2020/08/03
العرب الإماراتية تشن هجوما عنيفا على السعودية وتتهمها بدعم جماعات متطرفة

المشهد الدولي | خاص | شنت صحيفة العرب الإماراتية الصادرة في لندن، في تقرير لها، الثلاثاء، 4 أغسطس 2020، انتقادا لاذعا للمملكة العربية السعودية، بسبب ما أسمته عدم مصداقية تصنيف الحكومة السعودية للإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.

ولم تكتف الصحيفة بالتشكيك في تصنيف المملكة للإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث اتهمت الصحيفة الإماراتية المملكة العربية السعودية بتمويل ودعم أنشطة متشددة في الخارج، وفتح قنوات تواصل مع منظمات متطرفة، واستدلت الصحيفة بعلاقة السلطات السعودية بجماعة الإخوان في اليمن وإندونيسيا.

وقالت الصحيفة إن ما أسمته "النفوذ الديني المتزايد للسعودية في إندونيسيا هو أكبر بكثير من مجرد دعم المملكة منذ فترة طويلة لمبادئ التشدد الدينية".

واعتبرت الصحيفة في تقريرها، أن مساعي الأمير محمد بن سلمان للترويج للفكر المعتدل "تصطدم مع شبكة علاقات قوية للدولة العميقة في المملكة تتولى الترويج والدعم للفكر المتشدد خارجيا، وتفتح قنوات تواصل مع منظمات وجمعيات مثيرة للشكوك مثل الإخوان المسلمين".

وفيما يلي يعيد "المشهد الدولي" نشر التقرير كما هو:

"أي إسلام تدعمه السعودية في إندونيسيا، المعتدل أم الإخواني أم السلفي

النفوذ الديني المتزايد للسعودية في إندونيسيا هو أكبر بكثير من مجرد دعم المملكة منذ فترة طويلة لمبادئ التشدد الدينية.

تحافظ السعودية على نفوذ ديني قوي بنته خلال عقود في إندونيسيا من خلال شبكات دعوية مختلفة، لكن السلطات هناك بدأت بمنافسة هذه النفوذ والبحث عن رؤية “دينية متسامحة” تقودها إلى زعامة العالم الإسلامي.

ويتعارض الدعم السعودي للمحافظين الدينيين في إندونيسيا مع خطة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للترويج للإسلام المعتدل وإظهار السعودية بصورة متسامحة ومبتكرة وتطلعية.

لكن مساعي الأمير محمد بن سلمان تصطدم مع شبكة علاقات قوية للدولة العميقة في المملكة تتولى الترويج والدعم للفكر المتشدد خارجيا، وتفتح قنوات تواصل مع منظمات وجمعيات مثيرة للشكوك مثل الإخوان المسلمين على الرغم من تصنيف المملكة للجماعة كمنظمة إرهابية.

نفوذ سعودي

يظهر النفوذ السعودي في المجال الديني بإندونيسيا، الدولة ذات الثقل السكاني، من خلال بناء المساجد والمدارس الدينية والتقرب من الشخصيات الدينية ذات الإشعاع الشعبي.

وفيما تعكس المساجد ذات الأسقف القرميدية ثلاثية الطبقات دور العبادة الجاوية الثقافة التقليدية، فإن المساجد الممولة من السعودية تتميز بالقبب الصغيرة.

وفي إحدى قرى جاوة الوسطى، تحمل لوحة علقت في موقع لبناء مسجد  العلم السعودي وشعار رؤية 2030، وهي خطة ولي العهد السعودي لإصلاح وتنويع اقتصاد المملكة. كما تضم اللوحة شكرا للجمعية العالمية للشباب الإسلامي على التمويل، وهي واحدة من المنظمات غير الحكومية التي استخدمتها الحكومة السعودية منذ ما يقرب من نصف قرن لتمويل ودعم انتشار المحافظين الإسلاميين على مستوى العالم.

لكن القصة التي ترويها اللوحة تتجاوز الدعم السعودي الخيري لبناء دور العبادة في أكبر ديمقراطية ذات أغلبية مسلمة في العالم. وتشير القصة إلى أن إندونيسيا تقع في تصنيف خاص بها في تنافس عالمي على القوة الدينية الإسلامية الناعمة، الذي تلعب فيه السعودية دوراً رئيسياً.

كما تثير التساؤلات عن الشرعية الدينية في المملكة ودورها في التمويل العالمي الهائل للمؤسسات الدينية المحافظة المتشددة، ومدى استجابتها لخيار الإصلاح الديني الذي بدأه الأمير محمد بن سلمان من خلال تحييد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقليص نفوذها في الداخل، والبدء بانفتاح جدي على المنتجات الثقافية والفنية العالمية التي كانت ممنوعة.

