ثلاث دقائق ونصف من الرصاص.. "هآرتس" تفجر مفاجأة وتنشر تفاصيل مجزرة رفح ضد عمال الإغاثة

قبل 5 ساعة | الأخبار | عربي ودولي
مشاركة |

كشف تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مواد جمعها الجيش الإسرائيلي من الميدان تفاصيل جديدة بشأن قتل 12 مسعفا وموظفا إغاثيا في رفح في قطاع غزة.

وقالت الصحيفة إن عناصر من وحدة "سيريت غولاني" أطلقوا النار على قافلة إسعاف في مدينة رفح، وذلك بعد تلقيهم بلاغا عن حركة مكثفة لسيارات الإسعاف في المحور، قبل وقت قصير من الحادثة. وقد استمر إطلاق النار مدة ثلاث دقائق ونصف دون توقف، بما في ذلك من مسافة صفر، مع تغيير الجنود لعدة خزائن خلال إطلاق النار، رغم محاولات الضحايا التعريف بهويتهم.

 

وتظهر مواد جمعت بعد الحادثة، نقل جزء منها إلى فرق التحقيق العملياتي وآلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان، أن القوة تصرفت بدون انضباط عملياتي، وأن روايات أفرادها كانت غير موثوقة أمام قادتهم والمحققين. وتشير هذه المعطيات أيضا إلى أن سلوك القوة عرض الجنود وقوات أخرى في المنطقة للخطر.

وقد نشر هذا الأسبوع ملخص التحقيق الذي أجرته آلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان، بقيادة اللواء المتقاعد يوآف هار إيفن، وذلك في محاولة لصد الانتقادات الدولية التي أعقبت الحادثة التي أسفرت عن مقتل 15 من عمال الإغاثة. 

ونشرت "هآرتس" سلسلة من التفاصيل غير المكشوفة حتى الآن عن تلك الليلة في رفح، والتي تلقي الضوء على تصرفات القوة. وقد نقلت هذه التفاصيل إلى المدعية العسكرية العامة يفعات تومر يروشالمي، التي تدرس الشهادات والمواد التي جُمعت أثناء التحقيق، وستقرر ما إذا كان هناك أساس لفتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية.

وقد وجد التحقيق أن القوة أطلقت النار عن طريق الخطأ في ثلاث حوادث منفصلة على سيارات إسعاف ومركبة تابعة للأمم المتحدة، وأن بعض هذه الحالات خالفت التعليمات. ونفى التقرير العلني للتحقيق المزاعم بأن عمال الإغاثة قُيدوا وأُعدموا، وأكد أن "القوات لم تطلق نارا عشوائية". ومع ذلك، تشير المواد التي تم العثور عليها إلى أن إطلاق النار العشوائي قد وقع بالفعل لمدة ثلاث دقائق ونصف على قافلة مركبات الإغاثة في إحدى الحوادث.

وفي الليلة الواقعة بين 23 و24 مارس، كان الجيش الإسرائيلي يستعد لشن هجوم مفاجئ على حي تل السلطان في رفح، والذي كان مقررًا في 24 مارس. وقد رُصدت في الأيام السابقة للحملة تحركات لعناصر من حماس ينتمون إلى كتيبة رفح، عادوا إلى المنطقة من المناطق الإنسانية في المواسي، حيث كانوا يختبئون، في محاولة لإعادة تنظيم الكتيبة التي تضررت خلال الحرب. وكان من المقرر نشر إعلان إخلاء الحي في تمام الساعة 08:00، فيما كان من المفترض أن يؤدي الهجوم المفاجئ إلى فرار المسلحين من المنطقة.

إقرأ المزيد

غزة: فيديو مقتل عمال الإغاثة جريمة تدوي في وجه الصمت الدولي

وقد كلفت قوة "سيريت غولاني"، التي كانت تعمل تحت لواء 14، بالخروج إلى كمين سري حتى إعلان الإخلاء للسكان المدنيين. وكانت مهمتهم إقامة كمين في المكان الذي توقعت فيه قيادة الجيش أن يحاول عناصر حماس في رفح الفرار إليه بين المدنيين، من أجل استهدافهم.

وخرجت القوة حوالي الساعة الثانية فجرا، وتمركزت على محور يفترض أن يسلكه المدنيون عند إخلائهم باتجاه خان يونس والمواسي. ويوجد في الجيش الإسرائيلي آلية تمكن منظمات الإغاثة التي تعمل في القطاع من طلب المرور في المحاور المغلقة دون أن يتم استهدافهم.

غير أن المحور الذي تمركزت فيه القوة في تلك الليلة كان محورا يسمح فيه بالحركة في ذلك الوقت لفرق الإنقاذ والمدنيين، لذا لم تكن فرق الإغاثة الطبية التي مرت فيه بحاجة إلى إذن مسبق. ويتبين لاحقًا أن البيان الأول الذي أصدره الجيش الإسرائيلي بعد الحادثة استند إلى معلومات خاطئة من القوات على الأرض.

