“معركة الجزيرة المتمردة”.. هل تسببت الصحة العالمية في انتشار كورونا بسبب تجاهلها لنصائح تايوان لإرضاء الصين؟

قبل 3 سنة | الأخبار | تقارير
مشاركة |

معركة بين الصين والغرب بسبب تايوان وقضايا أخرى، يتوقع حدوثها غدا في أول اجتماعٍ للجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية يعقد منذ أن اجتاح فيروس كورونا المُستجَد العالم.

إذ تواجه الصين تحدياً بشأن قضيتين من أكثر قضاياها حساسية: التعامل الأوَّلي للحزب الشيوعي الحاكم مع الفيروس، ووضع مشاركة تايوان، في هذا الاجتماع المهم، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية. 

الرئيس الصيني مع مدير منظمة الصحة العالمية/رويترزالرئيس الصيني مع مدير منظمة الصحة العالمية / رويترز

وبينما أطلقت الولايات المتحدة سلسلةً من الهجمات اليومية على الصين، بما في ذلك الإشارة إلى أن الفيروس تسرَّب من معملٍ في وسط مدينة ووهان، يستعد الاتحاد الأوروبي وأستراليا للاضطلاع بدورٍ رئيسي للدفع من أجل تحقيقٍ بشأن منشأ الفيروس حين تعقد جمعية منظمة الصحة العالمية -وهي الهيئة المُخوَّلة باتخاذ قرارات المنظمة- غداً الإثنين 18 مايو/أيَّار اجتماعها السنوي في جينيف. 

تايوان قصة نجاح نادرة، ويجب أن تحضر

دفع تكتُّلٌ مدعومٌ من الولايات المتحدة نحو حضور تايوان، التي يمثِّل تعاملها مع الفيروس قصة نجاحٍ نادرة، الاجتماع بصفتها مراقباً فيه. 

وهي خطوة، المُستهدَف بها توطيد المكانة الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية لتايوان، أن تُغضِب الصين، التي تنظر إلى الجزيرة باعتبارها مقاطعة تابعة لها، وقد سعت منذ فترةٍ طويلة لعزلها عن المسرح العالمي. 

وتعكس المواجهة صراعاً جيوسياسياً أوسع بين الولايات المتحدة وحلفائها ضد الصين، التي صار نظامها الاستبدادي يقع تحت دائرة الضوء في أعقاب الجائحة التي أودت بحياة حوالي 300 ألف شخص ودمَّرَت الاقتصاد العالمي. وجمَّدَت الولايات المتحدة تمويلها لمنظمة الصحة العالمية، مُدَّعيةً أنها منحازةٌ للصين، حتى أنها اقترحت إنشاء هيئة بديلة عنها. 

ومع كلِّ هذا الضجيج، يتوقَّع معظم المُحلِّلين أن تحصل الصين على دعمٍ من عددٍ كبيرٍ من الدول، من أصل حوالي 200 دولة تشارك في الجمعية، التي تحتاج لعلاقاتٍ جيدة مع ثاني أكبر اقتصادٍ في العالم لدعم نموها المحلي. وعلاوة على ذلك، من غير المُرجَّح أن تتمتَّع جهود استبدال منظمة الصحة العالمية بأيِّ تأييد. 

وقالت ناتاشا قسام، الدبلوماسية الأسترالية السابقة في الصين، وهي الآن زميلةٌ باحثة في معهد لوي في سيدني: "بقدر ما كافحت منظمة الصحة العالمية وكانت موضع انتقادٍ في هذه الأزمة، فإن أيَّ بديلٍ سيبدو مشابهاً بشكلٍ ملحوظ لما لدينا اليوم". وأضافت: "من الصعب تصوُّر هيئة صحية عالمية فعَّالة تستبعد الصين، ومن الصعب أيضاً تصوُّر أن الولايات المتحدة تجعل مشاركة تايوان خطاً أحمر". 

رسالة من ثماني دول بأن استبعاد تايوان يمثل خطراً على الصحة العالمية

وأبلغت الولايات المتحدة وسبعة من حلفائها الرئيسيين منظمة الصحة العالمية أن استبعاد المنظمة المستمر لتايوان قد أثار مخاوف صحية عامة خطيرة خلال أزمة COVID-19.

