأن الوطن يوازي الإيمان بالله، فحب الوطن من الإيمان.

ومن يتابع هذه الأيام وسائل التواصل الاجتماعي يجد السقوط المريع من قبل البعض والتبرير لمصادرة سيادة اليمن من هذا الطرف أو ذاك، فهذا يقول، الإمارات تحتل جزيرتي سقطرى وميون وتبني قواعد عسكرية، وذاك يكذب ويدافع عن الإمارات، وآخر يقول أولا حرروا صنعاء من إيران، وكأننا في مزاد علني لشراء الأسياد والتباهي بأن سيدي أفضل من سيدك.

أعتقد أننا بحاجة إلى تجاوز ثقافة المناكفات وأسلوب المعارضة التي وقع فيها الصف الجمهوري والتي كانت سببا في تغول إيران في اليمن وتمكنها من إعادة إحياء النبتة الخبيثة المتمثلة بالإمامة وتعزيزها للبعد العنصري والمناطقي.

أي وطني شريف، سيتعامل مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على أنهما جاءتا وفق الشرعية الدولية لتخليص اليمن من التدخل الإيراني وإعادة الشرعية الدستورية واستعادة الدولة لتعود اليمن إلى حاضرتها العربية والدولية.

وأي ممارسة خارج ذلك ، فمن الطبيعي أن تكون مرفوضة من قبل جميع الوطنيين، لأن ذلك الرفض هو المصلحة الحقيقية لليمن ولهذه الدول، لكي تكون العلاقة بينهم وفق العلاقات الدولية التي تقوم على احترام سيادة الدول وليس على اللصوصية التي تنتهي إلى صراع وإلى عداوات.

نحن نتحدث اليوم بعد ست سنوات من الحرب ، وأمامنا أفق مسدود وليس هناك خطة واضحة أو محددة ولا حتى أفكار واضحة لدى السعودية والإمارات يمكن البناء عليها ، فالواضح أننا أمام احتلال آخر يضاف إلى الاحتلال الإيراني، حتى لو قال أحدهم الإمارات ليست موجودة في جزيرة ميون ومن يتواجد فيها هم يمنيون، سنقول له أيضا، إن إيران ليست موجودة في صنعاء ومن يتواجد فيها هم يمنيون، إذا كانت الإمارات ليست موجودة في ميون وسقطرى فلماذا لا تسمح للشرعية بالتواجد فيهما؟

علينا ألا نجعل من أنفسنا واجهة لدول أخرى تحتلنا وتصادر قرارنا والذي يقول إن السعودية أو الإمارات تساعد اليمن نقول له إنك تكذب على نفسك، أما الواقع يقول ربما كانتا تساعدان اليمن في بداية الحرب، أما اليوم فكل ممارساتهما تسيء إلى اليمن وتسيء لهما كمنقذتين جاءتا من أجل إنقاذه، فالإمارات تقوض الشرعية من خلال بناء مليشيات تعمل ضد الشرعية والسعودية تصادر قرار الشرعية بالتعاطي مع ما تنجزه الإمارات على الأرض.

لا تضيعوا وقتكم في اتهامكم لبعضكم البعض ، فلا الإصلاح مسؤول عن سقوط نهم ولا طارق مسؤول عن توقيف معركة الحديدة ، من يسأل عن ذلك السعودية والإمارات ومن ورائهما بقية دول الرباعية أمريكا وبريطانيا ، فلا طارق قراره بيده ولا الإصلاح وبقية الشرعية قرارهم بأيديهم ، ولا يوجد أيا من هؤلاء الأطراف أقل وطنية من الآخر ، لكن جميعهم لا يمتلكون قرار الحرب أو التخطيط لها والأمر من قبل ومن بعد بيد السعودية والإمارات ومن سيتجاوز الدائرة التي رسمت له في هذه المعركة سيتم ضربه بالطيران ، كما حدث في مدخل عدن ونهم ومناطق أخرى.

إن المناكفات لن تعيد لنا وطنا قابلا للحياة ، لأن الحديث عن الوطن بدون رفض لانتزاع القرار الوطني من أي كان ، لا يمكن أن يفضي إلى إلى وطن مستقل، فالحديث عن الاستقلال مهم ، لكن إغفال ما تقوم به السعودية والإمارات من ممارسات تنتقص من السيادة الوطنية لن يفضي إلى استعادة اليمن من مليشيات إيران ، ولن تجعل علاقاتنا المستقبلية معهما سوية .

حديث السعودية والإمارات عن استعادة الشرعية في اليمن يفتقر إلى أية التزامات في تسليح الجيش اليمني وفي تحسين الخدمات اليومية للمواطن اليمني ، ولو أنفقت الإمارات ما تنفقه على بناء المليشيات في التنمية والإعمار، وكذلك ما تنفقه السعودية على الأفراد وحولته إلى مرتبات للموظفين ، لكنا اليوم أمام إلتزام أخلاقي من قبلهما في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية في اليمن.

اليوم إيران تفاوض على ملفها النووي بملف اليمن وهي واضعة رجلا على رجل، لأن اليمنيين مشغولين عنها بالجدل ، هل ما يجري في سقطرى وميون احتلال، أم لا ، وهل تغييب الشرعية عن لقاءات الرباعية يوحي بصدق هذه الدول بحل مشكلة اليمن أم لا؟

أخلص إلى القول ، أننا مهما كتبنا أو قلنا ، فلن نصل إلى وضع أيدينا على البداية الصحيحة للحل ، ولذلك أجدها مناسبة هنا لأن أدعو إلى تشكيل لجنة من حكماء اليمن من العسكريين والمفكرين وشيوخ القبائل ورجال الأعمال لتقوم بالتواصل مع المملكة العربية السعودية والإمارات وكذلك الدول ذات الأهمية كأمريكا وبريطانيا وروسيا والصين وجمهورية مصر العربية لتحديد ماهو مطلوب من السعودية والإمارات فيما يتعلق بالإعمار وما هو مطلوب من الحوثي في تسليم مؤسسات الدولة والتسليم بالعملية الديمقراطية ، حينها سنحرر الشعب اليمني من الاحتلال الداخلي والخارجي وسنضع أقدامنا على أرض السلام.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!