العرب اللندنية: اختلفت السلطات الثلاث في اليمن إلا على إخفاء ’’أسرار’’ كورونا

قبل 3 سنة | الأخبار | أخبار محلية
مشاركة |

صحيفة العرب: فرضت السلطات اليمنية في مختلف المناطق اليمنية رقابة شديدة وقيودا أمنية على نشر المعلومات المتعلقة بفايروس كورونا، وفي حين اختلفت سياسيا وتبادلت المسؤولية حول سوء الأوضاع إلا أنها اتفقت ضمنيا على التضييق على الصحافيين ومنعهم بمختلف الطرق من نقل الصورة الحقيقية للواقع.

واتخذت السلطات اليمنية الثلاث الحوثية والشرعية والانتقالية حزمة من الإجراءات التي أعاقت عمل الصحافيين ومنعتهم من تغطية انتشار جائحة كوفيد – 19 وتداعياتها، وتوافقت دون اتفاق على اعتبارها قضية سرية يحظر المساس بها.

وحرص الحوثيون في صنعاء على إخفاء المعلومات والاقتصار على حملات إعلامية توعوية تقوم أساسا على عدم التخويف أو التهويل، وفي عدن بقي الصحافيون مقيدين حيال تغطية انتشار العدوى، وتحدث صحافيون عن تهديدات شخصية تلقوها من قبل السلطات في عدن.

واكتفت الحكومة الشرعية بالإعلان عن تشكيل لجنة عليا لمواجهة الجائحة والإفصاح عن حالات الإصابة وحالات الوفاة في المناطق التي تسيطر عليها، إلا أنه في الواقع كانت لجنة بلا صلاحيات أو دور، بل على العكس تم منع الفرق الطبية من الإدلاء بتصريحات للصحافيين ووسائل الإعلام.

وتراشقت مختلف الأطراف الفاعلة الاتهامات الإعلامية حول سوء إدارتها للوضع الصحي، وكان التكتم على عدد الضحايا والمصابين سيد الموقف في اليمن، وقد أكدت كارولين سيغان التي تشرف على مشاريع أطباء بلا حدود في اليمن أنهم لا يعرفون سوى ما يصل إليهم فقط، وقالت “ما نراه هناك هو فقط قمة جبل الجليد في ما يتعلق بعدد المصابين والموتى في المدينة”.

ويفيد الصحافيون أن أغلب المعلومات في ما يخص الأعداد الحقيقية والأدوات والمعدات الطبية ومراكز العزل والحجر وعدد الضحايا كانت مغيبة ومحظورة تماما إلا من بعض المعلومات التي كانت تطرح لامتصاص الغضب العام ولمخاطبة المنظمات الصحية في اليمن.وتحدث صحافيون أن السلطات في صنعاء وعدن انتهجت نفس الأسلوب في تغييب المعلومات الحقيقية عن مدى خطورة وانتشار كوفيد – 19 وواجهوا مضايقات كانت تأتي إما بشكل مباشر عن طريق بعض الشخصيات التابعة للسلطات أو عبر تهديد ضمني في وسائل التواصل الاجتماعي.

وذكر صحافي يمني فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أنه تلقى تنبيها من أحد القيادات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي تأمره بعدم النشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن انتشار فايروس كورونا وحالات الوفاة التي انتشرت حينها في محافظة عدن.

وأضاف أن التعليمات التي تلقاها تفيد أن هذه الأخبار من اختصاص الجهات الأمنية وعلى الصحافيين تجنب التطرق لها وتركها لـ”أهل الاختصاص”، وبسبب الأوضاع الأمنية السيئة التزم بالتحذيرات ولم ينشر شيئا بشأن الوباء حتى لو كان باسم مستعار.

وذكرت نقابة الصحافيين اليمنيين أنها تلقت عددا من الشكاوى من صحافيين تعرضوا للتهديد والمنع من قبل السلطات في اليمن لأسباب تتعلق بتغطيتهم للجائحة.

وقال نبيل الأسيدي عضو مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين “السلطات في اليمن كانت وباء على الإعلام والصحافيين خلال جائحة كوفيد – 19، وحالة المنع والمضايقات تسببت في زيادة الوباء وبالتالي ارتكبت السلطات جريمة في هذا السياق”.

وأضاف في منشور على حسابه في فيسبوك “كان دور السلطات سلبيا في التعامل مع الإعلام وحدثت حالات قمع ومضايقات خصوصاً في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين”.

