تعز تغرق في مستنقع فوضى “الإصلاح”

قبل 3 سنة | الأخبار | تقارير
مشاركة |

شهدت مدينة تعز، الثلاثاء، أعمال فوضى، واشتباكات، وقطع للشوارع، من قبل “جنود” ومسلحون يتبعون حزب الإصلاح، احتجاجاً على مقتل قيادي ميداني شاب فيه، يدعى “شرف سمير العوني”، قُتِلَ، أمس الأول، في منطقة “الضَّبَاب”، برصاص جنود آخرين، بسبب خلاف نشب بينه وبين أحدهم على تحصيل إيرادات الضرائب، وجباية إتاوات غير قانونية فرضوها على أصحاب المحال التجارية في المنطقة.

ونقلت صحفية “الشارع” اليمنية عن شهود عيان، إن جنوداً يرتدون الزي العسكري، ومسلحين مدنيين وملثمين، انتشروا، صباح أمس، في مدينة تعز، وقاموا بقطع الشوارع، ابتداءً من منطقة “الضَّبَاب”، مروراً بمنطقة “بئر باشا”، و”الحَصِب”، و”شارع جمال”، و”باب موسى”، وسط المدينة، وشوارع أخرى في المدينة، وأحرقوا إطارات السيارات فيها.

وتصاعدت سحب الدخان السوداء في سماء المدينة، وساد الخوف في وسط السكان، وأغلق التجار أبواب محالهم التجارية، ومنع المسلحون السير في الشوارع، فتوقفت حركة السيارات، وشُلَّت الحركة بشكل شبه كامل في المدينة.

وتسببت الفوضى، التي قام بها جنود ومسلحون يتبعون حزب الإصلاح، ومحور تعز العسكري، الموالي له، في إغلاق عدد كبير من المحال التجارية، وتعطيل مصالح الناس، من ساعات الصباح الأولى وحتى الخامسة مساءً، في ظل صمت الأجهزة الأمنية والعسكرية، التي لم تُحَرِّك ساكناً لإيقاف الفوضى، ومنع الاعتداءات وعمليات الترهيب التي تمت لسكان المدينة.

وأكد شهود العيان للصحفية، تعرض عدد من المواطنين للاعتداء من قبل الجنود والمسلحين المحتجين، الذين أطلقوا الرصاص الحي على عدد من المدنيين لمنعهم من المرور في الشوارع التي قطعوها، ما أدى إلى إصابة عاملة في المجال الصحي في المدينة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية، إن صابرين محمد أحمد، التي تعمل في مكتب الدكتورة إيلان عبدالحق، وكيل المحافظة للشؤون الصحية، ضمن فريق الاستجابة الطارئة لمواجهة فيروس كورونا، أصيبت برصاصة أطلقها عليها الجنود المحتجون، بالقرب من بوابة مبنى المحافظة المؤقت، في “شارع جمال”.

وحسب المصادر، فقد تم نقل “صابرين” إلى مستشفى الصفوة لتلقي العلاج، حيث تبين أن إصابتها خطرة، إذ أصابتها الرصاصة في الحوض.

وتفيد المعلومات - بحسب الصحفية - ، أن حزب الإصلاح بمليشياته المسلحة، و”الجنود” الموالين له، عملوا على إغراق المدينة بالفوضى، احتجاجاً على مقتل القيادي الشاب “شرف سمير العوني”، الذي يُعَد عضواً بارزاً فيه؛ “بهدف ردع أي محاولات أخرى قد تطال أعضاءه وقياداته”.

وأكدت مصادر عسكرية وأمنية متطابقة لـ “الشارع”، أن “العوني” قُتِلَ، ظهر أمس الأول الاثنين، في اشتباك مع ثلاثة جنود يتبعون قائد محور تعز العسكري، اللواء خالد فاضل. وأوضحت المصادر، أن الاشتباك اندلع بين “العوني” والجنود الثلاثة، بسبب صراع على تحصيل الضرائب، بما فيها ضرائب القات، في “الضَّبَاب”، وإتاوات يتم فرضها على أصحاب المحلات التجارية في المنطقة.

