الفيسبوك واليوتيوب.. من سيسحب البساط من تحت أقدام الآخر؟

قبل 3 سنة | الأخبار | علوم وتكنولوجيا
مشاركة |

اختلفت الآراء حول موقع ’’يوتيوب’’ وما إذا كان موقع تواصل اجتماعي أم لا، حيث مالت آراء الكثير من الباحثين إلى اعتباره موقع مشاركة الفيديوهات "Vidéo Sharing site" ليس إلا.. لكن التوجه الجديد الذي سار فيه يوتيوب باستحداث خاصية ’’المنتدى Community’’ التي أتاحت ميزات تفاعلية جديدة للموقع جعلته ضمن تصنيف أهم وأشهر مواقع التواصل الاجتماعي على الإطلاق.

فبفضل هذه الخاصية صار بإمكان صانع المحتوى نشر صور ثابتة ومتحركة ونصوص تفاعلية تتيح للجمهور التعليق عليها كما في الفيسبوك والتويتر.. إلى جانب "استطلاعات الرأي Sondage" التي تمكن صاحب القناة من معرفة رأي جمهوره في موضوع أو فكرة معينة يود الحديث عنها، إضافة إلى ميزة "الإشارة mention" إلى قنوات محددة أو منشئي محتوى آخرين في عنوان أو وصف فيديو معين أو في خانة التعليقات.

ولمساعدة صناع المحتوى على جذب المزيد من المتابعين أتاح "يوتيوب" ميزة "Reels" التي تسمح بإضافة قصص قصيرة "Story" تمكن للمرسل التواصل مع جمهوره بعفوية أكبر وبميزات تفاعلية أكثر، بحيث يتم عرضها لمدة 7 أيام على خلاف باقي مواقع التواصل التي تعرضها لمدة 24 ساعة، والهدف من ذلك تشويق المتابعين بفيديوهات قصيرة قبل بث الفيديو الكامل.

هذه ميزات وأخرى حولت اليوتيوب من مجرد منصة لمشاركة الفيديوهات إلى منصة تواصل اجتماعي تهدد عرش بقية المواقع الأخرى كفيسبوك الذي تحرك معدّا العدة لمنافس قد يسحب البساط من تحت أقدامه كما سحبه من عديد الوسائط الجديدة الأخرى، والتساؤلات التي نطرحها اليوم كيف كان رد فيسبوك على ميزات يوتيوب الجديدة؟ وماهي خططه للإطاحة بعملاق خدمة فيديو الانترنت؟

خوارزمية فقاعة الترشيح.. سلاح فيسبوك الأمثل!

من أجل التصدي لمد يوتيوب وكسر هيمنته على مقاطع الفيديو قام فيسبوك باستحداث خوارزميات جديدة تتحكم في المنشورات الظاهرة أو "المقترحة" في الصفحة الرئيسية للمستخدم، بحيث أعطى أولوية الظهور للمحتويات المنتجة خصيصا لفيسبوك كالصور الشخصية والنصوص القصيرة بنسبة 13 بالمئة من العدد الإجمالي للمتابعين.. أي إذا كان عدد متابعيك 1000 متابع فلن تصل منشوراتك على الأرجح إلى أكثر من 130 متابع منهم.

هذه الخوارزميات التي ترشح ما تريد من محتويات وتعرضها للمستخدم ضيقت بشكل كبير على روابط فيديوهات اليوتيوب المنشورة عبر فيسبوك فصارت نسبة ظهورها للمستخدم ضئيلة جدا قد لا تتعدى 3 بالمئة من إجمالي الأصدقاء والمتابعين.