وأشار إلى أنه لم يكن هناك آلية حقيقية لرصد الحالات وزيارة المستشفيات وخلق قنوات للتواصل بين الجهات المعنية والإعلاميين. منوها أن القيود الكبيرة ورفض الإفصاح عن حالات الإصابة ومنع الطواقم الطبية من الحديث مع الإعلام وصعوبة التنقل “أسهمت في انتشار الوباء”.

ووجد الصحافيون أنفسهم أمام خيارين، إما الرضوخ لسياسة التكتم والاكتفاء بما يصدر من تصريحات محدودة صادرة عن المؤسسات الرسمية من وزارة الصحة العامة والسكان واللجان المشكلة ومنظمة الصحة العالمية، أو البحث والاستقصاء بأنفسهم عن تفاصيل انتشار الوباء وتداعياته في المجتمع.

لكن متابعة الوضع الصحي وتغطيته محفوفة بالمخاطر وتعني أن يواجه الصحافي تهديدات ومخاوف متعددة في ظل طريقة تعامل السلطات مع الوضع ومع الصحافيين الذين يخوضون المغامرة.

وفرضت السلطات رقابة شديدة وقيودا أمنية على كل من كتب أو تناول قضايا متعلقة بفايروس كورونا. وتدخلت مؤسسات أمنية للحد من نشر الحقيقة، لأن السلطات كانت تخشى من الصورة العامة التي ينقلها المدونون والصحافيون عن الوضع عموما وعن مدى انتشار الفايروس وعدد ضحاياه، وعن فشلها في التعامل مع الوباء وإدارة الأزمة الصحية.

وكانت التهمة الجاهزة التي يواجهها الصحافيون في مختلف المناطق في اليمن بأنهم يثيرون الشائعات والفوضى بين الناس، ويعملون على إثارة الذعر بنشر الأخبار الكاذبة، وقد تمتد قائمة التهم إلى التخوين والعمل لصالح “الأعداء” لتشويه السلطات.

ورفضت السلطات كل انتقاد لها بهذا الشأن منذ بداية انتشار الفايروس، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة العامة والسكان بصنعاء يوسف الحاضري، إن الوزارة اتخذت في بعض الجوانب سياسة “لا تخويف ولا تهويل” حفاظًا على الحالة النفسية العامة.

وأضاف الحاضري “تم توجيه وسائل الإعلام الحكومية والخاصة بعدم التعاطي مع الأرقام وتهدئة الوضع”.

وزعم “أن هذه الإجراءات الملزمة للوسائل الإعلامية كان هدفها الحفاظ على المجتمع”.

واستفادت السلطات في اليمن، من حالة التضييق العامة على حرية الصحافة بسبب الوباء، وقد أكدت “منظمة مراسلون بلا حدود”، في تصنيفها العالمي لحرية الصحافة تحت عنوان “التصنيف في زمن كورونا” الذي صدر في أبريل الماضي، “وجود علاقة بين قمع حرية الصحافة في سياق وباء فايروس كورونا وموقع الدول على جدول الترتيب”.

وأشارت المنظمة أن جائحة كورونا حملت “فرصة للدول الأسوأ مرتبة من أجل تكثيف إجراءاتها القمعية وهجماتها على الصحافة”.

وقال كريستوف دولوار، الأمين العام للمنظمة، “إن الوباء هو فرصة للدول الأسوأ تقييما في التصنيف لتطبيق عقيدة الصدمة التي وضعتها نعومي كلاين”، موضحا “أنها تستغل ذهول الجمهور وضعف التعبئة لفرض تدابير يستحيل اعتمادها في الأوقات العادية”.

وأضافت المنظمة في تقرير لها نشر مؤخرا أنه على المستوى العالمي، “تضاعف عدد الاعتقالات والإيقاف التعسفي أربع مرات بين شهري مارس ومايو 2020، وذلك تزامنا مع بداية انتشار فايروس كورونا عبر العالم”.

وأحصت المنظمة غير الحكومية “أكثر من 300 حادث مرتبط مباشرة بالتغطية الصحافية للأزمة الصحية” بين فبراير ونهاية نوفمبر شملت نحو 450 صحافيا.

وخلصت أن “عمليات التوقيف التعسفية” تشكل “35 في المئة من تجاوزات تم إحصاؤها” بهذا الشأن (متقدمة على العنف الجسدي أو المعنوي).

ونبهت المنظمة إلى أن السنوات العشر المقبلة ستكون “عقداً حاسماً” على صعيد حرية الصحافة، فيما ترفع الأزمة الصحية الحالية من حدة الصعوبات الاقتصادية والسياسية، فضلاً عن انعدام الثقة التي يعاني منها القطاع.

* نقلاً عن العرب اللندنية

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!