وفي حوالي الساعة 03:30، أبلغت قوة أخرى في المنطقة، بقيادة نائب قائد سرية من اللواء، عبر الاتصال اللاسلكي على مستوى الكتيبة، عن ملاحظة حركة سيارات إسعاف على المحور. ولم يرد في البلاغ أي اشتباه بخصوص تلك السيارات. وكانت قوة "سيريت غولاني" التي استمعت للبلاغ متمركزة على بعد حوالي 30 مترًا من المحور.

وفي الساعة 03:57، مرت سيارة إسعاف على المحور في وضع عادي، مع أضواء وامضة. ولم يكن بمقدور ركّاب السيارة رؤية الجنود الذين تمركزوا في موقع لا يمكن رؤيته أثناء السير على الطريق. وبما أن القوة كانت في "منطقة مشرفة"، أي أعلى من مستوى الطريق، لم يكن بوسع سيارة الإسعاف تنفيذ عملية دهس أو أن تشكل تهديدًا على الجنود، الذين طُلب منهم البقاء مخفيين حتى انطلاق الهجوم الكبير على تل السلطان.

وكانت المنطقة مظلمة تمامًا وقت الحادثة، ولم يكن من الممكن تجاهل الأضواء اللامعة للسيارة، بحسب التوثيق الذي بحوزة الجيش، والذي تم التقاطه من طائرات مسيرة وكوادكوبترات كانت تراقب القوة. وقد قرر نائب قائد وحدة "سيريت غولاني"، وهو ضابط احتياط، من تلقاء نفسه تغيير المهمة الموكلة إليه، وأمر القوة بالاستعداد لإطلاق النار على سيارة الإسعاف المتجهة نحو الكمين. وعندما اقتربت السيارة من موقع القوة، فتح الجنود النار عليها. وقد هاجمت القوة السيارة أثناء إطلاق النار، ما أدى إلى مقتل اثنين من عمال الإغاثة واعتقال شخص ثالث.

وقد حاول أحد الجنود، الذي لا يجيد اللغة العربية، استجواب المعتقل لمعرفة هوية القتلى، وخلص من أقواله إلى أنهم من عناصر حماس. وأبلغ نائب قائد السرية قائد اللواء، العقيد تال ألكوبي، الذي كان في غرفة العمليات، عن إطلاق النار والضحايا. وسأل قائد اللواء إذا ما كانت الحادثة قد كشفت موقع القوة وهددت عنصر المفاجأة في الهجوم الكبير. ورد النائب بأنه يعتقد أن القوة لم تُكشف.

وأطفأ الجنود مركبة الإخلاء والأنوار، وأخفوا الجثث، وعادوا إلى نقطة الكمين ذاتها. وقد ادعى نائب القائد في شهادته أنه لم يكن بإمكانه رؤية أضواء السيارة من مكان تمركزه، وأنه ظن أنها سيارة شرطة تابعة لحماس، ولذلك قرر إطلاق النار، رغم أن ذلك لم يكن من ضمن مهمته. وقد رفضت لجنة التحقيق روايته، وقررت إجراء محاكاة معه في قاعدة مركزية في وسط البلاد لاختبار صحة أقواله. لكن حتى بعد المحاكاة، لم ينجح في إقناع المحققين بروايته، إلا أن اللجنة قبلت أن المكان كان ساحة قتال وأن القوة كانت في حالة تأهب لهجوم كبير، لذلك ركزت اللجنة على قرارات القيادة العامة بدلًا من الخطأ في التعرف على السيارة الأولى.

وبعد إطلاق النار الأول، عادت القوة إلى نقطة التمركز في الكمين، وفق تعليمات قائد اللواء 14، الذي قدّر أن القوة لم تُكشف، وأن عنصر المفاجأة لم يُفقد. وفي الساعة 05:06، اقتربت قافلة من سيارات الإنقاذ، شملت سيارات إسعاف وإطفاء، من موقع الحادثة. وكانت جميع المركبات مضاءة وتُطلق أضواءها التحذيرية، ولم يكن بالإمكان تجاهلها في الظلام.

وادعى نائب القائد في شهادته أنه بعد أن ظن أن قتلى السيارة الأولى هم من حماس، افترض أن القافلة القادمة تتبع لعناصر حماس جاءوا لاستعادة جثث زملائهم وتنفيذ هجوم على القوة. إلا أن هذا السيناريو، الذي يشمل استخدام حماس لمركبات إنقاذ مميزة للتوجه إلى موقع تعلم بوجود قوات إسرائيلية فيه، لم يكن مطروحًا في مجريات الحرب حتى الآن، ولذلك لم يقبل فريق التحقيق ولا قيادة اللواء روايته.

وتوقفت القافلة بالقرب من السيارة المتضررة، وترجل منها الطاقم الطبي باتجاه الجثث الموجودة على الجانب الآخر من المحور، أي في الاتجاه المعاكس لمكان تمركز القوة. وكان أفراد الطاقم يرتدون سترات عاكسة، وأبقوا على الأضواء التحذيرية والسيرينات تعمل لتوضيح وجودهم في المكان وتفادي استهدافهم من قبل الجيش.