ففي تجربة قمنا بها لقياس الفرق بين مدى التفاعل مع محتويات فيسبوك وروابط محتويات يوتيوب المنشورة عبر فيسبوك.. أنتجنا فيديو بعنوان: "خمسة علماء جزائريين يمكنك متابعتهم والاستفادة من تجاربهم عبر الأنترنت" ونشرناه على يوتيوب ثم أعدنا نشر رابطه على فيسبوك في وقت يعتبر وقت ذروة، لكن رغم ذلك كان التفاعل ضعيفا جدا وعدد المشاهدات لم يتعد العشرين مشاهدة.. مما دفع بنا إلى نشر الفيديو مباشرة عبر فيسبوك في وقت عادي لا يعتبر وقت ذروة وكان الفرق جليا.. فما إن مرت دقائق قليلة حتى تخطت عدد المشاهدات حاجز المئة مشاهدة.

استضافة فيسبوك لفيديوهات يوتيوب.. بين الأمس واليوم

حرب فيسبوك التنافسية على يوتيوب لم تتوقف عند هذا الحد.. فلو نرجع بالذاكرة إلى الوراء سنوات قليلة لنرى كيف كنا نشاهد فيديوهات يوتيوب مباشرة من فيسبوك دون الحاجة إلى النقر وانتظار تحميل صفحة الفيديو.. حينها كان الفيسبوك صديق يوتيوب فاستضافه وسمح له بتشغيل فيديوهاته مباشرة على منصته بالضغط على زر التشغيل فقط ومع احتساب عدد المشاهدات ليوتيوب.

لكن اليوم تغير كل شيء.. وأظهر فيسبوك نزعته التنافسية، فلما استشعر خطورة هذا الموقع سارع لإيقاف ميزة التشغيل المباشر للفيديو، واضطر المستخدم للنقر على الرابط والانتظار بعض الثواني ليتحول إلى تطبيق يوتيوب لمشاهدة الفيديو، ثم عقّد فيسبوك العملية أكثر مستغلا كسل المستخدمين، فحتى تشاهد فيديو يوتيوب منشور رابطه على فيسبوك يجب عليك الضغط على الرابط.. وهذا الرابط لن يحولك إلى تطبيق يوتيوب بل إلى تطبيق محرك البحث Google Chrome الذي يفتقد للكثير من المزايا المتاحة في تطبيق يوتيوب..  مما يدفع متصفحي فيسبوك للعزوف عن تشغيل فيديو يوتيوب بسبب الوقت الضائع في انتظار تحميل صفحة الفيديو، وافتقار هذه الصفحة لمزايا تطبيق يوتيوب.

حرب فيسبوك على يوتيوب.. من العرقلة إلى الابتكار

لما استشعر فيسبوك خطورة المد اليوتيوبي وبداية تحوله من منصة لمشاركة الفيديو إلى منصة تفاعلية تتيح العديد من المزايا التي نجدها في بقية المواقع سارع إلى عرقلة نشاطه بالتضييق على إمكانية الوصول إلى روابطه المنشورة عبر فيسبوك.. وكانت هذه المرحلة مرحلة دفاع عن نفس من خطر قادم، لكن ماذا عن مرحلة الهجوم؟

لم يكتف الموقع الأزرق بعرقلة نشاط يوتيوب بل اتجه نـحو الاهتمام بخدمات الفيديو ومحاولة تأسيس منصة جديدة تزيح يوتيوب من على عرش مواقع وخدمات بث الفيديو عبر الإنترنت، فأطلق سنة 2017 منصة "Facebook Watch" حصريا في الولايات المتحدة الأمريكية ليعود بعدها بسنة ويتيحها لكافة المستخدمين في كل دول العالم، وتعرف بأنها خدمة تسمح لصناع المحتوى والمنتجين بنشر أعمالهم السمعية البصرية على المنصة وتحقيق عائدات مالية من خلال مبيعات الإعلانات التي يتم بثها على مقاطع الفيديو، كما يعتبرها البعض بمثابة موقع يوتيوب مصغر ضمن فيسبوك، حيث مكنت من استقطاب 1.49 مليار مستخدم نشط يشاهدون أكثر من 4 مليار مشاهدة في اليوم الواحد لمقاطع الفيديو،