ولكن السؤال هنا: هل أن خيار الإصلاح خيار داخلي لا يطال الشبكات الدولية التي بنتها الدولة العميقة ورعتها خلال عقود، أم أن الأمر يتطلب وقتا طويلا لتفكيك تلك الشبكات التي تسيء إلى صورة المملكة قبل الإساءة إلى خيار الإصلاح وإظهار محدودية تأثيره الخارجي.

إندونيسيا الاستثناء

يقول الخبير في قضايا الشرق الأوسط والأدنى، جيمس دورسي، إن هذه القصة، كما في حالة اليمن، تلقي بظلال من الشك على مصداقية تصنيف الحكومة السعودية للإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.

ويضيف دورسي أن القصة تسلط الضوء كذلك على المنافسة الدينية لفرض القوة الناعمة بين السعودية والإمارات والمقاربات المختلفة للدولتين في النظر إلى الدين وتحديد ما يمثله وكيف يتم استخدامه لإبراز الدولة على أنها متسامحة وتعددية ومتنوعة وتطلعية.

ومنذ 2015، حدّ الأمير محمد بن سلمان، بشكل كبير، من التمويل السعودي للمساجد المحافظة والمؤسسات الثقافية والتعليمية والمنح الدراسية ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم والتي تم تنفيذها في السابق لتعزيز قيادة المملكة للعالم الإسلامي ومواجهة النفوذ الإيراني المتزايد والذي يوظف تفسيرا متشددا للدين يستهدف السعودية.

كما عزز ولي العهد شعوراً بالقومية كركيزة للهوية السعودية، مما قلل من قوة المؤسسة الدينية في المملكة كمشرع رئيسي للحكم. لكن إندونيسيا ظلت الاستثناء الذي يخرج عن قاعدة الحد من نفوذ المؤسسة الدينية في السعودية.

وأوضح العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي رحب به عشرات الآلاف الذين يصطفون في شوارع جاكرتا، بخصوص أهمية الاستثمار الديني في إندونيسيا في زيارة قام بها لجاكرتا في عام 2017، وهي الأولى التي يقوم بها عاهل سعودي منذ نصف قرن تقريبًا، كجزء من جولة آسيوية لعمل زيارات لدول أخرى مثل ماليزيا واليابان والصين.

وفيما كان القادة الإندونيسيون ينتظرون مشاريع استثمارية سعودية كبرى في اقتصاد البلاد، فإن العاهل السعودي كان أكثر سخاء عندما تعلق الأمر بالإنفاق على القوة الدينية الناعمة.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن المملكة التزمت ببناء خمسة مساجد للجيش وثلاثة أقمار صناعية جديدة لمعهد الدراسات الإسلامية والعربية الممول من السعودية في المقاطعات الإندونيسية.

ولا توجد لغة البهاسا، اللغة الرسمية لإندونيسيا، في مناهج معهد الدراسات الإسلامية والعربية، وهو المعقل الذي يتبنى النهج السعودي المتشدد في العاصمة الإندونيسية والذي يتبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وهو مكرس لتعليم اللغة العربية فقط.

ويدرس المعهد أكثر من ثلاثة آلاف طالب دون رسوم ويعتمد نظام الفصل بين الجنسين، وفضلا عن ذلك فإن المعهد يتبنى رؤية المسلمين المتشددين المعادية للموسيقى والتلفزيون والمسرح، وأي مظاهر للمرح. ويشير جيمس دورسي إلى أن النفوذ الديني المتزايد للسعودية في إندونيسيا هو أكبر بكثير من مجرد دعم المملكة منذ فترة طويلة لمبادئ التشدد الدينية.

صراع الزعامة الدينية

جاء التركيز السعودي بعد عامين من إقرار الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، لأول مرة لمفهوم الإسلام الإنساني الذي ينشر التسامح والتعددية ويؤيد إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان الذي قدمته “نهضة العلماء”، وهي أكبر حركة إسلامية في العالم، وهو المسار الذي كان يخطط لتحدي النفوذ الديني للسعودية.

اختار ويدودو معروف أمين، زعيم حركة نهضة العلماء، التي تأسست قبل قرن تقريبًا في معارضة الوهابية، وهي نهج المحافظين الإسلاميين في السعودية، كنائب للرئيس خلال فترة ولايته الثانية.

ومن خلال حديثه بعد مرور ثلاث سنوات على تأييده الأولي لوضع حجر الأساس للجامعة الإسلامية العالمية في منطقة جاوة الغربية، أطلق ويدودو تحديه من خلال إعلانه أنه “من الطبيعي والملائم أن تصبح إندونيسيا مرجعاً رسمياً لتقدم الحضارة الإسلامية”.