وعند توقف القافلة، أمر نائب القائد الجنود بإطلاق النار على المركبات. وقد وجّه الجنود المزودين بالرشاشات لإطلاق النار من مواقعهم، بينما أمر الباقين بالهجوم على القافلة. وكانت المسافة بين الجنود والقافلة 20 إلى 30 مترا، وهو ما مكن الجنود من التحقق باستخدام أجهزة الرؤية الليلية من أن المستهدفين ليسوا مسلحين بل طواقم طبية.

وقد وصل الجنود إلى أفراد الطاقم خلال ثوانٍ، واستمروا بإطلاق النار عليهم بلا توقف لمدة ثلاث دقائق ونصف، مع تبديل خزائن الأسلحة، رغم وضوح عدم وجود إطلاق نار من الطرف الآخر، ورغم صرخات الطاقم التي حاولت تعريف نفسها. وقد حاول بعض أفراد الطاقم الهرب إلى المنطقة المفتوحة، لكن بعد تلك الدقائق الثلاث والنصف من إطلاق النار المتواصل من مسافة قريبة، قُتل 12 منهم.

وكشف التحقيق الميداني الذي أجراه القادة أن أداء القوة في الميدان كان مهملًا، إذ لم يتحرك الجنود بتنظيم عند الهجوم، ومرّ بعضهم في خط نار رفاقهم دون مراعاة المناطق المخصصة لكل جندي، وكان من الممكن أن تقع إصابات في صفوفهم نتيجة نيران صديقة. وقد أيد التحقيق العام هذه النتائج.

وقد أبلغ نائب القائد اللواء عن الحادثة، لكنه زعم بداية أن القافلة لم تكن مميزة ولم تكن تُطلق أضواء، وادعى أن قرار إطلاق النار جاء نتيجة شعور بالخطر، رغم وجود توثيق لدى الجيش يدحض هذه المزاعم. وقد تحدث قائد اللواء مجددًا مع نائب القائد لاستبيان إن كانت القوة قد كُشفت وإن كان عنصر المفاجأة قد ضاع قبل انطلاق الهجوم.

وطلب قائد اللواء من نائب القائد دفن الجثث وسحق سيارات الإسعاف حتى لا تُكشف خطة الهجوم. ولم يُقترح في أي لحظة نقل الجثث إلى إسرائيل أو تسليمها لجهات إغاثة دولية. وأثناء مناقشة الخطوات التالية، وبعد 12 دقيقة من انتهاء الهجوم، وصلت مركبة تابعة للأمم المتحدة على متنها موظف من "الأونروا". ويُظهر التوثيق أن المركبة اقتربت ببطء، بأضواء مضاءة، ومن المرجح أنها وصلت بعد تلقي بلاغ عن إطلاق النار. ولم يترجل موظف "الأونروا" من المركبة ولم يقترب من الجنود، لكن نائب القائد قرر إطلاق النار عليه، وانضم إليه جندي آخر، ما أسفر عن مقتل الموظف.

وفي هذه المرحلة، أدرك الجيش أن القوة قد كُشفت بالفعل، وأن قطاع غزة والمنظمات الدولية أصبحوا على علم بإطلاق النار، لكن دون معرفة تفاصيل الهجوم الواسع. وأمر قائد اللواء القوة بإتمام عملية دفن الجثث والمركبات، ووضع علامات على المكان. وقدّر قادة الفرق في القطاع أن سلوك نائب القائد وقائد اللواء يُشكّل خطرًا على الخطة الهجومية وعلى الجنود، ولذلك تقرر تقديم موعد الهجوم على تل السلطان بساعتين.

وفي الساعة 06:00 صباحًا، تلقى السكان إشعارًا بإخلاء المنطقة. وخلال ساعات الصباح، أبلغ الجيش منظمات دولية عن مكان الجثث، لكن عند وصولهم لم يجدوا شيئًا، واضطروا للمغادرة. وفي اليوم التالي، عاد قائد اللواء إلى المكان، واستخرج الجثث بواسطة معدات هندسية، وغطّاها بالرمل ووضع خيمة لإشارة موقعها. وعندما طلبت منظمات الإغاثة استلام الجثث، كانت العملية قد بدأت، وخوفًا على الجنود، لم يُبلغ عن الموقع إلا بعد خمسة أيام.

وقد أقال رئيس الأركان نائب القائد بعد الحادثة، بسبب مسؤوليته كقائد ميداني وتقاريره غير الدقيقة. كما تلقى العقيد تال ألكوبي، قائد اللواء 14، ملاحظة تأديبية في ملفه الشخصي بسبب الإهمال في التحضير للعمليات.

المصدر: "هآرتس"

أبرز ما جاء في لقاء معالي الدكتور شائع محسن الزنداني مع قناة سكاي...

لا تعليق!