وتم تسليم رسالة حادة من هذه الدول الثماني إلى منظمة الصحة العالمية، (تم الاطلاع على مسودتها) من قبل الصحافة الكندية، وهي تطلب من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس بالسماح لتايوان بمنح صفة مراقب في اجتماع اليوم.

كما قدم دبلوماسيون من كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا ونيوزيلندا وبريطانيا واليابان والولايات المتحدة (الدول التي شاركت في الرسالة) الطلب شفهياً في اجتماع عقد في 7 مايو/أيار 2020 مع اثنين من كبار المسؤولين الآخرين في منظمة الصحة العالمية، مع مبعوثين من واشنطن وطوكيو.

وقد رددت الرسالة الموجهة إلى منظمة الصحة العالمية تقريراً صدر الأسبوع الماضي من قبل لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين، وهي وكالة تابعة للكونغرس تقدم المشورة بشأن تداعيات الأمن القومي للتجارة مع الصين. وتقول إن استبعاد تايوان المستمر من منظمة الصحة العالمية "يعرض الصحة العالمية للخطر".

وأشار التقرير إلى أن منظمة الصحة العالمية تجاهلت طلبات تايوان المبكرة للحصول على معلومات حول الوباء، والتي قالت إنها تسببت في "تأخيرات حرجة" في كيفية استجابة الدول الأخرى.

يقول التقرير الأمريكي "إن انتشار الفيروس إلى 185 دولة -مع تأكيد أكثر من أربعة ملايين حالة وفاة و286000 حالة وفاة في جميع أنحاء العالم حتى 12 مايو/أيار- يوضح التداعيات المميتة لنفوذ الصين على منظمة الصحة العالمية من أجل الاستعداد لمواجهة الوباء للمجتمع الدولي".

ولو سمحت منظمة الصحة العالمية لخبراء الصحة التايوانيين بتبادل المعلومات وأفضل الممارسات في أوائل يناير/كانون الثاني، لكان بوسع الحكومات حول العالم الحصول على معلومات أكثر اكتمالاً تستند إليها سياساتها الصحية العامة"، حسب التقرير.

تقدم مسودة الرسالة التي بعثت إلى منظمة الصح العالمية تفسيراً حاداً لتلك النقطة: تقول إن نجاح تايوان المبكر في السيطرة على الوباء يؤهلها للحصول على مقعد في اجتماعات جمعية الصحة العالمية، وتطلب الرسالة بشكل أساسي من الوكالة التوقف عن ممارسة السياسة.

وتقول الرسالة: "إن عزلة تايوان عن المجتمع الصحي العالمي لا تمثل فقط مصدر قلق عام للصحة العامة، ولكنها تمثل أيضاً عقبة تعرقل الجهود الجارية والمستقبلية".

الصين تهدد من ينتقدها

ومع ذلك، لا يزال الغضب في بعض دول العالم إزاء استجابة الصين للجائحة حياً، ومن المُرجَّح أن يظهر هذا الأسبوع. وبصرف النظر عن التكتُّم الأوَّلي، أصبح العالم أكثر انزعاجاً من ردِّ الصين ثقيل الوطأة على أيِّ انتقاد. 

أصاب ردّ الفعل الصيني للانتقادات أستراليا على وجه الخصوص، إذ هدَّدَت بكين بمقاطعة منتجات أستراليا وعلَّقَت واردات اللحوم من أربعة مصانع لأسبابٍ "تقنية". ووصفت الحكومة في العاصمة الأسترالية كانبرا تهديدات المقاطعة بـ"الإكراه الاقتصادي"، ولم تتراجع عن دعوتها بإجراء تحقيقٍ بشأن الفيروس. 

الرئيس الصيني شي جين بينغ يصافح رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تورنبل/رويترزالرئيس الصيني شي جين بينغ يصافح رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تورنبل/رويترز

وقال رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، للصحفيين في 8 مايو/أيَّار الجاري: "لا يمكن معرفة أين يتَّجه هذا المسار. وأعتقد أن أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والبلدان حول العالم، ترغب في معرفة ما حدث، لأننا لا نريد أن نشهد ذلك مرةً أخرى". 

