لبنانيون يستعدون لمظاهرات «يوم الحساب» في بيروت

قبل 3 سنة | الأخبار | عربي ودولي
مشاركة |

 

يستعدّ لبنانيون ناقمون على السلطة السياسية للخروج في مظاهرات غاضبة اليوم (السبت)، بعد أربعة أيام من التفجير الضخم الذي ضرب بيروت، متسبباً بمقتل أكثر من 150 شخصاً وإصابة خمسة آلاف آخرين، بينما هناك 60 آخرون على الأقل في عداد المفقودين. وأثار الانفجار، الذي حوّل بيروت ساحة خراب كبيرة وشرّد نحو 300 ألف شخص من منازلهم، تعاطفاً دولياً مع لبنان، الذي يصل إليه مسؤولون غربيون وعرب تباعاً وتتدفق المساعدات الخارجية إليه عشيّة مؤتمر عبر تقنية الفيديو تنظمه فرنسا بالتعاون مع الأمم المتحدة غداً (الأحد) دعماً للبنان، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مشاركته فيه. وأوقفت السلطات، التي تعهدت بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار وعن تخزين كميات ضخمة من «نيترات الأمونيوم» في مرفأ بيروت منذ ست سنوات من دون إجراءات حماية، أكثر من 20 شخصاً على ذمّة التحقيق، بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون، على رأسهم رئيس مجلس إدارة المرفأ، حسن قريطم، ومدير عام الجمارك بدري ضاهر، وفق مصدر أمني، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية». ولليوم الرابع على التوالي، تلملم بيروت جراحها ويعمل متطوعون وسكان أحيائها المتضررة على رفع الركام وشذرات الزجاج التي تطايرت في كل مكان، وإصلاح ما يمكن إصلاحه في منازلهم المتضررة بشدة من الانفجار الذي يُعدّ من بين الأضخم في التاريخ الحديث. وبحسب وزارة الصحة، لا يزال ستون شخصاً على الأقل في عداد المفقودين، بينما 120 جريحاً في حالة خطرة. ودعا ناشطون ومجموعات مدنية ممن شاركوا في التظاهرات التي شهدها لبنان منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتعاقبة، إلى مظاهرات بعد ظهر السبت في بيروت تحت شعارات عدة، بينها «علّقوا المشانق» و«يوم الحساب». وكتب فارس الحلبي (28 عاماً)، وهو من الناشطين البارزين في المظاهرات على «فيسبوك»: «بعد ثلاثة أيام تنظيف، رفع ركام ولملمة جراحنا وجراح بيروت حان وقت تفجير الغضب ومعاقبتهم على قتل الناس». وأضاف: «على التغيير أن يكون كبيراً بقدر كبر الفاجعة». على تمثال الشهداء في ساحة الشهداء، ساحة التظاهر الرئيسية في وسط بيروت، علّق ناشطون مشنقة رمزية تعبيراً عن إصرارهم على الاقتصاص من المسؤولين عن الانفجار. وبينما كانوا يتابعون بعجز الانهيار الاقتصادي المتسارع في بلدهم ويعيشون تبعات هذا الوضع الهشّ الذي أضيف إليه تفشي وباء «كوفيد - 19»، مع تسجيل معدل إصابات قياسي في الأيام الأخيرة، أتى انفجار مرفأ بيروت ليشكل أكبر كوارث اللبنانيين. وقالت حياة ناصر، التي تنشط في مبادرات عدة لمساعدة المتضررين: «اليوم تنطلق المظاهرة الأولى بعد الانفجار، الانفجار الذي كاد يقتل أي أحد منا». وأضافت: «إنه التحذير الأكبر للجميع، لأنه لم يعد لدينا شيء لنخسره بعد الآن. على الجميع أن يكونوا في الشوارع اليوم». وتأتي الدعوة للمظاهرات اليوم (السبت) عشية مؤتمر دعم دولي للبنان، اقترحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى بيروت الخميس، وتنظمه بلاده بالتعاون مع الأمم المتحدة بعد ظهر الأحد بمشاركة دولية وعربية واسعة. ويصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال السبت إلى بيروت، على أن يمثّل الدول الأعضاء في مؤتمر دعم لبنان. ووصل إلى بيروت السبت كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي يرافقه وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو، مبدين استعداهم الكامل لتقديم المساعدات. ويخشى المتظاهرون ومحللون أن تجد السلطة السياسية في الوفود الدولية ومبادرات الدعم فرصة لتعزيز مواقعها مجدداً، وهو ما أعربت عنه على لسان عدة مسؤولين. واعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، في تصريحات للصحافيين الجمعة، أنّ «الانفجار أدى إلى فك الحصار»، بعد تلقيه اتصالات من رؤساء وقادة آخرهم ترمب. ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في مركز عصام فارس ناصر ياسين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الخوف أن تستفيد السلطة من هذه الكارثة الكبيرة، ومن الاهتمام الدولي والعربي حتى تعيد تعويم نفسها داخلياً وخارجياً». ويرى أنّ المطلوب اليوم من المجموعات السياسية والمستقلة والمدنية والمتظاهرين «ضرب رأس الأخطبوط الذي يمسك بكل مفاصل الاقتصاد والدولة ويسيطر على المجتمع عبر حمايته شبكات الفساد والزبائنية، لا ضرب يديه فحسب». ويضيف: «المفروض ضرب المنظومة على رأسها والتشديد على المحاسبة من أصغر موظف حتى رأس الهرم، لأنهم جميعاً مسؤولون عن هذه الجريمة وأوصلونا إلى هذا الدرك». ويقوم النظام السياسي في لبنان، البلد الصغير ذي الإمكانات الهشّة، على منطق المحاصصة الطائفية والتسويات والتراضي، وهو ما يعيق اتخاذ أي قرار أو إصلاح لا يحظى بتوافق عام. وتقول الناشطة حياة ناصر إن مظاهرة اليوم هي «آخر صرخة لإيقاظ الناس»، مضيفة: «نحتاج إلى أن ننقذ بعضنا البعض وأن ننظف بلدنا لإعادة بنائه ونتجاهل تماماً الطبقة السياسية». وتتابع: «لا يتعلّق الأمر بالاحتجاج في الشوارع فحسب، لكن يمكننا إحداث تغيير يومي، فالثورة جزء من حياتنا وأمر يمكن عيشه في كل يوم».

 

المصدر الشرق الأوسط

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!