ورأى ويدودو أن الجامعة توفر بديلاً للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي لعبت دوراً رئيسياً في حملة القوة الناعمة الدينية في السعودية، والأزهر، قلعة التعليم الإسلامي في القاهرة، والتي تتأثر بأفكار العلماء السعوديين وبالمنح القادمة من الخليج، وخاصة من المملكة العربية السعودية.

وقال الفيلسوف الإسلامي، أمين عبدالله، إن الجامعة تعد “خطوة واعدة لتقديم إندونيسيا كمركز عالمي للإسلام المعتدل”. وتبددت المخاوف السعودية في البداية عندما أحبط المنتقدون تطلعات ويدودو داخل إدارته.

وتم دفن مقترح من ست صفحات لتعزيز القوة الناعمة الدينية الإندونيسية على الصعيد العالمي من قبل حركة نهضة العلماء بناء على طلب براتيكنو، وزير ويدودو المسؤول عن تقديم الدعم الإداري لمبادراته، بعد أن حذرت وزارة الخارجية من أن تبنيه للمشروع سيضر بالعلاقات مع دول الخليج.

كان يمكن أن تكون هذه هي نهاية القصة. لكن السعودية لم تقبل عزم حركة نهضة العلماء على تعزيز مفهومها للإسلام الإنساني على الصعيد العالمي، بما في ذلك على أعلى المستويات الحكومية في العواصم الغربية وكذلك في دول مثل الهند. لم يترك نجاح حركة نهضة العلماء في الوصول إلى القادة الأوروبيين وكذلك إدارة ترامب الكثير من الخيارات أمام السعوديين.

وفي خطوة غير مسبوقة، قام محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، المرتبطة بالسعودية، بزيارة مقر نهضة العلماء في جاكرتا في فبراير الماضي. وكانت هذه هي الزيارة الأولى لإحدى المنظمات الإسلامية الأولى في العالم في تاريخ الجامعة منذ ستين عامًا تقريبًا.

وأُجبرت السعودية بعد عدة أشهر في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الإندونيسية لعام 2019 على استبدال سفيرها في جاكرتا، أسامة بن محمد عبدالله الشعيب. وقد شجب السفير في تغريدة – تم حذفها منذ ذلك الحين – منظمة “أنسور”، وهي منظمة نهضة العلماء للشباب، ووصفهم بالزنادقة، وقد دعم مظاهرة معادية للحكومة.

ورقة الإخوان

خلال زيارته في شهر فبراير، أشار العيسى إلى نواياه من خلال اصطحابه إلى مقر المجموعة هدايت نور وحيد، زعيم حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي المرتبط بحزب الإخوان المسلمين والمنافس القوي لحركة الصحوة الوطنية الإندونيسية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحركة نهضة العلماء.

ويعتبر وحيد أيضا عضوا بالمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي وعضوا في المجلس الاستشاري لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي الممول من السعودية للحوار بين الأديان والثقافات في فيينا.

ولم تمنع صلات حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي بالإخوان المسلمين وتردده الواضح في شراء أجندة إسلامية متسامحة تتعامل مع مجتمعات يهودية قوية وكذلك إسرائيل، المملكة من ضمان استفادة الحزب من سخائها المالي. وبالعودة إلى القرى الجاوية، فإن بناء حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي لمساجد بأموال سعودية يؤتي ثماره.

وعلى عكس التقاليد الجاوية، تم تسمية المسجد في القرية الجاوية المركزية على اسم المتبرع السعودي الذي مول البناء. واشتكى أحد سكان القرية لحركة نهضة العلماء بقوله “نحن لا نسمي المساجد على اسم البشر”.

وكانت انتخابات 2019 دليلاً على نجاح حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي المدعوم من السعودية. وحصل الحزب على أكثر من 20 في المئة من الأصوات في القرية حيث يمكن عد أصوات الناخبين على أصابع اليد الواحدة.

وقد حذر وزير الشؤون الداخلية الإندونيسي تيتو كارنافيان وقال “إن التحدي الحقيقي لإندونيسيا اليوم هو ظهور التعصب والجماعات غير المتسامحة أو الإيديولوجيات غير المتسامحة”.

وأشار كارنافيان إلى فروع الدين “التي لها تعاليم متأصلة في التعصب مثل السلفية. إنها ليست منهاجاً واضحاً مميزاً للدين الإسلامي في إندونيسيا. ولكن، بالطبع، يتم استيراده من الخارج. هذا يحدث اليوم في إندونيسيا، يريدون تحويل إندونيسيا إلى دولة إسلامية.. ولكن إذا تم تطبيق الشريعة، فسيكون ذلك بمثابة بداية الانهيار بالنسبة للبلاد”.".

تم طباعة هذه الخبر من موقع المشهد الدولي https://almashhad-alduali.com - رابط الخبر: https://almashhad-alduali.com/news5582.html