وبينما كان الاتحاد الأوروبي لا يزال يعمل على صياغة المقترح في الفترة السابقة على عقد جمعية منظمة الصحة العالمية، قالت المُفوَّضية الأوروبية إن هناك مشروع قرارٍ يدعو إلى "مراجعةٍ مستقلَّة للدروس المُستفادة من الاستجابة الصحية الدولية لفيروس كورونا المُستجَد". 

وقالت أستراليا إن ذلك قد يحدث عبر برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، الذي أُسِّسَ في أعقاب أزمة فيروس إيبولا في العام 2014، ولجنة مراجعة اللوائح الصحية الدولية، التي ساعدت في الاستجابة لإنفلونزا الخنازير في 2009. 

لا لحضورها .. معركة بين الصين والغرب بسبب تايوان في الاجتماع، فمن ينتصر؟ من جانبه، قال تشاو ليجيان، المُتحدِّث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن بلاده "ترفض بشدة" المقترح المُقدَّم لدعوة تايوان لحضور الجمعية، وانتقد الدعوة إلى تحقيقٍ مستقل بشأن منشأ الفيروس واصفاً إياه بـ"المناورة السياسية". 

وأضاف تشاو يوم الجمعة 15 مايو/أيَّار: "تُصِرُّ دولٌ معينة على مناقشة المقترحات التي تتضمَّن تايوان لتسييس قضية صحية عامة". وأضاف: "سيكون من شأن هذا أن يتدخَّل بشدة في تقدُّم المؤتمر ويقوِّض التعاون الدولي". 

وتثق الصين في أن أغلبية البلدان لن تسمح لتايوان بالمشاركة كمراقب، ولن تسمح بكين "على الإطلاق" بفريق تحقيقٍ مستقل داخل حدودها، بحسب ما قاله شي يانهونغ، أحد مستشاري الحكومة الصينية، وهو أيضاً أستاذٌ بالعلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين. 

قال شي: "من الواضح أن موقف الصين الأساسي هو رفض الانتقاد، والتركيز على الجهود التي بذلتها في المعركة العالمية". وأضاف: "وهذا موقفٌ لن تغيِّره الصين، وبالتالي هناك معارضةٌ شديدة لأصوات الاتِّهامات المُوجَّهة لها بالتكتُّم، وأصوات المطالبة بالمساءلة". 

وقال جوليان كو، الأستاذ البارز في القانون الدستوري بجامعة هوفسترا الأمريكية، الذي يدرس علاقة الصين مع المنظمات الدولية، إنه لا يوجد قانونٌ في دستور منظمة الصحة العالمية أو قراراتها أو قواعدها الإجرائية يمنع المدير العام للمنظمة، تيدروس غيبريسوس، من دعوة تايوان إلى الجمعية كمراقب. 

وقال إنه بما أن ما مِن أحدٍ يطلب من منظمة الصحة العالمية أن تدعو تايوان كدولة عضوة بالمنظمة، أو الاعتراف بها ممثلةً للصين، فإن الاستشهاد بقرار الأمم المتحدة لعام 1971 الذي يعترف ببكين "لا ينطبق" على هذه الحالة. 

غير أن أغلبيةً من أعضاء الجمعية من المُرجَّح أن يرفضوا مشاركة تايوان، وفقاً لخاريس تمبليمان، مستشار مشروع تايوان في منطقة المحيط الهادئ والهندي بمعهد هوفر بجامعة ستانفورد. 

قال شي: "إنها حقيقة واقعة في السياسة الدولية الآن أن معظم الدول ليست مستعدة للمخاطرة بعلاقتها مع الصين مقابل اتخاذ إجراءات رمزية لدعم تايوان. وطالما أن بكين تجعل الدول تختار بينهما، فسوف تخسر تايوان". 

وقال سكوت كينيدي، خبير الاقتصاد الصيني بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تشكو من نفوذ الصين في منظمة الصحة العالمية، بالنظر إلى أنها شجَّعَت بكين على الاضطلاع بدورٍ أكبر في المنظمات الدولية لسنوات. 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!