وأفاد الصحيفة مصدر عسكري مطلع، أن “العوني” كان أركان حرب كتيبة في اللواء 145 مشاة، التابع لمحور تعز العسكري، إلا أن مستشار محور تعز العسكري، عبده فرحان (سالم)، كَلَّفَهُ، قبل ثلاثة أيام، بتحصيل الضرائب في منطقة “الضَّبَاب”، بما في ذلك ضريبة القات الذي يتم إدخاله لبيعه في “سوق المقهاية”، الواقع بالقرب من “نقطة الهنجر” التابعة للشرطة العسكرية، في منطقة “الضَّباب”.

وذكر المصدر، مشترطاً عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث للصحافة، أن “العوني” خرج، السبت الماضي، برفقة مسلحين يرتدون الزي العسكري، إلى منطقة “الضَّبَاب”، المدخل الغربي لمدينة تعز، واستحدث هناك نقطة تفتيش عسكرية لجباية الضرائب على المواد الغذائية وجميع السلع، وعلى القات الذي يتم إدخاله إلى “سوق المقاهية”، وباشر في تحصيل الضرائب، رغم أن القرار القاضي بتكليفه بهذا الأمر صدر من شخص غير ذي صفة، ولم يصدر من مكتب الضرائب، كما أنه ليس موظفاً في مكتب الضرائب.

و”سالم” قيادي في حزب الإصلاح، تم تعينه مستشاراً لمحور تعز رغم أنه ليس عسكرياً، وكَلَّف “العوني” بجباية الضرائب في “الضَّبَاب”، مع أن إصدار هذا التكليف ليس من اختصاصه، بل من اختصاص مكتب الضرائب. وجاء “تكليف العوني” بجباية الضرائب في “الضَّبَاب” ضمن تسابق قادة سلطة الأمر الواقع و”الجيش” في تعز على جباية رسوم الضرائب لصالحهم، حيث يستولون على أغلب الإيرادات اليومية للضرائب، حارمين الخزينة العامة منها.

وأشار المصدر إلى أن “العوني” استحدث نقطة التفتيش الخاصة به قبل نقطة التفتيش التابعة للشرطة العسكرية، والمعروفة بـ “نقطة الهنجر”. وباشر الرجل مهامه كمحصل ضرائب، رغم أنه ليس موظفاً في الضرائب، كما باشر، من قبل، مهام “أركان حرب” كتيبة عسكرية رغم أنه ليس عسكرياً ولم يتخرج من كلية عسكرية، وكل مؤهلاته أنه ينتمي إلى حزب الإصلاح، ويحفظ القرآن، كما قِيْل.

وعبده فرحان “سالم”، القيادي في جماعة الإخوان المسلمون، ويدير الأجزاء المحررة من مدينة تعز من الظل، ويتصرف باعتباره “الحاكم العسكري” لها، فيما “العوني” شاب متدين، وينتمي، كذلك، إلى حزب الإصلاح، وعَمَّه، شقيق والده، من قيادات الصف الأول في ذات الحزب، وجماعة “الإخوان” بالمحافظة.

وأفاد المصدر العسكري، أن “العوني” دخل في صراع مع جندي آخر يدعى “هَدَّام الحبشي”، الذي كان يقوم، من قبل، بجباية الضرائب في “الضَّبَاب”، بموجب تكليف صدر له من قائد محور تعز العسكري، اللواء خالد فاضل، رغم أن ذلك ليس من اختصاص الأخير. وإلى هذاً فـ “الحبشي” “جندي” يتبع المحور، وليس موظفاً في مكتب الضرائب، مع ذلك كان يقوم بتحصيل الضرائب من “سوق المقهاية”، مركز “الضَّباب”، إضافة إلى تحصيله جبايات أخرى فُرِضت على أصحاب المحال التجارية في السوق.

وطبقاً للمصدر، فقد نشب خلاف، أمس الأول، داخل “سوق المقهاية”، بين “العوني” و”الحبشي”، تطور إلى مشادات انتهت باشتباك مسلح أدى إلى مقتل “العوني” وإصابة جنديين يتبعان “الحبشي”.

