د. عادل الشجاع يكتب عن ’’بن دغر’’: الرجل الذي إذا غاب عن السلطة بحثت عنه

قبل 3 سنة | الأخبار | أخبار محلية
مشاركة |

ليس من طبعي الكتابة عن أشخاص ، لكن بث الإشاعات في حق الدكتور أحمد عبيد بن دغر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي أرادت أن تسقط عن الرجل عمرا أراده الله له وقدره ، هي التي دفعتني للكتابة عنه وشجعتني على أن أقول في حياة الرجل ما اعتقده فيه خيرا من قوله في مماته بعد عمر طويل ، لأننا تعودنا على أن نرى إيجابيات الآخرين بعد رحيلهم عنا.

ثمة رجال لا يتسع لهم المكان ، نفوذهم أوسع من مواقعهم ، أدوارهم أكبر من ألقابهم ، جاذبيتهم غير قابلة للتطويق أو الاستنزاف ، ومن عادة الأوطان أن تستنجد بهؤلاء حين تطول المحنة ومن هؤلاء الدكتور أحمد بن دغر الذي تدور الحياة السياسية حوله وتصاب بالضجر إن ابتعد عنها ، يجتذب الاضواء إن حضر وتسأل عنه إن غاب ، تكبر السلطة به وتتذمر أحيانا من فرط حضوره ، لكنها تبدو كالأرملة في غيابه وتذهب لتسأل عن موعد عودته.

يدهشك بثقته القوية حينما يتنازل ويتراجع ويفرط في المرونة ويقبل بالخسارة شرط أن تكون في صالح البلد ، هو سلطة في السلطة وقلعة كبيرة وصمام أمان الوحدة ، يصر عليها وعلى وجودها ، صوته يتسلل إلى ضمائر الناس ، وصمته أكثر دويا من صوته ، فهو لا يحتاج إلى الكتابة عنه لكي نفتح أمامه ابواب التاريخ ، فهو تاريخ سياسي مدون في كل مراحل اليمن قبل الوحدة وبعدها.

يعد من حكماء اليمن القلائل ، وهو بالإضافة إلى ذلك سياسي محنك وأحد القيادات البارزة وله مواقف وطنية ، قاد الحكومة باقتدار وضحى بموقعه لأجل الموقف الوطني ، وبالرغم من ذلك فهو رقم لا يمكن تجاوزه في الحسابات السياسية ، وحيثما يوجد فهو إضافة وليس خصما ، يستطيع التمييز والتفريق مابين الخطوط المتداخلة في الأفق السياسي اليمني ، وله القدرة على أن يكون له موقف وطني ثابت ، حينما تنظر في عينيه ترى روحه ، فهو شخص ذكي واستراتيجي.

والحديث عنه ليس بوصفه شخصية جديدة على المشهد السياسي اليمني ، فقد كان لما يقارب الثلاثة عقود لاعبا أساسيا في السياسة وتقلد مناصب عديدة ، يجمع بين السياسة والتاريخ ، يملك كثافة رمزية ويميل دائما إلى الواقعية من خلال تغليبه للممكن والانخراط في الأفعال السياسية التي لا تخلو من المخاطر ، وهذا ما جعله يعاني كثيرا مع النزعات المعادية لهذا التوجه المتصل بمتطلبات العمل الوطني.

بالإضافة إلى كونه سياسي مخضرم ، فهو إنسان هادئ دمث الخلق ويتمتع بالقدرة على الحديث بطلاقة ، لكن هذه الصورة الوديعة تخفي وراءها سياسي محنك ذا شخصية صلبة ، تمتلك قدرة واسعة من المعرفة وكما هائلا من الثقافة ، هذه الصفات شكلت شخصيته في ممارسات مسؤلياته وأوجدت صفاء روحي ونقاء فكري ساعده على بناء حائط صد منيع حال دون إمكانية محترفي الدسائس أن يصلوا إلى عقله عن طريق الشائعات والوشايات.

وهو فوق هذا وذاك يؤمن بالمشاركة في صنع القرار ، صاحب رؤية وطنية ، ورجل حكمة وبصيرة عالية نحو المستقبل ، يترفع عن التآمر والدسائس والفتن ، ويبتعد عن التجريح ، قيادي مبدع يعرف كيف تدار الأزمات ، رجل مرحلة ، يشهد له بذلك كل من عايشه ، فهو صاحب مبدأ وحدوي لا يساوم على الثوابت الوطنية . شكرا للذين عبروا عن كراهيتهم للدكتور ، فأرادوا أن يميتوه قبل أوانه لأنهم أحيوه في قلوب الكثير من المحبين.

*نقلا عن صفحة الكاتب على فيسبوك.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!