عاد التراشق الكلامي بين تركيا واليونان، بعد هدوء طال لفترة، في حين يعتقد خبراء أن عام 2021 سيشهد تصعيدا بين الجانبين، فيما تهدد العقوبات الأوروبية أنقرة.
ويرى المحلل السياسي التركي، طه أوغلو، في حديثه مع ’’موقع الحرة’’ أن الأمور آخذة في التصعيد التصعيد خلال الفترة المقبلة، ’’لا يوجد أي تقدم بل الأمور تسير إلى أن التوتر هو سيد الموقف’’، فيما يرى العضو في حزب سيزرا اليوناني سابقا، خلف الهوشو لـ’’موقع الحرة’’ أن ’’الاستفزازات التركية ستؤدي إلى زيادة الأمور سوءا’’.
ووجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس على تويتر الحديث لنظيره التركي مولود تشاوش أوغلو بمناسبة تبادل تهاني العام الجديد، قائلا ربما يكون 2021 بالنسبة تركيا عام الألفات ( (A الثلاثة، وهي التخلي عن تهديداتها بالحرب ضد اليونان إذا مارسنا حقوقنا المشروعة، ونطمح لأن تصبح أكثر أوروبية. أقل ’’عثمانية جديدة’’ وهذا سوف يخدم الشعب التركي بشكل أفضل، والامتناع عن الاستفزازات والأنشطة غير المشروعة’’.
وفي المقابل غرد وزير الخارجية التركية على تويتر موجها الحديث لدندياس بالقول: ’’عزيزي نيكو، إليك بعض النصائح الودية للعام الجديد، توقف عن طلب المساعدة من الآخرين والإضرار بكرامة الشعب اليوناني. 2021 ربما يكون هو العام الذي نقوم فيه بتسوية خلافاتنا بإنصاف من خلال التحدث بشكل مباشر وصادق’’.
وتتنازع تركيا واليونان بسبب تنقيب الأولى عن الغاز في شرق البحر المتوسّط، الغني بالغاز كما تتنازع أنقرة السيادة على مناطق بحرية مع اليونان وقبرص.
ومنذ أشهر، تمرّ علاقات تركيا مع هذين العضوين في الاتحاد الأوروبي، في رحلة صعبة بشكل استثنائي، وكذلك مع فرنسا التي تدعمهما.
ويقول الهوشو إن ’’تركيا تريد أن تفرض شخصيتها على شرق المتوسط وأن تبدو كدولة قوية أمام الاتحاد الأوروبي وأن ينصاغ لها في مطالبها بالجزر الـ14 اليونانية التي تطالب بها’’.
وأضاف ’’تركيا كل يوم وكل ساعة تحاول أن تنفذ استفزازا سواء في البحر، أو من خلال تلويح بورقة اللاجئين’’.
من جانبه، يقول أوغلو ’’كنا لاحظنا نوعا ما هدوءا في المواجهات التراشقية لكن بعد موضوع العقوبات الأوروبية، فإن لغة تصعيدية بدأت من قبل الاتحاد الأوروبي’’.
وفي حين أن التصريحات الرسمية التركية تحاول تهدئة التوترات، فإن الواقع على الأرض يبدو مختلفا.
فبينما قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في اتصال مع رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، إن تركيا ترغب في بناء مستقبلها مع الاتحاد الأوروبي داعيا أنقرة والتكتل إلى تجاوز ’’دائرة مفرغة’’ في العلاقات بينهما، أجرت أنقرة، السبت، تدريبات رماية بالذخيرة الحية في شرق البحر المتوسط.
ويقول أوغلو إن ’’أنقرة توجه رسائل من هذه المناورات، بأن يدها اليمنى ممدوة للحوار وأنه في حال أي ضغوط عليها فهي مستعدة للمواجهة خاصة إذا تعلق الأمر بالمسائل السيادية’’، مشيرا إلى أن تركيا أعلنت أن موضوع التنقيب عن الغاز ثابت وسيادي.
وتأتي التدريبات العسكرية لأنقرة بعدما قرر الاتحاد الأوروبي، في 10 ديسمبر، فرض عقوبات محدودة على أفراد أتراك بشأن خلاف مع اليونان وقبرص على استكشاف الطاقة لكنهم أرجؤوا بحث أي خطوات أكبر حتى مارس.
وقالت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، عقب القمة إن زعماء الاتحاد يعتزمون بحث صادرات الأسلحة لتركيا مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي عقب سعي اليونان لفرض حظر سلاح على أنقرة.
ويرى الهوشو أن ’’تركيا تعلم أنه ستفرض عليها عقوبات إضافية في المستقبل بسبب هذه الأزمة، ومستعدة لها وللأسوأ أيضا بل إنها ربما تخطط للحرب أيضا’’.
الجزر المتنازع عليها بين اليونان وتركيا
وأضاف أن ’’تركيا تهدد وتفعل، فهي ترسل طيرانا حربيا فوق الجزر اليونانية، وتنفذ مناورات عسكرية، في حين أن اليونان تتكلم ولا تفعل شيئا، فقط تطلب مساعدات من الدول الحليفة خاصة من مصر وفرنسا وإيطاليا ودولة خليجية أخرى’’.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الاثنين الماضي، إن تركيا لن تتخلى عن حقوقها ومصالحها في شرق البحر المتوسط خشية التعرض لعقوبات أوروبية أو انتقادات.
ويرى المحلل السياسي التركي، طه أوغلو، أن هناك تنسيقا بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في فرض عقوبات على تركيا، رغم أن الأسباب مختلفة.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا على خلفية إصرارها على شراء منظومة الدفاع الروسية أس-400.
وقال المحلل التركي إن الأزمة ستؤدي إلى تعقيد الموقف، وخاصة أن ’’العقوبات الأوروبية لم تتحدث عن الصراع في شرق المتوسط فقط، بل أضافت بندا جديدا وهو التدخلات التركية في المنطقة مثل ليبيا وناغورنو قره باغ، واعتبر هذه التدخلات تهديدا أمنيا للاتحاد الأوروبي، وهو ما يزيد من الأزمة والفجوة ما بين الطرفين’’.
وأضاف أن ’’هناك عاملا آخر يؤكد أن التصعيد سيكون سيد الموقف في 2021 وهو أن الاتحاد الأوروبي يراهن أيضا على إدارة الرئيس جو بايدن التي يمكن أن تكون منزعجة من سلوك أنقرة سواء في شرق المتوسط أو منظومة أس-400، ولذلك تم تأجيل العقوبات القاسية حتى تتضح الأمور’’.