واحتجاجاً على مقتل “العوني”، دفعت قيادة سلطة الأمر الواقع في الأجزاء المحررة في مدينة تعز، ممثلة بحزب الإصلاح، بـ “جنودها” ومسلحيها وعصاباتها إلى قطع الشوارع، وترويع المواطنين، ونشر الفوضى في المدينة، للمطالبة بتسليم المتهمين بقتل “العوني”، رغم أن المتهمين يتبعون محور تعز العسكري، ويتحركون في المدينة باعتبارهم جنوداً في “الجيش”.

أعمال الفوضى، التي اجتاحت المدينة، لاقت سخطاً شعبياً كبيراً وعاماً في المدينة، والمحافظة بشكل عام، وانعكس ذلك في كتابات الناشطين والإعلاميين في مواقع التواصل الاجتماعي. وقال الناشط صلاح أحمد غالب، إن “أعمال البلطجة التي حصلت، لا يمكن تفسيرها سوى أنها تمت برعاية من قيادة الجيش والأمن، وإلا ما معنى أن يتجرأ شوية صعاليك بقطع كل الشوارع وإطلاق النار على المواطنين؟”.

وأضاف: “ما جرى هو هيانة للمؤسسة العسكرية والأمنية، لأن من يديرونها قيادات لا تحترم نفسها ولا مهامها”.

من جانبه، قال الناشط محمد ناصر: “ألوية محور تعز، والشرطة العسكرية، وشرطة تعز، غير قادرين على تأمين شارعين من مساحة المدينة والتي لا تتجاوز 17 كيلو؛ ولكنهم يستطيعون التحرك بتعزيزاتهم بعشرات الأطقم العسكرية نحو  مدينة التربة الآمنة أصلاً، بحجة ضبط الأمن أو البحث عن إيرادات الضرائب.

وأضاف ناصر، في منشور له على صفحته في “فيسبوك”: “لا يوجد وصف للواقع المؤسف التي تعيشه مدينة تعز، ويكذب من يقول إن هناك دولة وإن هناك نظام وقانون في هذه المساحة الصغيرة التي لا يعلو فيها صوت الدولة على صوت المقر”.

من جهته، عَلَّق الناشط أكرم الشوافي بالقول: “منذ صباح اليوم ومليشيا سلطة النهب والفيد، وقطع الطرقات في مدينة تعز، تقطع جميع الشوارع والأحياء، وترهب المواطنين، وتعتدي على حرمة الممتلكات والسكينة العامة.. ولا تحرك أو موقف من تلك الجهات المتدثرة بالدولة زيفاً، والتي تستحضرها [تستحضر الدولة] فقط، ويعلو صراخها منادية بالنظام والقانون حينما يتعلق الأمر بالتربة، كونها منطقة خارجة عن سيطرة عبثها”.

وأضاف الشوافي: “تخيلوا كل هذا يحصل في هذه المدينة منذ أربع سنوات، وسلطتهم وسيطرتهم لا تتجاوز شارع جمال وما حوله”، متسائلاً: “كيف سيكون الوضع إن تمكن هؤلاء وبسطوا نفوذهم وتقدموا للحوبانأ أو وضعوا أيديهم على التربة وريف تعز؟!”.

وتابع: “ستُعاني تعز الكثير والكثير طالما رجالات ومجاهدي أفغانستان هم من يديرونها وأصحاب القرار فيها”.

أما الصحفي أدونيس الدخيني، فقال إنه ليس عيباً أن يعلن خالد فاضل، قائد محور تعز، “حل كل  القوات العسكرية في المدينة، ويطالب قوات اللواء 35مدرع بالتدخل وبسط الأمن والاستقرار في المدينة، بعد عجز كل القوات التي يقودها في حماية المواطن، لا التضيق عليه، ونشر الفوضى”.

وأضاف: “اللواء 35 مدرع، استطاع بسط الأمن والاستقرار في مسرح عملياته، وقلت الجريمة، وفرض الجبايات أو الابتزاز، أو إغلاق الطرقات، والجريمة هي أن يظل الشيخ خالد فاضل عايش دور قائد محور ومش قادر يضبط اثنين من أفراده”.

المصدر: صحيفة "الشارع" اليمنية.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!