2021/06/25
كيف تبيع أمريكا أصدقاءها؟ وما هو مصير السعودية؟ ولماذا تتعامل الولايات المتحدة بمنطق الغدر وتعتبر الصديق عدو والعدو صديق؟

مقال للدكتور عادل الشجاع بعنوان: كيف تبيع أمريكا أصدقاءها؟

على مدى عقود تخصصت أمريكا بانتهاج السياسة الباطنية، حيث تبطن العداء لمن تقول أنهم أصدقاؤها وتظهر العداء لمن تقول أنهم أعداؤها ، فعبر تاريخها تبيع من تزعم أنهمحلفاؤها وتمكن من تزعم أنهم أعداؤها، فقد أسقطت الكثير من أصدقائها بعد أن قضت حاجتها منهم وبعد أن استنفدت منهم الغرض، معيارها الوحيد هو المصلحة فقط، وليس للأخلاق مكان.

رغم أن سيرة الولايات المتحدة الأمريكية مليئة بالنماذج التي توضح غدرها بأصدقائها إلا أن كثيرين من الحكام، وأقصد الحكام العرب تحديدا، لا يتعظون، فكلما غدرت أمريكا بحاكم عربي ، حتى يتطوع الآخر ليقدم نفسه لها كعميل مرشح لكي تقبل به يقمع شعبه، وبعد أن يوغل في قمع شعبه، يجد الغدر ينتظره كما انتظر من قبله.

لست بحاجة إلى تذكيرالقراء الكرام بقصة شاه إيران وموبوتو رئيس الكنغو وبرويز مشرف ونوريجا رئيس بنما وشيفاردنادزة رئيس جورجيا وسوهارتو رئيس أندونسيا والقائمة طويلة ، جميعهم كانوا أصدقاء لأمريكا في الظاهر، لكنها كانت تدعم معارضيهم في الباطن ، ففي لحظة من التاريخ طلبت الإدارة الأمريكية من شاه إيران مغادرة البلد على وجه السرعة وتسليم إمبراطوريته لنظام الخميني الذي يعد عدوا ظاهرا للولايات المتحدة الأمريكية ، بينما هو في الحقيقة صديقا سريا لها.

ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هو تصريح المبعوث الأمريكي إلى اليمن ليندر كينج بخصوص شرعية الحوثيين، ثم توضيح الخارجية الأمريكية باعترافها بشرعية الرئيس هادي ، ومن منطلق خبرتنا، يجب اعتماد ما قاله ليندر كينج وليس ما قالته الخارجية الأمريكية، لأن تاريخ أمريكا مليء بمثل هذه المواقف، فهي تتعامل بمنطق الغدر والصديق عندها عدو والعدو صديق.

أمريكا هي الصورة الملوثة، ولو لم تكن كذلك، لما أخرجت عصابة الحوثي الإرهابية من قائمة الإرهاب ، أمريكا هي أمريكا ولا أحد يشبهها.

وعلاقتها بالحوثي واضحة وضوح العلاقة بإيران، ومن يتجاهل ذلك إنما يفعل ذلك طمعا بفتات سياسي تلقيه له، كما تلقى النفايات الجميلة لكلاب الحراسة من أهل السياسة الفاقدين للمشروعية الوطنية.

تصريح ليندر كينج بخصوص شرعية الحوثيين لم تأت بجديد ، فقد سبق وأن أقدمت إدارة بايدن على رفعهم من قائمة الإرهاب، هذا التصريح يؤكد أن الحوثي منهم وليس منا وأن أمريكا حليفة لهم وليس لغيرهم ، فهي الأم والحاضنة والداعمة لهم ، ومن لا يصدق يستطيع أن يقرأ، فإن فهم ، قصر على نفسه الطريق ، وإن لم يفهم ، كان أخا لأبي جهل، كما يقولون.

وربما المسألة تعني المملكة العربية السعودية التي تعتمد على أمريكا اعتمادا كليا، فهي بحاجة إلى تدارك نفسها، قبل أن تقع بما وقعت فيه إيران الشاه وباكستان برويز مشرف وفلبين ماركوس وشيلي بينوشيه وكوبا باتستا وكونغو موبوتو وغيرهم الكثيرين، فما زالت الفرصة أمامها لتنجو بنفسها من غدر أمريكا وتبني علاقات مع الصين وروسيا توفر لها حماية مما تخطط لها الإدارة الأمريكية، فأمريكا تبيع حلفاءها والسعودية حليف ينفذ كل ما تقوله أمريكا.

تصريح ليندر كينج وخطوة بايدن في رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب تؤكد أن هذه الجماعة صهيونية ، فقد قال بايدن : ” أنا صهيوني ، لست بحاجة لأن أكون يهوديا ، كي أكون صهيونيا ” ، وهو بذلك يقول عن الحوثيين ، هم مثلي صهاينة ، فالحوثي رضع الصهيونية ولم يفطم عنها بعد ، وما طرده لبضعة يهود من اليمنيين إلا لإبعاد الأنظار عن ارتباطه بالصهيونية العالمية.

وفي الأخير أقول: كم هي بائسة الشرعية التي لم تستوعب بعد أن الطريق إلى السلام يبدأ بهزيمة الحوثي وأن هزيمة الحوثي تتحقق بإعادة التحالف العربي الذي لم يبق منه سوى السعودية والإمارات إلى الأهداف التي جاء من أجلها أو إعفائه من المهمة وتقديم رسالة شكر له والاعتماد على النفس، وحينها سينفض الكثيرون من حول الحوثي لأنهم يقاتلون إلى جانبه اعتقادا منهم أنهم يقاتلون العدوان السعودي الإماراتي، بقاء الشرعية بهذه الطريقة فاقدة لقرارها يجعل الآخرين يتمادون في منح الشرعية لمن لا شرعية له.

*نقلا عن صفحة الكاتب على “فيسبوك”.

تم طباعة هذه الخبر من موقع المشهد الدولي https://almashhad-alduali.com - رابط الخبر: https://almashhad-alduali.com/news13738.html