هذه الخدمة الجديـدة التي أطلقها فيسبوك رافقتها ميزات أخرى صنعت الفارق وميزت الإنتاج المرئي في الفيسبوك عن باقي المواقع، البعض منها كان قبل تطوير خدمة "Facebook Watch" لكن طورت فيما بعد، وهذه أبرزها:

فيديوهات 360 درجة:

هي فيديوهات بانورامية ذات زوايا 360 درجة تسمح للمستخدم بمشاهدة الفيديو من جميع زوايا التصوير.

البث المباشر Facebook Live:

يعرف فيسبوك هذه الخدمة على مدونته بأنها خدمة تمكن المستخدم من إجراء بث مباشر على فيسبوك لبث مناقشة أو عرض فني أو أسئلة وإجابات أو مناسبة افتراضية. من خلال حساب أو صفحة أو مجموعة مقاطع فيديو البث المباشر التي يعرضها المستخدم في آخر الأخبار لدى الأشخاص. 

الفيديوهات المقترحة:

هي فيديوهات لها صلة بالفيديو قيد المشاهدة، يقترحها فيسبوك على المستخدم بهدف إبقائه منجذبا أطول مدة ممكنة إلى الموقع ومشاهدة المزيد من الفيديوهات.

التشغيل التلقائي للفيديو:

هي خاصية قابلة للتعطيل تقوم بتشغيل الفيديو تلقائيا بمجرد المرور عليه دون الحاجة إلى النقر، وكأن الفيسبوك يرغم المستخدم على مشاهدة الفيديو حتى دون إرادته، وهدف ذلك رفع عداد المشاهدات.

فيديو شخصي Profile Video:

خاصية تسمح للمستخدم باستبدال صورته الشخصية أو صورة الغلاف بفيديو تعريفي قصير يشاهده كل من يزور صفحته الشخصية.

نافذة الفيديو العائمة:

في وقت سابق كان المستخدم يضطر إلى مشاهدة الفيديو كاملا في نفس الصفحة، لكن بعد استحداث نافذة الفيديو العائمة صار بإمكانه الانتقال بين الصفحات ومشاهدة الفيديو في الوقت ذاته.

إعلانات فيديو مُضمن في المحتوى:

تتيح إعلانات الفيديو المضمّن في المحتوى على فيسبوك للمعلنين إمكانية وضع الإعلانات قبل تشغيل محتوى الفيديو وأثناء وبعد تشغيله، وقد يرى الأشخاص الذين يشاهدون فيديو فيسبوك نفسه إعلانات مختلفة حسب اهتماماتهم.

محرك بحث الفيديو:

هو محرك بحث في فيسبوك مخصص للبحث عن مقاطع الفيديو المسجلة ومقاطع البث المباشر، وتتم عملية البحث من خلال إدخال كلمات مفتاحية في خانة البحث، فيقوم محرك البحث بعرض النتائج.

لكن رغم كل ما قام به فيسبوك من عرقلة وابتكار لمنافسة يوتيوب وإزاحته من مكانه، إلا أن المختصين يؤكدون أن يوتيوب لا يزال مهيمنا على عالم فيديو الأنترنت متجاوزا فيسبوك بخطوات، وفي الوقت ذاته لا يستبعدون حدوث طفرة تقنية على مستوى خدمات فيديو فيسبوك وبعث شرارة التنافس من جديد خاصة إذا طور فيسبوك محرك البحث والأرشفة، واتجه نـحو الاعتماد على إعلانات الفيديو ومشاركة عائداتها مع صناع المحتوى كما يفعل يوتيوب، فهذه هي النقطة التي صنعت الفارق بين عملاقي التواصل الاجتماعي.

*مقال للكاتب الجزائري حسام بن سكايم نشر على مدونات الجزيرة

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!